أقلام

المنهج القاصر

صالح المرهون

الكل يتحدث عن ضرورة تغيير منهج الدراسة الدينية حتى يتواكب مع تطورات الزمان وتغير الأفكار، ولكن القليل جدا من يسعى إلى ذلك، إن الإنسان اليوم ليس نفسه الإنسان في الماضي، والظرف الآن ليس نفسه الظرف في الماضي، ولكل ظرف موجبات معينة وأساليب معينة يجب الأخذ بها للوصول إلى النجاح في المسألة أيًا كانت المسألة، ولذلك المواضيع المطروحة في البحث مواضيع فقيرة في النوع، وفيها بعض القصور في الطريقة، وهناك تغيير يحدث في هذا الاتجاه، ولكن للأسف هو تغيير بطيئ وخجل. إن وسيلة البحث الديني في عصرنا هي وسيلة قاصرة وغير معاصرة تجعل من طالب العلم بمعزل عن التيارات والساحة الفكرية في مجتمع الأرض، وهذا مناف لغاية العلم وبدايته أيضًا، فالفكر الإسلامي نبع من تفاعل الأفكار السائدة في ذلك الوقت وأشرف عليها ونظمها وسن سننًا جديدة في تطبيقاتها في ذلك الوقت، تحمل الطريق الأفضل والأوحد للمجتمع البشري، واستن كذلك سننًا عامة هي كفيلة باختيار الطريق الأمثل للبشر حتى يوم القيامة إذا أحسن تخصيصها، ولذلك فإن دراسة العلم يجب أن تستحدث دائمًا في كل زمان وفي جميع الاتجاهات، حتى بالألفاظ المستخدمة في عملية الشرح، لأن دلالات الألفاظ والمقاصد يمكن أن تتغير. إذا لابد من الإيصال الناجح.
المهم هو إيصال الفكرة،
ولكن ماهي الوسيلة المناسبة لذلك؟
فالوسائل لتوصيل الأفكار والتأثير في الناس متعددة من خطب وكتابات ومرئيات ومسموعات، فما هي أكثر الوسائل فعالية في الوقت الحاضر والمستقبل لإيصال المعلومة؟
يعتمد نجاح التوصيل في هذه الأمور على المادة الموصلة وأهميتها في الواقع وطريقةنقلها، والعنصر المهم الوضع النفسي للمسقبل، وبما أن الوضع النفسي متغير إذن الوسيلة في أن تكون ناجحة إلى الحد الأعلى يجب ألا تكون واحدة، بل متغيرة مع ثوابت عامة، هذا أولًا.
وثانيًا: أنجح السبل ووسائل التوصيل ماكانت بسيطة وواضحة للإدراك عند المقابل، أي بسيطة وليست معقدة، لأنها إذا كانت معقدة فإن نفس المستقبل لا تستسيغها، حتى لو اقتنع بها فيما بعد فإن جزءًا يسيرًا من الكرة يبقى في النفس، وهنا دخلنا في عوالم العقل الباطن أو مايسمى هكذا، إذن الوسيلة يجب أن تكون واضحة وأخاذة بمختلف أسباب الأخذ هنا.
وثالثًا: يجب أن تكون مقنعة حتى تنفذ إلى داخل النفس.
ورابعًا: وهو العنصر المهم أيضًا يجب التنوع في توصيلها حتى تنحفر في الذاكرة، أي حبذا لو كانت مسموعة ومقروءة ومرئية، لأن هذا التعدد لهدف واحد يزيد من عزم هذا الأمر داخل نفس المتلقي، حيث يحدث نوع من التكامل ينسجم مع عوامل تفكير الإنسان، والإنسان يفكر بالصورة والصوت وعوامل أخرى، ذلك بالنسبة للطريق الأنجح،
أما بالنسبة لأقصر الطرق وأبلغها بالنسبة للتركيز فهي معادلة صعبة، فالقصير هنا يجب أن يكون بسيطًا ولا يحتوي على إضافات، وهذا يلغي عامل التكامل في نقل المعلومة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى