أقلام

زواجات زمن الكورونا .. ماذا بعد فتح العدد بالقاعات؟

كمال الدوخي

تدور نقاشات حامية في كل منزل يتهيأ لزفاف عروس أو عريس في هذه الأيام، وبعد فتح الأعداد أمام الحضور، والسؤال الأهم هل بالإمكان أن ندعو الجميع لحضور الزواج؟ (بالتأكيد أقصد المحصنون فقط).

هنا يأتي النقاش عن هل سيتقيد الجميع بعدم إدخال غير المحصن؟، هل ستضبط سلوكيات الحضور بارتداء الكمامة؟، ماذا عن قاعة الطعام والتباعد هناك، ويبدأ القلق يرتفع وأصوات الأسرة تتعالى وهناك من يعلن انسحابه/انسحابها من حضور الحفل قلقاً على صحتها وصحة أولادها وبناتها، وتلك تؤكد بأن معشر النساء لا يلتزمون بالإجراءات الصحية، وهذا يؤكد بأن كثير من الرجال غير محصن ويأتي وتخجل أن ترده إن كان من أهل العروس أو من أهل العريس كي لا تصبح مشكلة بين الزوجين لأجل مدعو لا يريد التقيد.

حيرة وقلق لا يمكن تجاوزه، والجميع محق، المتساهل يريد أن يرفه عن نفسه، والمتشدد بالاحترازات بالتأكيد قلقه مبرر، خاصة في أوساط الأسر التي فقدت أحبابها بفايروس كورونا، يقول والد عريس “لا أعلم كيف أدخل والدي (جد المعرس) إلى قاعة مكتظة بالحضور، ونحن حاولنا إقناعه بعدم الذهاب للمسجد وهو في هذا العمر وحالته الصحية لا تسمح”، الرجل يشعر بالخجل أن يطلب من والده عدم الحضور لقاعة زفاف أول حفيد له، خشية الزحام وعدم التقيد بالإجراءات.

الأسبوع الماضي دعيت لزواج لم أحضره للأسف، لأني كنت أراعي الأعداد ووجدت أن الأولوية للأقارب والأصدقاء المقربين، إلا أن والد العريس اتصل معاتباً بأنه حسب أعداد الحضور، وأن الزواج كان في مساحة مفتوحة وليست داخل القاعة مراعاة للاحترازات الصحية، الرجل على الرغم أنه رجل أعمال زوج ابنه في منتجع كي يراعي الاحترازات وحصر عدد الحضور وكان بإمكانه فتح الأعداد، وفي مكان مفتوح مستفيداً من الأجواء الجميلة هذه الأيام وهي فكرة جيدة نوعاً ما، لكن الأجواء متقلبة لدينا بالشرقية بين الرطوبة والاعتدال وربما تفاجئ بشيء من المطر أو الغبار، ولا يمكن التعويل عليها.

ربما علينا مراعاة جوانب عديدة في زواجات زمن كورونا، منها تغيير شيء من العادات، ومنها إيجاد حلول تنظيمية تمنع التزاحم في قاعات الأفراح. ومن الحلول التأكيد في بطاقة الدعوة بأن الحضور محصور على المحصنين بجرعتين، وأن يتناوب المدعوين لحضور الزفاف، وهو أن يأتي الضيف ويذهب للتهنئة مباشرة، ثم يأخذ ما يتم تقديمه من الضيافة ويبقى لفترة وجيزة ويخرج لترك المجال للآخرين، أي بمجرد دخول ضيف جديد يرحل أول من قدم بين الحضور دون أن يشير عليه أحد بالخروج، بينما يترك مساحة في القاعة للضيوف من خارج المدينة، ومساحة أخرى لأقارب العرسان للبقاء لآخر الحفل وتناول وجبة العشاء بعدد مقتصر على الضيوف من خارج المدينة وأقارب العرسان المقربين.

ودون احراجات أو استثناءات لأن استثناء شخص يتسبب باستثناء آخرين، وكل شخص من أهل العرسان يستثني صديق أو قريب ليصبح العدد أضعاف مضاعفة. (ولعلنا نحتاج لقائمة الأشخاص الذين يأتون دون عزيمة في كل الزواجات ودون معرفة مسبقة ونعممها على قاعات الأفراح).

علينا التنازل عن العادات التي لا معنى لها، حفل خطوبة، وحفل الحناء، وحفل زواج وحفل تباريك للعروسة يوم ثاني الزواج!!، والاكتفاء بحفل الزواج، لتخفيف الأعباء المالية، والتي لو تم صرفها فيما يجب صرفه من أثاث وسكن. بل أننا نمر بفرصة ما ألزمتنا به الجائحة، فلما العودة لمثل هذه العادات السيئة والتي تحمل مظاهر البذخ والإسراف.

لن تذكر الناس كل عمليات البذخ والإسراف، ما سيذكرونه أنك تزوجت وحضروا زواجك وانتهى، فلا تلزم نفسك فوق طاقتك، وكل ريال يصرف أنت وعروسك أولى فيه. كثير من الشباب يلزم نفسه وأبيه بديون لأجل حفلة تنتهي في ساعات وتبقى تبعاتها لسنوات لتسديد فاتورة حفل زواج.

أعتقد بأن زمن كورونا منحنا درس كبير بأن الزواجات لا تتوقف على حفلة زواج، وأن الكثير تزوج في فترة لم يكن يسمح لهم بالتجمع داخل البيت الواحد ومن أسرة واحدة، وأذكر عدد من الشباب ممن تزوجوا بحضور الأمهات والآباء فقط وبعض من أخوتهم وليس الكل، وقد تزوجوا ولم يتسبب أحد منهم بانتقال الفايروس لأحد، ولم يعتب عليه أحد والكل تمنى لهم الخير والسعادة والذرية الصالحة، وعدد منهم الآن أصبحوا آباء ويعيشون أجمل أيامهم.


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى