أقلام

كمامة في الأزمة تكشف حقيقة المعادن البشرية

كمامة في الأزمة تكشف حقيقة المعادن البشرية
On Crisis, a mask reveals naked faces

في مطلع عام ١٩٩١م ، مع حرب تحرير دولة الكويت ، نشبت أزمات عاطفية داخل بعض الأسر بسبب شح أقنعة الحماية من الغازات الكيميائية ، أو توفرها بكمية لا تفي احتياج كافة أفراد الأسرة ، حيث كان العالم خائفاً من الغازات الكيميائية التي من المحتمل أن يطلقها حاكم العراق آنذاك (صدام) ضد دول الخليج ، ومواطنيه .
ومضت الأمور الى خير بحمد الله ، وتم تحرير الكويت ، و لم يحدث إطلاق صواريخ محملة بغازات كيميائية .

ومع وجود إخفاقات عديدة في توريد الأقنعة الحافظة من قبل التجار يومذاك ، إلا أنه لم تتم معالجة تلك المعضلة بشكل جذري ، وبرزت الحاجة إلى إنشاء مصنع يقوم بإنتاج كل أنواع الكمامات و الأقنعة الوقائية .

وقد مر العالم خلال ثلاثين عاما الماضية بأزمات وبائية، وكارثية عديدة ، مثل : وباء فيروس الطيور ، ووباء فيروس الخنازير ، ووباء فيروس القدم والأرجل ، ووباء فيروس جنون البقر ، و أزمة فيروس كورونا الجديد مؤخراً .
وفي كل مرة يتم الكشف عن وباء جديد ، تتكرر الحاجة إلى الكمامات الطبية ، وغير الطبية طلباً لحماية كل فرد لنفسه من احتمال التعرض لفيروس ذاك الوباء.

وفي الأزمة العالمية الحالية، قدم الفيروس المدعو (كورونا الجديد) من الصين .

المضحك المبكي أن نسبة كبيرة من إنتاج الكمامات عالميا يتم في دولة الصين ، و في ذات الوقت تنسب وكالات الأنباء الإخبارية العالمية مصدر فيروس كرونا الجديد إلى مدينة داخل الأراضي الصينية . و نظراً لتوقف عجلة التصنيع في الصين بسبب حجب العمال من التنقل بين المدن الصينية من ناحية ، وحجب دخول المنتجات الصينية لمعظم الدول للحد من انتشار المرض من ناحية أخرى ، وقد أدى ذلك إلى شح شديد في الكميات المتوافرة من الكمامات بأنواعها في معظم الدول .

فعّل بعض التجار الجشعين خاصية الاحتكار ، فارتفعت قيمة عبوة الكمامات العادية من خمسة ريالات للعبوى ذات خمسين حبة إلى 100 ضعف و أكثر . و ينم هذا الإفراط في الجشع لدى البعض من التجار عن عدم تقوى الله ، و غياب حس المسؤولية الاجتماعية ، و افتراس أبناء المجتمع بشكل دامٍ لا يقل عن ضراوة الفيروس الوبائي .
وفي المقابل فعّل بعض الخياطين و أهل الخير عدة بدائل لسد ذلك العجز في الكمامات .

فقد أطلق بعض الخياطين في العراق حملة تبرع بكمام صناعة محلية. و الكمام المصنع محليا عبارة عن قطعتي قماش بحجم الكمام ، محشو بمنديل ورقي .
و قد سدوا بهذا العمل فراغ النقص ، و ساعدوا المحتاجين . وتبرع بعض أهل الخير بتوزيع الكمامات مجانا على المارة في الطرقات ، و بعض الأحياء الشعبية.
و أتقدم بدوري ، و من يود أن أنوب عنه من القراء الكرام من خلال هذا المقال بأسمى آيات الشكر و التقدير و المحبة و العرفان لهم ، و لكل من يسعى لرفع هذا الوباء عن كاهل الإنسانية حيثما كانوا في الأرض .

و أختم مقالي بلفت الأنظار إلى ملاحظة مفادها : ” إن بعض الأزمات تكشف بعض الأقنعة ، ولنكن أكثر دقة : الأزمات تكشف الكثير من معادن بعض البشر . ”

همسة :
يتساءل الإنسان بينه و بين نفسه ، مع تواتر الأزمات و تصاعد التوترات و احتمال الحروب ، و انتشار الأوبئة ، و توارد الانتكاسات ، يتساءل :
إن كان تخصيص الإنسان مكان / امكنة في منزله لتخزين بعض السلع ، و الأجهزة ، و المواد الطبية باعتبارها مخزوناً استراتيجياً لمواجهة تقلب الأسعار أو شح بعض السلع نتيجة جشع بعض التجار أو احتكارهم الذي أضحى أمراً ملموساً بالواقع. و لا مفر منه !

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى