أقلام

البيت مكان للحب والمشاعر والذكريات الجميلة : لماذا نسيء فهم الاستشارات الزوجية ؟

المترجم: عدنان احمد الحاجي

غالبا ما ينشغل بعض الناس هذه الأيام بنوع من التقييم الذاتي حيث يضعون فيه تفاعلاتهم البينية وعلاقاتهم ووظائفهم وهوياتهم تحت المجهر.

الأسئلة الكبيرة مثل “من أنا؟” و ” ماذا أريد أن أكون؟” يمكن القول انها أصبحت أكبر مشروع في الحياة للجميع. كل ذلك يتطلب تفكيراً وعملاً لا ينتهي لإحراز تغير شخصي.

هذا الذي يسمى بظاهرة العصر الحديث ل “إبراز النفس [ابراز الهوية الشخصية]” له نُقادُه، حيث يرى البعض أن زيادة التركيز على الأفراد لم تفعل سوى القليل في مرعاتها للثقافة أو الطبقة الاجتماعية ، على سبيل المثال. على الرغم من هذه الانتقادات، هناك اعتقاد عام بأن النظرة الى داخلنا “وما عملناه” لتغيير أنفسنا سيحسِّن من حياتنا وسعادتنا وعلاقاتنا الحميمية.

يمكن أن يُنظر إلى ترويج هذا المفهوم فيما يسمى بأدبيات “التنمية الذاتية” وهي صناعة تُقدَّر بمليار دولار والتي بُشرت بها العلاقات الرومانسية بين الأشخاص بعصر نهضة مزدهر. لا شك أن العلاقة الحميمية تقع تحت مفهوم المساعدة الذاتية ، حيث أن مفهوم وأنماط الارتباطات الرومانسية هي جزء لا يتجزأ من الأفكار العلاجية للذات.

إذن ماذا عن الاستشارات الزوجبة (التوحيه الأسري للزوحين)؟

الكثير مما يُجرى من استشارات زوجية (أو التوجية الأسري للزوجين) مستمد من الفكرة التوجيهية نفسها. وهي مصممة لمساعدة الأزواج الذين ليسوا على وئام ليجدوا أرضية مشتركة في مواجهة تحديات الحياة. العلاج يبشر بإزالة العوائق التي تحول دون التواصل بين الزوجين، وبهذه التوجيهات، تتحسن العلاقات العاطفية ومبررات الوجود ويزول التوتر.

تكهن عالم الاجتماع البريطاني فرانك فوريدي Frank Furedi أن التحول إلى الاستشارات الزوجية من أجل مجموعة من القضايا اليومية هو على حساب المجتمع. وهذا يعني أنه بدلًا من تخليص الأشخاص، فإن هذه (الاستشارة أصبحت جزءاً لا يتجزأ من الثقافة مما جعلها تخلق “عجزاً عاطفياً (العجز / النقص في معالجة المشاعر)” على اثرها. [المترجم: العجز في معالجة المشاعر مُلاحظ في العديد من الاضطرابات وينتج عنه صعوبات في تنظيم المشاعر وعلى المستوى الإدراكي يؤدي إلي تحيزات مقصودة وضعف في التعرف على التعبيرات العاطفية).

يبقى انهيار العلاقة بين الزوجين سمة ثابتة في العصر الحديث. لكن على الرغم من ارتفاع معدلات الطلاق، فإن الأزواج الاستراليين لا يزالون يعترفون رسميًا بالشراكة الحياتية من خلال الزواج والالتزامات الأخرى .

في الوقت الحالي لا توجد وسائل مجدية لتحسين جودة العلاقة بمعزل عن الاستشارات التقليدية . الابتعاد عن المقاربة التي تركز على نقاط الضعف المتصورة عن الأفراد أو المجموعات – تركز فقط على التجارب / الممارسات التي تنطوي على علاقات إشكالية – وهذه تعني طرح أسئلة بحثية جديدة. وذلك بدلًا من السؤال عن “كيف ساءت الأمور بينهما؟” بالنسبة ، للزوجبن المنفصلين، فإن السؤال ينبغي أن يكون “كيف سارت الأمور بينهما على ما يرام ؟ بالنسبة للزوحين اللذين لا زالا مستمرين في علاقتهما؟ ” لها قدرة على تقديم رؤى جديدة يمكن تطبيقها على الأزواج الذين يرغبون في تحسين جودة العلاقة بينهما.

دراسة الحب الراسخ

في المملكة المتحدة، مول مجلس البحوث الاقتصادية والاجتماعية دراسة تسعى إلى فهم كيف يستمر الأزواج معًا في القرن ال21 . و استخدمت نتائج الدراسة الاستقصائية التي اجريت في المملكة المتحدة في كل من الولايات المتحدة وأستراليا.

احد النتائج الرئيسة من الدراسة كانت على ما يبدو تتمثل في أهمية التفاتات الحياة اليومية البسيطة بين الازواج. فقد لوحظ ان تحضير كوب شاي أو تحضير العشاء لشريك الحياة، على سبيل المثال، هو بمثابة علاقة ايجابية بين الجانبين.

معظم المشاركين من أستراليا يعانون من مستوى ما من التوتر النفسي المعتبر في حياتهم، حيث عانى الغالبية مؤخرًا من حدث غيَّر حياتهم، كمرض حاد أو تسريح من العمل أو فقدان وظيفة. في ضوء ذلك، يبدو أن الالتفاتات اليومية البسيطة بشأن الحياة في المنزل هي بمثابة نوعٍ من اللقاح ضد الأحداث الصادمة.

ومن الواضح أيضا أن الأزواج يرون البيئة المنزلية باعتبارها بوتقة تنصهر فيها العلاقة – المنزل هو المكان حيث تُتخذ فيه القرارات اليومية، ويقوم قاطنو هذا المنزل بمسؤلياتهم ويعيشون فيه إلى آخر حياتهم. في هذا السياق، يصبح المنزل مكانًا لبناء العلاقات، ويعدُّ تدفق التفاعلات اليومية بين الزوجين شريان حياة هذا المنزل.

التدخل الجديد؟

ومع ذلك، يستمر الأزواج في الذهاب الي عيادات الاستشارة الزوجية لحل الخلاف بينهم، بدلاً من أن يجلسوا في المنزل حيث يستطيعون فيه أن يناقشوا مشاكلهم بحرية أكثر. ولو كانوا يرغبون في تجربة الحديث خارج المنزل، يستطيعون أن يخرجوا بالسيارة أو مشيًا على الأقدام بين أحضان الطبيعة وحفيف الأشجار.

بنفس الطريقة، العلاقات البينية لا يمكن الاحساس بها بشكل مناسب في حدود عيادة الاستشارات الزوجية . الفضاء العام في علاج المشاكل لا يمكن أن يقارن بالشعور بالعلاقة وهي في بيئتها الطبيعية، حيث يعيش الزوجان نكهة التفاعلات البينية وكل منهما يقوم بمسؤليته ويستمتع بالأنشطة اليومية البسيطة ويتبادلا اشارات الحب الرمزية بينهما.

لذلك ربما نكون قد أسأنا فهم الاستشارات الزوجية. بالاستفادة مما نعرفه من الدراسة الدولية في بناء علاقات طويلة الأمد، يجب أن يكون التوجيه الأسري (الاستشارات الزوجية) مستنيرًا بالمرونة النفسية لأولئك الذين تمكنوا من الحفاظ على علاقات طويلة الأمد أُنجزت في البيت.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى