أقلام

أدب كــورونا

إبراهيم سلمان بو خمسين

اختلفت ردود الـفـعـل الـشـعـبـية عـبر الـعـالم أمام فيروس كورونا، فمن الشعوب من لـجأ إلى الـنكــتـة، ومـنهـم من اسـتخـدم الـرقص والـغـناء لـمواجهة حالة الـقـلـق والإحـباـط الـتي خـلفـها الـفـيـروس، ولـكن الـبـعـض وجـدوا ضـالـتـهم في «الـشـعـر» الـذي اسـتـخـدموه لـتمـرير رسائل الـتـوعـية وخـلـق حـالة من الـتـفـاؤل والـحمـاس، وسـنـتطرق لـها لاحـقا.
إني لا أغـبـطـك يا كـورونا بل أحـسـدك لأني أتـمـنى زوالك، ولأنـك رغـم صـغـر حـجـمك وخـطـرك أصـبحـت مـحـط اهتمام جـميع الـبـشـر من أطـباء ، وعـلـماء، واقـتـصاديـيـن، وسـيـاسـيـيـن، وعـسكـريـيـن، ومـراكـز أبـحـاث، ودراسـات استراتيجية.

حـتى الأدبـاء والـشعراء أولوك اهتماما خاصا، لـقـد احـتـار الـجمـيـع فـيــك.حتى هــذا الإنسان أكـرم الـمخلـوقات على وجـه هـذا الـكـوكـب لم يـلـقى هـذا الاهتمام خـلال فــتـرة وجــيـزة، بـل صـار ارخص مـخلـوق يُــتـَاجرُ بـحـيـاتـه، وأصـبـح مـخـتـبـراً للــتـجـارب. بل رأيــنـا في نـظـريـة (الــقـطــيـع) الـبـريـطـانـيـة مـدى الاسـتـخـفـاف بـحـيـاة الإنــسـان حـيـث تذهب الـنـظـريـة إلى جـعـل الــكل مـعـرضا للـفــيروس والـبـقاء للأقـوى، فـلـيـمت الـمسـنـون ولـيــبقى الـشبـاب، كـل ذلك في سـبيـل الـمحافـظـة على الأمـوال. ألـيـس من الـظــلم والإجـحـاف والـتـعـدي أن نـحـاول الــقـضـاء عـلـيـك، ألست أنــت الــذي شـحـذت هـمـمنا، وأطـلـقـت السـجـنـاء، وكـشفـت الـعـورات، لـكنه يا صديقي، صراع الـبـقـاء وهـذه هـي سـنـة الـحـياة.

هـل حـقـا تــسـتـحـق الـحـسد، هـل حـقـا أن أضـرارك أكـثـر من فــوائـدك، ربـمـا بـعـقـلــنا الــمـحـدود لا نـدرك ذلك إلا لاحــقـا.

وفي نــظـرة سـريـعـة على بـعـض الإحـصـائـيـات نـدرك مـدى فـداحـة الأمــر. وفي دراســة أعـلن خــبـراء إقــتـصـاد تـابـعـون للأمــم الــمـتـحـدة أن الأضـرار الـتي لـحـقـت بالإقــتـصـاد الـعـالـمـي الـنـاجـم عـن فــيـروس كـورونا الــجـديد قـد تـصل الى ” إنـخـفـاض قــدره 50 مـلـيـار دولار” في صـادرات الـصـناعـات الـتـحويـلـيـة في جـمـيـع أنـحـاء الـعـالـم خــلال شـهـر فــبـرايـر الـمـاضي، نـاهــيـك عـن الــخـسائـر الإقـــتصاديـة الأخـرى والـقـادم أكــثـر. أما الـضـحـايا فـقـد وصـل الـعــدد حـتى كـتـابـة هـذا الـمـقال الى9284 حـالة وفـاة، و226548 مـصـابا. والــعـدد في حـالة تـزايـد عـلى مـدار السـاعـة.

هـذا حـال قـطاعـي الإقــتـصاد والــصـحـة. ولـكن ما هو حـال الأدبـاء والشـعـراء، لـم يـكـن نــصـيـب كورونا قـلــيلا مـن الـمـقـالات الصحية والـعـلمـية والأدبــيــة والــشـعـر. فـها هو الـشعــب الــمـوريـتـاني اتــبـع طـريــقــة مــخـتــلفــة، لــتــقـديــم الــنـصـائــح والإرشــادات، بــخـصـوص تــفــادي الإصـابــة بالـفــيـروس، من خــلال جــمـع الإرشــادات الـصـادرة عن الــمـصالح الــطــبـية الــمخــتـصة، لــيـضـعـوها في أبــيـات شــعـريــة يــتـذوقــها الــناس ويــرددونـها فــتـصل إلـى أكــبـر قــدر مــمـكن من الــجـمهــور.
*
سَـيِّدـاتِي وَسَـادَتِـي الْعـَاشِـقِـيـنَـا .. حَــلَّ مَـا مِـنْـهُ كُنـْتُـمُ خَـائِـفِـينَـا
حُـرِّمَ الضـَّمُّ وَالْعـِـنَاقُ عَلـَيْـكُمْ .. لَا عِــنَـاقٌ.. (ولا هُــمُ يَـحزنـونَا)
دُونَ لَـمـْحِ الشِـّفَـاهِ غَـزْوَةُ بَـدْرٍ .. وَأَرَى دُونَ لَــثْــمِـهَا حِـطـِّـيـنَـا
فَــتَهـَادَوْا سَـلَامَـكُمْ مِـنْ بَـعـِـيـدٍ .. وَتَـهـَادَوْا مِـنْ بَـعـْدِهِ (الصَّـابُــونَا)
وَاقْـبَـلُـوا بِالْأَقْــدَارِ خَـيْرًا وَشـَرًّا .. هَكـَذَا الْحـُبُّ فِي زَمَانِ الْكُـرُونَا

وتــداول نـاشــطـون مــوريــتـانــيـون، على مــواقــع الــتـواصل الإجــتـماعي، بـعـض مــقـاطـع الــشـعـر الــفـصـيـح، الــتي يــسـتــجـير أصـحابـها بالله مـن الــوباء، وتـتــضمن بـعــض الأدعــيـة، الــتي تـجــيـر قــائــلـها مـن الــوبــاء:

إني تحصنـت بصاد الصمـد … والـحاء والمـيـميـن من محـمــد
بـجـسد الـنبـي عـاف جسدي … مـن كـل ما يـطـول سـوء الأبـد
الله حـي صـــمـد وبـــاقــي … ســبــحـانــه ذو كـــنــف وواقـي
ونــحـن في كــنـفـه الـمـنـيـع … مـن كـل شـــر وأذى شــنــيــع
مسـتـشـفـعـيـن بالـغـيـاث أحـمـد … غـوث الورى مـؤخرا ومـبـتـدامــن قــالــهـا في زمـن الـوبـاء … أمـــنـــه الله مـــن الــــــبــــلاء

بــعـض الــمـدونـيـن الـمـوريــتـانـيــين، في تــداولـهم لـمـوضوع كــورنا، نــشـروا بــعـض الأبــيـات الــشـعــرية، و«الـكَيــفـان» الــغــزلــيـة، الــتي اســتـوحـاها أصـحـابــها من انــتــشـار الــفــيروس، ما دفــع الــبـعــض إلى اعــتــبـار هــذا الــنـوع من الــشعـر، يـدخل في إطـار «أدب الكــورونا».

وأمـا شــاعـرنا الــغــنـائي إســلام خــلـيـل فـإنـه طـرح قــصـيــدة واسـلوبا جــديـدا لـمـواجــهـة فــيـروس كـورونا بــعـنــوان ” كــورونا الــحلـزونــيــة ” حــيــث قــام بـأدائــها على طــريــقـة صــديــقــه الــراحل شــعــبـان عــبـد الــرحـيـم حــيـث إفــتـقـده إســلام بــشـدة لا ســيـما أنــهـما كــانا ثــنـائــيا شــهــيرا طـوال الـســنـوات الـماضـيـة، وكان دائــما ما يــكـتب اســلام خــلـيـل قــصـائـده ويــغــنــيها شــعـبـولا. وتــقــول كــلـمات الأغــنـيــة:

الـحـلـزونـة ياما الـحلـزونـة … آل يـعـني كـانــت كورونا
مـرض خـطـير ومالــهـش كـبـيـر ويـمـوت… يا دا الــحـكـاية كـبرت يا نـاس واحـلوت
انـفـلونـزا الـطـيـور خـطـير غـيـر انــفـلونـزا الــخـنـازير خــذ بـالك مــنه ليــجـيـلـك غــدر وتــتـحـجــز وتــقـعـد في الــحـجـر
اشــرب يـنـسـون ومــيه ولــيـمـون وافــتـح شــبـاك الــبـلكــونـة … الــحلــزونــة يـاما الــحلــزونــة
كـورونا أصـبـح كالــشبـح على الــعـالــم طــل … كــورونا مــرض مــش بـس عـرض وعــاوز لـــه حــل
دا مـــش فـانــوس صـيـني وتــلـفــون… دا وبـاء وجــاي زي الــمـجــنــون
مســكـت فــرخــة ذبــحـت حــمامـة نـصــيـحة مــني الــبـس كـمـامـة وبــلاش تـبــوس احــسـن تــلــوص
ولا حـتى تــنـفــخ بـالــونـة … الــحــلــزونة يـاما الــحــلــزونـة … آل يــعــني كـانــت نـاقــصــة كــورونا

وما كانــت واحـتـنا الــجمــيـلـة الأحــساء بــدعا من هــذا الـحــراك الأدبي الــكـوروني, فــهـا هــو شـاعـرها الــكــبــيـر جــاسـم الــصـحــيـح غـردَّ مـخـاطــبا آهــالي الــقـطــيـف في مــحــنــتهـم: “حــفـظ الله وطــنــنا الــعــزيـز” الــسعــوديـة العـظمى” مـن كـل ســوء، وأزال الله كــربة أهـالــيـنا في الــقــطـيــف الـغـالـيـة:

ما هـبَّ من “هَـجَـرٍ” نـســيـمٌ حالمٌ … إلا تــقــلَّـبـت ” الـقـطـيف ” بـحـضـنه
فــكـأنــنا في الــحـب بــيـتٌ واحـدٌ … لا يــستــعـيـض جــدارُهُ عـن رُكـــنِــهِ
وكـأنــنـا في الــحـب نـصٌّ خـالد … جَــمَـعَ الـــرُّواةَ على حَـقـيــقـةِ مـــتـــنِـهِ

كــما غــردَّ شـاعر الأحـساء والــيـنابــيع الـجــمــيل الأستاذ ناجي الحرز بـهذه الأبــيـات مــواســيا لأهـلـينا بالــقـطــيـف:

حيِ الــقـطـيـف، وحي الـعلـمَ والأدبَـا … وخـط في ” خَـطـِّها الأشـعارَ والخُـطبا
وطـفْ عـليـها طـواف الـناسكـين فَـكَـم … لـبـّـى الـمُـلــبِّي لـسلطان الـهوى طلبا
وبُــثّـها شوقَــك المخبوءَ في عَـجَـلٍ … ما أوجــع الـشـوق مـطــويًا على الـرُّقَــبَا

وأما خــنـساء الأحـــساء الــشاعـرة رباب الــنـمر فــتـرنـمـت بـقـصـيـدة من الــنـوع الــمـمــتــنع الــبسـيط تــشـرح فــيـها حـالــنا الـــبائــس:

كل شيء قد تـسـكّر … وعـن الــنـاسِ تــأخّـــر
مسجدٌ ، سوقٌ ، وحتى … شاطيء البحر تـعثّـر
ورجالٌ في بــيـوتٍ … مــثــلما الـمرأة تُـحـجـر
وارتــدوا أي لــثــامٍ … مــثــل حــوّاء تــســتـّر
وعـن (الأعـمال) غابوا … كمريضٍ قد تـجـمّر
زمن الـ ( كورونا ) لاحت … غيّرت ما لم يُغيّر
وغــدت للـناسِ درسـاً ،… أيـــما لــغــزٍ مُحـيّر
تـنــشـرُ الأوباـء فيهم … كــهــشــيمٍ ما تـعــثّـر
لا لــقــاحٌ ، لا دواء ٌ … إنـــمــا قــلــبٌ مُـفطّر
كلما لاحت كوحشٍ … يُــرهبُ الـكون ويـزأر
لا تُــرى بالـعـين لكن … شــرُّها شــرُّ تــجـبّر
لــيــتها حلمٌ تـهاوى … عـندما الإشراقُ أسفـر
لــيـتـها كـذبةَ إبـريـ … لَ إذ الأشــهــرُ تـعُـبـر
جاهــليـّاتٌ تـماهـت … ولـها الـتاريخُ أحضر
حــقـبـةٌ بالـويلِ نـادت … وتــفـشّـت في تجبّر
فاسـأل الله فِــكاكــاً … مــن عــدّو قـــد تــنـمّر
وانــتـصر للنـفس لما … تـحـتويها ضد مُـنكر
إنـها كنــزٌ ثـمـيـنٌ… لــيس للــتـفريـطِ يُــذكر

كما لـها قــصيـدة أخـرى:
دعــوتُ الله يــحـمـيـنا … من الــمـدعوّ (كــورونا )
ويُـنـجي الـناس مـن ألـمٍ … تـقلّـب بــين أيــديــنا!
سعى في الأرض إفساداً … وأحبط من مساعـيـنا
و أغــلـق ايَّ أبــواب ٍ … تــبــثُّ حــياتَــها فــيـنا
أمات ( الدرسَ) مبتهجاً … وقـهـقه مـن ( تَلاقـيـنا)
وأوقــف كلّ (مجتمع) … و بـات ( الـهم ) يسقـينا
مــشى في الكون طاووسا … وبالــغ في تــحدّيــنا

حسبي الله عليها من كورونا

وللدكتور الشاعر السيد عادل الحسين هذه القصائد:

سَأَـلُوا لِمَ الْإِغْلَاقُ لِلْـمَسْجِدِ؟ … فَأَجَـبْتُ إِنَّ اللَّهَ فِي الْـمَـشْهَدِ
فَلـَقَـدْ تَعـَبـَّدَنَا الْإِلَهُ بِحِـفْظِ … حَـيَاتـِنَا مِنْ كُـلِّ مَا يَــعـْـتَــدِي
هَـذَا الَّذِي يُدْعَى وَبَاءٌ غَدَا … فِي كُلِّ زَاوِيَـةٍ مِنَ الْــمَــوْرِدِ
قَالُوا أَ كُورُونَا يُخِيفُكُمُ … أَنْ تَسْـأَلُوهُ اللُّـطْفَ فِي الْـمَسْجِدِ!
قـُلْنَا أَلَا تَكـْفِي مَنَـازِلُــنَا … أَنْ نَسـْأَلَ الـْبَارِي بِرَفْــعِ الْــيَدِ؟
وله أيضا:

قَدْ زَادَ ضُرُّ النَّاسِ فِي حَرَجٍ … مِنْ جَوْرِ كُورُونَا عَلَى الْـبَشَرِ
الْكــُلُّ يَحْـمِـي الْأَهْلَ مُـجْـتَهِـدًا … مِنْ شَــرِّ جُـرْمٍ قَـاتِلٍ خَـطِرِ
يَا رَبِّ يَا مـَنْ عِــنْـدَهُ فَـرْجٌ … فَـرِّجْ عَـنِ الْأَمْصَارِ مِنْ ضَرَرِ
يَا سَـيِّدـِي خَلِّـصْ عِبَادَكَ مِنْ … إِجْـرَامِ كُورُونَا وَمِـنْ حَــجَــرِ
سَــدِّدْ إِلَهِي كُلَّ مَنْ حَـارَبَ … الْــفَيْرُوسَ كَيْ يَبـْقَى عَلَى ظَفَرِ

وله أيـضـا: كن واثــقـا:

هَيّا بِنَا نَقْضِي عَلَى كُورُونَا … جِــرْمٌ صَغِيــرٌ تَافِهٌ يُلْهِينَـا؟
كَـلَّا فَلَنْ نَبْقـى رَهِينَةَ بَطْشِهِ … سَــنُعِــدُّ حُصْـنًا ثَابِتًا يَحْمِينَا
إِيمَانُنَا حُصْنًا غَدَا فِي وَجْهِهِ … لِيَحُـولَ عَنَّا مَــا بِـهِ يُؤْذِينَــا
ذِي كُرْبَةٌ حَتْمًا بِيَوْمٍ تَنْجَلِـي … فَنَكُونَ مِنْ أَهْلِ الشِّـفَاءِ يَقِينَا
لَا تَبْتَئِسْ مِنْ شَرِّهِ، كُنْ وَاثِقًا … أَنَّ اللَّطِيــفَ بِلُطْفِــهِ يُنْجِينَـا

وللكاتبة ندى الأحمد هذه الأبيات: كورونا
فَرِّج -حَماكَ اللهُ- كَربَ جَماعَتي … طَهِّر بِـقـاعَ المؤمنينَ بِصحّةِ
فَمتَى لقاهَا الضّيرُ من كورونِها … وَرمَى الـقـلوبَ بذُعرِهِ في لَمحَةِ
فضَجيجُ دَعوِكَ غايةٌ لا تنتهي ..سَـربِل أمَـانًا فائِـضًا مِن رَحـمـةِ
هَـذا الـوبَاءُ نـقـيضُهُ مُستَجمَعٌ.. نَـشَـرَ الـحيـاةَ ووِزرُهُ كم مَـوتَــةِ
مَن لَم يُـقارِبْ حـظَّـهُ من عِبرَةٍ … صارَ اعـتِبارًا للجَميعِ بِـلحظَـةِ
كَم لِلإلهِ جُـنـودُهُ، ونَـذيرُها.. هـادٍ، فـهَــلّا صـَحــوَةً مِـن غَـفــلَــةِ!
إنَّ السّـلامَـةَ في الحَـيـاةِ دَلـيلُها. كلّ الـذي يُرضِي الإلـهَ بِـجَـنـّةِ
لَا خَـيرَ في دُنـيَا الـعَـبيـدِ ولا بِهَا… كٌـنزٌ أثـيرٌ من دُعَـاءِالسّجـدَةِ

ونـخـتـم بـهـذه الـمـبادلة الـشعـرية الـجـمـيــلة بـيـن الــشاعـريـن الـجـمـيـلــين: مـوسى الــزهراني والــسيـد مـحــمد الــعـوامـي:
مـن الـسـيـد مـحـمـد العــوامي الى مـوسى الــزهراني… تـحــيــة:
يـعـرف كل مـن لـه صـلـة بي، أن الشـعـر خـاصـمـني، وولى قــبل أن يــخاصـمـني الصـبا، لــكـنه يستثار أحــيـانا فــيحـاول الــنـهـوض مــتـحـامـلا عــلى وعـز الــكـبــر، ووهــن الــشيــخـوخــة، وقــبل أيــام أرســل لي الــصـديــق حــسن علي الزايــر أبـــيـات الـــشاعـــر الــجــمــيل مــوسى الـزهــراني:
وحـصـنت الـبـلاد بلـطـف ربي..مـن الـداء الـمـخـيـف، وكـل كـرب
فـما “سـيـهــات” إلا بعض عمري … فـــنعـم الـقـوم عـائـلـتي وصحبي
وكـم جــئـت الـقـطـيـفَ العزَّ أشكو..  فـكانـوا بـالـوفـاء حـزام جــنــبي
ولــؤلــؤة الـصـفاء، فـتـلك صفوى… فـهـم شـرق الـبلاد وشـرق قـلـبي

بـعـث بــها مـقـتـرحا إجــابـتـه، بــقــيـت مـنـذ ذلـك مـشـبـوحاً بـيـن شــد الـواجــب، وخــوف العـجــز عــن أداء حــق هــذا الـشاعـر الـوفـي لهــذا الــتـراب الــحـبـيــب، حـتى قــلــت لـــنـفـسي: ألم تــسـمع الــقـول الــمـأثــور: “لا يـسـقــط الــمـــيـســور بالـمــعـســور، ومـلا يــدرك كـله لا يــتـرك قِـــلُّـه” وأخــيـرا تــغــلـب وهــن الــشيــخـوخـة، عـلى يـفـاعــة الــواجــب، فـإلــيـك أيــهـا الـــشـاعـر الــبـهــيُّ هـذه الأبــيـات الــركــيــكـة، مــؤمـلا قــبـول عـذري الــواهـي، مـعــولا عــلى جـمــيـل كــرمــك في قــبـولــها عـلى ما هــي:

أخا زهرانَ، هـاك شـغـاف خُـلبي … ولا يـكـفـي، فـخـذ كـبـدي، وقـلـبي
فـلولا الـخــوف أن يـؤذيك شوقي … وجـمـر تــلهــفُّـي، ولــهــيـب حـبي
ســعـيت إلـيـك تــشـرق في وتيني … فــوانــيـسُ الـوفـاء، تـنــيـر دربـي
ولـو بـيـدي ضـمـمتـك فـي عـروقي … وبــين جـوانحي، ورسـيس هُـدْبي
ولــو بـيـدي سـعـيـت إلـيـك عَـدْوًا… أزغــرد ب” الــهـلال”، أو ألــبـي
ولكـني رهــيـن جـدار بـيـتي … فـحـسبـك ما قـضـى الــبـاري وحـسـبي

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى