أقلام

المبدعون يستمتعون بأوقات فراغهم أكثر مما يستمتع به غيرهم

ترجمة: عدنان أحمد الحاجي

توصلت دراسة أجراها باحثون من جامعة أريزونا إلى أن المبدعين يستفيدون على الأرجح من أوقات فراغهم اليومية أقصى استفادة في استكشاف أفكارهم. 

وجدت الدراسة ، نُشرت في مجلة بحوث الإبداع(1) Creativity Research ، أن المبدعين على الأرجح يستخدمون أوقات فراغهم بشكل مثمر باستكشاف توارد أفكارهم، حيث تستدعي الفكرة  فكرة أخرى أو أفكارًا أخر. وجد الباحثون أن المشاركين في الدراسة الذين كانوا أكثر إبداعًا لم يشعروا بالملل عندما جلسوا في غرفة بمفردهم. وأثناء جائحة كوفيد-19، وهي الأزمة  التي شهد فيها العالم فترات طويلة من الأوقات غير المنظمة / المنتظمة، كان المبدعون أقل مللًا وأكثر انخراطًا في استكشاف أفكارهم.

“أنا مهتم بشكل خاص بالإبداع لأننا أردنا معرفة ما يدور في أذهان المبدعين ، خاصة في الحالات التي لا يوجد فيها ما يشغلهم ويحد من  توارد أفكارهم”، حسبما قال المؤلف الرئيس للدراسة كوينتين رافايلي Quentin Raffaeli، طالب الدراسات العليا في قسم علم النفس في جامعة أريزونا.

في علم النفس وعلم الأعصاب، معظم الدراسات التي أحريت في  الأفكار البشرية حفزت المشاركين على التفكير بطريقة معينة أو طلبت منهم الإبلاغ عن الأفكار التي تواردت اليهم، ولكن لا يُعرف الكثير عن كيف انبثقت الأفكار بشكل طبيعي وتكشفت بمرور الوقت بدون أن يقال لهم أو يُطلب منهم ذلك، كما قالت جيسيكا أندروز حنا Jessica Andrews-Hanna، الأستاذ المشارك في قسم علم النفس ومؤلفة الورقة البحثية.

“هنا تأتي أهمية دراستنا” كما قالت أندروز حنا.

قالت أندروز حنا إن التاريخ مليء بالحكايات عن باحثين وفنانين وفلاسفة بارزين كانوا يستمتعون بتوارد الأفكار لو تُركوا بنفردهم، وغالبًا ما ولَّد هؤلاء بعضًا من أفضل أفكارهم أثناء أوقات فراغهم.

“في مجتمع يومنا هذا المهووس بالأجهزية الرقمية، الوقت الذي يقضيه المرء بمفرده يستكشف أفكاره، بدون إلهاءات أو مشتتات أو ملهيات، قد أصبح سلعةَ نادرةً”.

قسَّم الباحثون الدراسة إلى تجربتين. في التجربة الأولى ، طلب الباحثون من كل مشارك الجلوس بمفرده في غرفة لمدة 10 دقائق بدون استعمال أجهزة رقمية.  بلا أي نوع من التحفيز، طُلب من المشاركين التعبير عن أفكارهم بصوت عالٍ في الوقت الفعلي. تم بعد ذلك حررت الملفات  المسجلة لهذه الجلسات  التي ضمت 81 مشاركًا ومن ثم حُللت.

قيَّم الباحثون إبداع المشاركين باستخدام “اختبار التفكير التباعدي(2)“، وهو اختبار لفظي يُجرى داخل المختبر ويقيس قدرة الفرد على التفكير خارج الصندوق.  المشاركون الذين كان أداؤهم أداءًا جيدًا في اختبار التفكير التباعدي كانت لديهم أفكار تتوارد بحرية وكانت مترابطة مع بعضها بعض، وغالبًا ما كان تُذكر خلال  تلك الجلسات عبارات مثل عبارة: “هذه الفكرة ذكرتني بكذا وكذا” أو عبارة “بالحديث عن هذه الفكرة / هذا الموضوع،  جاء على بالي كذا وكذا “.

“على الرغم من أن لدى العديد من المشاركين ميلًا إلى القفز من فكرة الى أخرى تبدوان غير مترابطتين ببعضهما ببعض، إلَّا أن المبدعين قد بدتعليهم بشكل أكثر  أمارات التفكير بنحو اقتراني  [توارد أفكار مترابطة ببعضها]” كما قالت رافائيلي.

وجدت التجربة الأولى أيضًا أن المبدعين كانوا أكثر انخراطًا في استكشاف أفكارهم عندما تُركوا بمفردهم دون أي عوامل تشتت انتباههم، مثل أجهزة الهاتف الخلوي والإنترنت.

“قيَّم المبدعون أنفسهم على أنهم كانوا أقل مللًا، حتى خلال تلك الدقائق العشر. وتكلموا أيضًا بشكل عام  بكلمات أكثر مما تكلم به غيرهم ، مما يشير إلى أن أفكارهم كانت على الأرجح تتوارد بحرية” كما قالت أندروز حنا .

لاستكمال النتائج الأولية التي حصلوا عليها، وسع الباحثون دراستهم في سياق فترة زمنية أطول بكثير – خلال جائحة كوفيد-19 – عندما كان كثير من الناس بمفردهم يستكشفون في الغالب أفكارهم.

بالنسبة للتجربة الثانية، أجاب أكثر من 2600 شاب على الأسئلة باستخدام تطبيق علي الهاتف الذكي طورته أندروز حنا وطالب الدراسات العليا إيريك أندروز Eric Andrews يسمى نافذة العقل(3) Mind Window. أفاد المشاركون، الذين عرّفوا بأنفسهم بأنهم مبدعون، بأنهم لم يشعروا بالملل أثناء الجائحة.

قالت أندروز حنا: “نظرًا لأننا أصبحنا مرهقين ونعمل بأكثر من طاقاتنا ومدمنين أجهزة رقمية، أعتقد أننا بحاجة إلى القيام بعمل أفضل في منازلنا وأماكن عملنا ومدارسنا وذلك بتخصيص وقت للراحة لاستكشاف أفكارنا”.

يواصل الباحثون هذا النوع من الدراسة باستخدام تطبيق Mind Window. ويشجعون الناس على تنزيل التطبيق واستخدامه لمساعدة الباحثين على فهم كيف يفكر الناس من جميع أنحاء العالم في حياتهم اليومية.

وقالت أندروز حنا: “إن فهمنا لماذا يفكر مختلف الناس بالطريقة التي يفكرون بها قد يؤدي إلى تدخلات علاجية واعدة لتحسين الصحة والرفاهية”.

مصادر من داحل وخارج النص:

1- https://www.tandfonline.com/doi/full/10.1080/10400419.2023.2227477

2- “التفكير التباعدي divergent thinking هو عملية تفكير تستخدم لتوليد الأفكار الإبداعية من خلال استكشاف العديد من الحلول الممكنة في فترة قصيرة من الزمن، عادة بطريقة عفوية عند التدفق الحر لسلسلة لافكار بطريقة غير منتظمة.  وبعد ذلك ترتب وتهيكل هذه الأفكار بتوظيف أساليب التفكير التقاربي، والذي يستخدم مجموعة معينة من الخطوات المنطقية للوصول إلى حل واحد وهو، في بعض الأحيان، الحل الصحيح. مقتبس بتصرف من نص ورد على هذا العنوان:

https://ar.wikipedia.org/wiki/تفكير_تبايني

3- https://news.arizona.edu/story/app-unlocks-mysteries-mind

المصدر الرئيس:

https://news.arizona.edu/story/creative-people-enjoy-idle-time-more-others

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى