أقلام

لماذا ندعم الجمعيات غير الربحية؟

كمال المزعل

سمعت عن قصة أحد أثرياء الغرب الذي قال أنه امتلك كل ملذات الدنيا من قصور وطائرات وحشم وخدم وشركات، ولكنه لم يشعر بالسعادة، التي ظل يبحث عنها،ذات يوم أخذه صديق له لمركز توفير الأطراف الصناعية للأطفال المحتاجين، تواجد معهم وتفاعل مع المركز وقدم له الدعم اللازم،وظل على تواصل واهتمام بذلك المركز، وقال عندها إنه لم يشعر بالراحة والسعادة في حياته ، كما شعر بها بعد دعمه لذلك المركز. وفي نفس السياق قرأت قبل أيام قصة قديمة لتاجر من الشام ، خلاصتها أنه أصيب بالمرض وعندما سافر للخارج للعلاج أخبروه أن مرضه لا شفاء منه ،ولن تزيد مدة بقائه على قيد الحياة طويلا، عاد إلى بلاده وأصابه الهم والغم بطبيعة الحال ، إلا أن الله وفقه بالتعرف على عائلة محتاجة ، وفي وضع صعب جدا، وكادت ربة البيت تنزلق للحرام بسبب الحاجة، تكفل شهريا بمصاريفهم كاملة ، ومد الله في عمره سنين
إلى أن توظف أكبر أبناء تلك العائلة، وتوفي بعدها الرجل، فالصدقة كما نعلم تطيل في عمر الإنسان، وقد سمعنا ونسمع الكثير من القصص المشابهة .
في الغرب الحافز الذاتي هو ما يدفعهم غالبا لدعم المشاريع، فمن جانب يجلب لهم السعادة، ومن جانب آخر بفطرته يعتقد أن من واجبه خدمة المجتمع وتقديم شيء له، وربما لأسباب أخرى ضمن هذا الإطار، وقد يكون بعضها مصلحيا.
بالنسبة لنا نحن المسلمون، ديننا يحثنا على تلك الأعمال ويدعونا للقيام بها، ومن جانب آخر فإنها أيضا تجلب للكثيرين السعادة، ومن جانب آخر لها بعد يمكن أن نطلق عليه مصلحي، حيث العمل على تنمية المجتمع وتطويره ،سينعكس عليه وعلى عائلته بشكل أو بآخر، فهو يعيش ضمن المجتمع الذي يعمل على إصلاحه .
إذا الدوافع واحدة تقريبا بين المجتمعين وإن كان المسلمون لديهم دافع الخير والثواب الذي يعدنا الله به في الدنيا والآخرة، إلا أننا لازلنا بالنسبة للغرب
متأخرين، فنحن متخلفين عنهم في الجانب العلمي وكذلك في الجانب الاجتماعي وخدمة المجتمع، رغم
أن ديننا يحثنا على المشاركة في دعم الجمعيات والبرامج المجتمعية غير الربحية.
لذا فنحن مدعوون كأفراد وكمؤسسات لتقديم المزيد من الدعم لهذه البرامج والمبادرات والجمعيات الخيرية وغير الربحية، وهنا أحب التأكيد على أن الأمر ليس مقتصرا على دعم المؤسسات التجارية، فالفرد قادر على إقامة تلك البرامج والأنشطة ودعمها ، وقد تمت العديد من البرنامج برعاية شبه كاملة من أفراد موظفين ومتقاعدين. والمؤسسات ساهمت وتساهم في هذا الجانب، ويمكن أن نذكر على سبيل المثال،مساهمة شركة المحروس ببناء مركز للمعاقين كلف ما يزيد على العشرة ملايين ريال، وكذلك مساهمة الشيخ عبدالله السيهاتي ببناء مركز للكلى بما يقارب ١٠ ملايين ريال أيضا، وبعد ذلك كانت المبادرة البارزة من سماحة السيد على الناصر الذي تبرع بما يزيد على ٢٠ مليون ريالا لبناء مركزا للفحص الطبي ومركزا صحيا بالقطيف ،
هذه المبادرة من أحد أبرز الشخصيات الدينية في المنطقة ، أزاحت الستار عن تردد البعض في دعم البرامج التنموية من منطلق شرعي،فليس الأمر
مقصورا على دعم برامج الفقراء والمحتاجين فقط، رغم أهميتها ، فهاهي الأموال الشرعية تساهم في برامج صحية، جنبا إلى جنب مع مبادرات ومشاريع الوزارات المختلفة ، وخدمة للمجتمع وتنميته.
وإذا كانت تلك المساهمات في غالبها لمؤسسات، فهناك أيضا مبادرات فردية تنموية، فكلنا يذكر
مبادرة الحاج عيسى مكحل من مدينة سيهات ،وتبرعه لحالة طبية بمبلغ ٥٠٠ الف ريال، وهو موظف من موظفي أرامكو المتقاعدين .
خلاصة القول إننا بحاجة لمزيد من مبادرات الدعم للجمعيات واللجان الاجتماعية غير الربحية ،من قبل الأفراد والمؤسسات، انطلاقا من حاجة المجتمع للتكافل الاجتماعي ،والحاجة لتنميته وتطويره وحمايته، وكلها أمور يحثنا عليها ديننا الحنيف، والتي بدورها تنعكس بالخير على مجتمعنا وعلى كافة أفراده.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى