أقلام

عقدة السيطرة على الآخرين

جواد المعراج

بطبيعة الحياة توجد فيها صعوبات وصراعات بشرية وكل طرف طبعًا في هذه المجتمعات يطمح بأن ينجح ويبدع ويصبح موهوبًا فيتحكم في الآخرين بأن يملك نفوذ اجتماعي قوي، ولكن بشرط أن يستخدمه في إزالة الضغط عن البشر وليس تعكير صفو الحياة لديهم بهدف منعهم من التعبير عن آرائهم، أو ممارسة ضغوطات عليهم تتوجه نحو الاستقواء والتسلط عليهم بغرض السيطرة على جميع الممتلكات والمكانات الاجتماعية والمكاسب، وذلك دون توزيعها على الناس بشكل عادل ومنصف ومرتب.

وعقدة السيطرة على عقول وتصرفات الناس تعد من أخطر الآفات الاجتماعية التي تقود للفوضى والخراب، ولأن الشخصية المتسلطة التي تفكر دائمًا في السيطرة على من حولها غالبًا ما ترى نفسها أنها على صواب في كل شيء، وبالتالي تقوم برمي الاتهامات والظلم وتخطئة الآخرين دائمًا دون أن ترى أنها ارتكبت أخطاء.

وهذه الشخصية تسبب مشاكل في البيئة الاجتماعية، لأن المجتمع يتأذى منها ويقلق من التعامل معها خوفًا من الوقوع تحت تأثير سيطرتها المبنية على تخريب جهود الناس ومحاولة منعهم من التعبير طروحاتهم، وهذه العينة تخاف عندما يتم توجيه رأي أو فكرة لها؛ فهي تنفجر غضبًا وتقلق من فقدان مكاسبها الشخصية والقدرة على التحكم في الآخرين.

كما أن هذه الشخصية تعاني من عقد نفسية وتحسس زائد عندما ترى أشخاص محددين يتكلمون ويتناقشون عن مواضيع محددة في المجتمع؛ فهم لا يريدون أي طرف أن يطرح موضوع أو يحقق نفوذ اجتماعي لأنهم طماعون وجشعون بشدة، بل أن هذه العينات أنانية ولا تحب مساعدة الآخرين.

وهي تظهر سلوكًا عدوانيًّا وعنيفًا مع من يختلف معها في طرح معين لأنها لا تستطيع أن تتحمل الاختلافات والمسؤوليات في المجتمع، وكل ذلك يكون بسبب ضعف القدرة على الحوار والنقاش، أو وجود الرهبة الزائدة الناتجة عن الخوف من أن الأطراف الأخرى تريد أن تعمل على تخريب الجهود الخاصة بها.

وبعد هذه النقطة التي ذكرت تتوجه هذه الشخصية نحو التحسس وسوء الفهم والنية تجاه الطرف الذي يتناقش معها؛ حتى لو كان ذلك الكلام بأسلوب هادئ تجدها تشعر بالعصبية بسبب تراكم الضغوطات النفسية لديها المبنية على الانفعالات والتشنجات النفسية.

وحتى نتعامل بصورة واعية مع هذه المشكلة علينا أن نعلم أفراد المجتمع وأجيالنا الجديدة على كيفية إعطاء مساحة مناسبة لمن حولهم خاصة إذا أرادوا أن يعبروا عن رأي، وأيضا نعلمهم على تقبل الاختلافات والبعد عن التعصب الأعمى الذي يجعل الشخصيات المتسلطة تظهر سلوكيات متطرفة تتجاوز الحدود الطبيعية في التعامل مع الناس، فالتعصب الأعمى يخلق عقد نفسية ومخاوف تجعل المتسلط يخاف من المعارضين أو المختلفين معه في فكرة أو موضوع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى