بشائر المجتمع

السليم: الخصومة لا تناسب الجميع.. وأكثر الخصومات فيها فجور

رباب حسين النمر: الأحساء

سلط الخطيب الحسيني الشيخ محمد السليم الضوء على مفهوم (الفجور في الخصومة)؛  مستفتحاً حديثه بالآية الكريمة: (وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ).

وبيّن معنى هذا المصطلح بالمثل الدارج (أرد له الصاع صاعين)، موضحاً أن الخلطاء هم الشركاء في أي أمر يشترك فيه الإنسان مع الآخر، مثل: الزوج والزوجة والأبناء، وصديق العمل والصاحب، فكلهم مخالطون.

كما أشار الشيخ السليم أن بين المخالطين جهات اتفاق، وجهات اختلاف، معزياً عدم التطابق بينهما إلى اختلاف الميول والأمزجة.

وأضاف: “في الأمور الاختلافية كلٌ يجر النار إلى قرصه، وكل يريد أن يكون هو أولاً، وهنا تبدأ الخصومة، وهذا أمر طبيعي لاختلاف الناس في ميولهم وأمزجتهم ولكن الخصومة لا تناسب الجميع، فهناك شخصيات لا يناسبها مراجعة المحاكم ولا دخول مراكز الشرطة، فيقومون بتوكيل محامٍ، أو ينوب عنهم أحد لمراجعة مراكز الشرطة”.

ولفت الشيخ السليم إلى أن القرآن الكريم يشير إلى أن أكثر الخصومات بين الشركاء فيها فجور بالخصومة (كثيراً من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات) وأن الذي يمنعهم من الفجور في الخصومة هو الإيمان (عقدي داخلي) والعمل الصالح (عملي خارجي) ولا بد من تطابق العمل والعقيدة، وإن اختلفا فأحد مسميات الاختلاف بينهما هو النفاق، ومن هنا أشار النبي محمد صلى الله عليه وآله إلى أن الفجور في الخصومة من علامات النفاق في قوله: (أربع من كُنَّ فيه كان منافقاً خالصاً، ومن كانت فيه خُلَّة منهن كانت فيه خُلَّة من نفاق حتى يدعها: إذا حدَّث كذب، وإذا عاهد غَدَر، وإذا وعَدَ أخلف، وإذا خاصم فَجَر)) حيث يلازم القرآن بين العمل والعمل ( إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات).

ثم أشار إلى قول أمير المؤمنين عليه السلام: «مَن بالَغَ في الخصومة أَثِم، ومَن قَصَّر فيها ظَلَم، ولا يستطيع أن يتّقيَ اللهَ مَن خاصم » مبيناً أن الرادع هؤلاء المؤمنين عن الخصومة هو
إيمانهم وهم قلة (وقليل من عبادي الشكور).

ولفت الشيخ إلي بيان بعض مظاهر الجور، حيث اكتفى بثلاثة مظاهر، هي:

١-الخصومة بين الزوجين، حين اختلافهما، ووصولها أحياناً إلى الطلاق الذي هو آخر الحلول، والطلاق تسريح بإحسان.
وتكون الخصومة بتبرير الطلاق أمام الناس،وذلك بذكر الأسباب والمزايدة عليها حتى يكون مقنعاً أمام الناس، وهذا لا يجوز شرعا، وإيمان الإنسان هو الذي يمنعه من ذكر ذلك.
وقد ينتقل الفجور في الخصومة إلى الأطفال وحق حضانتهم
ومنع الزوجة من رؤية أطفالها، أو العكس.
ثم انتقال الخصومة لأهل الطرفين ووقوع المشاكل بينهم بسبب الطلاق، والمانع من كل ذلك هو الإيمان. (ولا تنسوا الفضل بينكم.)

٢- الأصدقاء وما بينهم من خلافات قد تتحول إلى عداوة، وعداوة الأقرباء تصبح ضروساً حيث تتحول إلى عداوة كلامية، وشجار، وفضائح كلامية، وقطع أرحام، والمانع من هذا كله هو الإيمان.

٣- الاختلاف الفكري الذي قد يصل إلى العداوة، وهذه كارثة، لأن الدين يقربنا ولا يفرقنا بسبب إعطاء الأمور أكثر مما تستحق، وإخراج الطرف الآخر من الملة، حيث لا يجوّز المراجع العظام إخراج أحد من الملة بسبب خلاف عقدي، فقد يكون بسبب شبهة.

وختم الشيخ السليم حديثه بالإشارة إلى ضرورة الاقتداء بسيد الشهداء عليه السلام في هذه المسألة، منه خلال موقفه من الحر الذي كانت مهمته عدائية، فهو يجوب الصحراء من قبل ابن زياد لأسر الحسين وإيراده إلى ابن زياد أو جعله يلجأ إلى مكان دون ماء، ولكنه عندما التقى بالحسين عليه السلام في الطريق وكظ العطش جيشه، أمر الإمام الحسين عليه السلام بتقديم الماء لهم (ورشفوا الخيل ترشيفاً) والحسين عليه السلام يعلم بالحر وبمهمته، وشأننا شأن أئمتنا وهم حججنا يوم القيامة وهكذا صنع الإمام مع الحر، رغم قولهم له في كربلاء (لن تذوق الماء حتى تموت عطشاً).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى