أقلام

القراءة والوقاية من الانحراف

يوسف أحمد الحسن

قراءة أقل .. فقر لغوي .. عجز عن الحوار .. التعبير الحركي عن الانفعالات .. نزول إلى الشارع لممارسة هذا التعبير ، وبالتالي التعرض للانحراف .. هذا هو ملخص عدد من الدراسات التي أجريت حول علاقة محتملة بين القراءة والانحراف، قامت بها مجموعات من الباحثين في العالم كان منهم العالم باسل برنشتاين في كتابه ( اللغة والطبقات الاجتماعية) الذي توصل في دراسته إلى أن الحرمان المادي يؤدي إلى حرمان ثقافي يتجلى في ضعف القدرة على التواصل، واستخدام عبارات تفتقر إلى المرونة ويغلب عليها الطابع القمعي متجسدة في أوامر ونواهٍ ولوم وتحقير وتخجيل، مع عدم القدرة على التفكير المجرد. ويضيف برنشتاين: إن هذه الفئة من الناس تميل إلى التعبير الحركي عن مشاعرها الداخلية، وسيادة اللغة الحركية وذلك في الشارع الذي سرعان ما يقودهم إلى الانحراف والجريمة.
وفي محاولة لتقويم سلوك المجرمين المسجونين في ولاية كارولينا الجنوبية بالولايات المتحدة الأمريكية تقوم جامعة كارولينا الجنوبية كل عام، بالتعاون مع سلطات أحد السجون في الولاية المذكورة بإرسال مجموعة من طلبة الماجستير في كلية التعليم لديها بمقابلة المحكومين فيه وإعطائهم بعض الكتب، لكي يقوموا بقراءتها وذلك من أجل تعديل سلوكهم.
ويقول موقع الجامعة على النت في مقال بعنوان: (تقليل الجريمة عبر القراءة) إن اختيار الكتب يعتمد على اللقاء الأول للطلبة مع المسجونين والتعرف على ميولهم، ثم تحديد ثلاث خيارات لكل سجين لكي يقوم بقراءتها.
ويقول أحد المسجونين إنه يأمل أن تسهم قراءته لبعض الكتب في تعديل سلوكه بحيث لا يرتكب جريمة ثانية تعيده للسجن.
أما سلطات السجون في البرازيل فإنها اعتمدت قانوناً ينص على أن أي محكوم يقوم بقراءة كتاب فإنه يتم خصم أربعة أيام من محكوميته، على ألا يزيد عدد الأيام التي يتم خصمها عن 48 يوماً في العام الواحد. ويُطلب من السجين أن يقرأ كتابا في مجالات الأدب أو العلوم أو الفلسفة أو الكتب الكلاسيكية خلال 30 يوماً، وأن يكتب ملخصاً عنه، أي أنه يمكنه أن يقرأ 12 كتابا في العام الواحد. وبعد أن يقدم السجين ملخصه يُعرض على لجنة مختصة في السجن، وإذا ما اكتشفت اللجنة بأن الملخص مسروق فإن السجين يفقد حقه في المشاركة بالبرنامج تلقائياً. ويقول المحامي (اندريه كهدي) في البرازيل: ( insightcrime.org ) إن المشاركين في البرنامج يخرجون منه بنظرة متفتحة ومتنورة للعالم، ودون شك فإنهم سيصبحون أشخاصاً أفضل.
وفي المملكة لدينا قانون (ضمن ضوابط مفصلة) يتم بموجبه تخفيض نصف محكومية السجين الذي يقوم بحفظ القرآن الكريم كاملاً، أملاً من وزارة الداخلية بتعديل سلوك المسجونين.
يقول الكاتب والروائي الأمريكي دانييل هاندلر: الأشخاص الأشرار لا يوجد لديهم وقت للقراءة أبداً. هذا أحد أسباب شرهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى