أقلام

تأمل باحث علمي في أزمة فيروس كورونا

 

ترجمة: عدنان أحمد الحاجي

مشاهدتي العالم وهو يتكيف مع الواقع الجديد المروع لجائحة فيروس كورنا- كوفيد-19، قادتني إلى التأمل في درس أكثر أهمية قد نتعلمه معا ونحن نواجه هذه الأزمة.

لقد انتزعنا جميعا من مناطق راحتنا، باستبدال الكثير من الإيقاعات المألوفة للحياة اليومية فجأة بشيء من عدم اليقين.

الكثير من الأسئلة بقيت بدون إجابات، وهناك الكثير من الخبراء بوجهات نظر مختلفة، الإدراك المر بأن الأشياء لا تعمل بالطريقة التي كنا نفكر بها دائما، رؤية ظلال لا نهاية له من عالم رمادي بدلا من رؤية ذلك العالم الأسود والأبيض المريح، تبدو مألوفة؟

مرحبا بك في عقل باحث علمي عدم اليقين أمر مثير للأعصاب/ للقلق- ولكن يمكنك ان تتعلم كيف تتعايش معه.

عندما بزغ  هذا الشعور منذ سنوات عديدة في واحدة من رحلاتي بالسيارة  الصباحية المبكرة، إلى كانبيرا أثناء دراستي الدكتوراه، كان الأمر تقريبا شالا للتفكير، الغوص في أعماق أسرار الكيمياء البيلوجية والبيولوجيا الجزيئية- وهي الوعي المتعلق بالعقل في الحياة ذاتها- أن يفعل ذلك، يمكن أن تكون تجربة صعبة للغاية، حتى قد تكون مقلقة.

لكنني تعلمت أن أترك هذا الغموض يكتنفني كالوقوع في تيارات أمواج مائية ساحبة أثناء رياضة ركوب الأمواج، مقاومة التيار تنهكك وتجعل الأمور أسوأ، وبعد السباحة فيه لفترة تعلمت أن أعوم.

تمكنت حتى من كسر موجة أو موجتين، أتساءل عما إذا كانت هذة توضح لنا إحدى الطرق المحتملة من خلال الصدمة التي أحدثها الفيروس الذي يحيط بنا؟ نحن جميعا نواجه معلومات ونصائح سريعة التقلب، ما هو صحيح منها في الساعة الثامنة صباحا قد لا يكون كذلك في السادسة مساء.

قد يكون للباحثين العلميين دور يلعبونه هنا يتجاوز العمل الشاق الذي يجري لمعرفة فيروس كورونا المستجد.

والسعي لإيجاد لقاحات وأدوية جديدة له؟ نحن مرتاحون للسباحة في شيء غير مألوف، إذ نحن نعرف كيف نعوم في بحر من عدم اليقين، أعلم لا مشكلة في أن أقول” لا أعرف” أو” هذا سؤال جيد”، هناك فرصة هنا للباحثين العلميين أن يكونوا قدوة لغيرهم، في طريقة تصرفنا وتواصلنا، حتى نبين  الطريقة في تعاملنا مع عدم اليقين، ومع المعلومات المتغيرة وبالردود المناسبة.

لكننا نحتاج أن نبدأ من موقف عاطفي/ تشاعري، الناس قلقون ومذعورون ويجب أن نعترف بذلك.

إنهم يريدون معلومات ونصائح واضحة، بناء على أفضل البيانات المتاحة، والتي لا ينبغى أن تعطى عبر  إلقاء محاضرات عليهم أو رعايتهم، ويجب على الباحثين  أن يكونوا صريحين بشأن حقيقة أن النصيحة قد تتغير- بسرعة – أو تكون مختلفة قليلا عن النصيحة التي يحتاجها الشخص الآخر.

عدم اليقين والرسائل العامة نحتاج، كمجتمع، إلى أن نكون مرتاحين مع الشك وعدم اليقين ومع الناس وفي السياسة وفي الأعمال.

لا أجد مشكلة في الرسائل العامة التي تعكس ذلك، لقد اعتدنا على السياسيين الذين لهم رأي معين بشأن قضية ما، لكن أزمة كوفيد-19 أظهرت أنه من غير المفيد عندما يكون الوضع متغيرا ديناميكيا، ربما أنا مرتاح أكثر مع ذلك كباحث علمي.

يجب أن يحمل  السياسيون المسؤولية بشكل مطلق، ولكن يجب أن يكون هناك أيضا مساحة لمواقفهم حتى تتطور- بالدليل بشكل جوهري.

يمكننا ان نتغير، اهتمامنا المفاجئ بالمطهرات وغسل اليدين جعلني أتأمل في أيامي الأولى في المختبر الذي كنت أجري فيه أبحاثي، حين كنت أتعلم كيف أنمي خلايا بشرية بدون أن تتلوث بالبكتيريا والخميرة، أو التضحية بالنفس، يتطلب بعض التعلم، “لا تلمس ذلك!”
“لا، ليس بهذه الطريقة!”
“لماذا فعلت ذلك؟”
“لا، امسكه هكذا”.

إنه ليس أمرا بديهيا، يتطلب تركيزا حقيقيا- حتى لا يحتاج الي ذلك، العادات المتأصلة والذكريات القوية يجب  أن تمحى وتعاد كتابتها، إنه عمل شاق ومحبط.

يبدو أن العالم بأكمله يشاركنا تجربة مماثلة الآن، لكن الرهانات عالية جدا يمكننا أن نتعلم ونتغير، حتى يصبح ما كان صعبا وغير مريح في يوم من الأيام بديهيا مرة أخرى، لقد أصبحنا سريعا أفضل مما كنا، كمجتمع، في أشياء مثل غسل اليدين وآداب السعال، علاقتنا مع عدم اليقين يجب أن تتغير أيضا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى