أقلام

حادثة المفقود العبيدي

صالح المرهون

اختفى يوم السبت الماضي الحاج/ سعيد علي العبيدي، خادم أهل البيت(ع) حيث خرج من منزله في اليوم المذكور الساعة السادسة صباحًا، وناشدت عائلته أهالي المحافظة عامة وأهالي القديخ خاصة بالبحث عنه.

وبعد عدة ساعات من أختفائه، تم العثور عليه متوفيًا بصورة غامضة، وأثارت هذه الواقعة الحزن العميق لدى أهل المحافظة عامة والقطيف خاصة، كما أن أسباب الوفاة لم تكشف حتى الآن.

الموت ليس معناه تصور كيفية الموت وعلى أي نهاية سيكون، بل إن المؤمن لا يبالي على أية حالة تكون ميتته ما دام مؤمنًا ومسلمًا أمره إلى الله سبحانه وتعالى، وسائر على الطريق الصحيح، وهذا بالتأكيد لا يعني عدم طلب الشهادة،لأن الشهادة هي الخاتمة السعيدة ولها كيفيات متتعددة. فالمؤمن لا يهتم بكيفية شهادته أو على أي حالة توفي، كما كانت نهاية الحاج سعيد العبيدي رحمه الله، فأتصور بأنه لم يكن يخاف الموت.

عندما يذكر الإنسان الموت فهو يتصور نهاية الأشياء كلها ونهاية حياته الدنيوية بشكل خاص، أي أن فرصته في الحياة الدنيا محدودة وبعدها سينتهي كل هذا التفاعل بكل حسناته وسيئاته، وستبدأ مرحلة جديدة هي حصاد نتيجة الأعمال.

إن كثرة ذكر الموت يجعل فكرة انتهاء الحياة له ولغيره فكرة راسخة تصل إلى عقله الباطن، وبالتالي فإن سلوكه سيكون من حيث لا يعي ظاهرًا على منوال محمد وآل محمد عليه وعليهم الصلاة والسلام، وبالتالي سيحد من فورة الشهوات، ويتخلص من براثن الأنانية الرهيبة، سيكون مستعدًا للتضحية في سبيل دينه، وستكون المصائب التي تصادفه أقل تأثيرًا عليه، وسيسلك فيها وفي غيرها سلوكًا أقرب إلى الله وإلى الرزانة والحكمة، بل إن الحكمة ستفتح أبوابها أمامه، لأنه بدأ ينظر إلى مدى أبعد وأشمل وأنفع، وهذا هو عين الحكمة والرزانة، وهكذا كان الفقيد أقرب إلى الله وإلى الحكمة والرزانة، وأقصى ما يخاف منه الإنسان في الحياة هو الموت، والموت حق، ولكن الخوف له ما يبرره عند بعض الناس، ولا مبرر له عند آخرين، أما من لم يؤمن بالله، ويرى أن الحياة الدنيا هي الغاية والوسيلة، فبالتأكيد سيخاف جدًا من الموت لأنه يعني بالنسبة له انتهاء الحياة وانتهاء كيانه بالكامل، أما المؤمنون بالله فهم على درجات، فمنهم من يردد(أما آن تخضب هذه من هذه)وأن الموت آنس له من الطفل بثدي أمه، إلى (فزت ورب الكعبة)، ومنهم من يتسابق للموت وتحصيل الشهادة كأبطال الطف، وهم قافلة ممتدة منذ بدر وأحد حتى يوم الانتصار الكامل على تفاوت في درجاتهم وإيمانهم.

(أني لا أرى الموت إلا سعادة) كما يقول الإمام الحسين(ع)، ومن المؤمنين من يخاف الموت، وهذا غير لائق به، ويجعل بعضهم الموت أمرًا عظيمًا وجللًا، فالمؤمن لا يخاف الموت، لأسباب بسيطة: لأنه ملاقيه لا محالة، فخوفه لن يجعل الموت بعيدًا عنه، فالموت حق وواقع عليه وسواه، الموت من أمر الله سبحانه وتعالى، وكل أمر الله خير له ولغيره، فالله لا يفعل إلا ماهو الخير، وما دام المؤمن في سبيل الله فهو لا يخاف ولا يرهب الموت، بل يرضى بما اختاره الله له،

(لالدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون)

الموت على المؤمن يسير، لأنه يؤمن بالغيب وكثرة التفكر في حقائق الموت وما بعد الموت، وهذه أفضل السبل لتهوين الموت على المؤمن، فكلما كان إيمانه بالغيب أكبر لم تذهل روحه عند الانتقال إلى عالم البرزخ الرهيب، أما غير المؤمن فإن الموت صعب بالنسبة له، حتى لو أمن بالغيبيات، بل هو هوة سحيقة لا قرار لها، إن الموت للمؤمن كأطيب ريح يشمه فينعش لطيبه، وينقطع التعب والألم كله عنه، وللكافر كلسع الأفاعي ولدغ العقارب، أو أشد.

تغمد الله الفقيد بواسع رحمته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى