بشائر الوطن

مرجعيات دينية متعددة تسجل موقفها من فايرس كورونا

مالك هادي: الدمام

بسبب كائن لا يرى بالعين المجردة تعيش البشرية وقتا عصيبا لم يمر بها مثله في تاريخها. انقلب العالم رأسا على عقب، وغدا في حالة استنفار بسبب جائحة كورونا المستجد.
و في خضم الإجراءات الدولية التي فرضتها دول العالم، كان للمرجعية الدينية الإسلامية كلمتها المؤثرة، فيما يتعلق بهذا الوباء.

ففي النجف الأشرف كان للمرجعية الشيعية الدينية كلمتها، حيث أصدر آية الله السيد علي السيستاني بيانا حول دور الأطباء والممارسين الصحيين، قائلا: “إن علاج المرضى ورعايتهم والقيام بشؤونهم واجب كفائي، على كل المؤهلين لأداء هذه المهام من الأطباء والكادر التمريضي وغيرهم، ولكن يجب على السلطات المعنية أن توفر لهم كل المستلزمات الضرورية لحمايتهم من مخاطر الإصابة بالمرض، ولا عذر لها في التخلف عن ذلك”. وعن الجهود المبذولة التي يقدمها هؤلاء قال سماحته: “ولا شك في أن ما يقوم به هؤلاء الأعزة -بالرغم من كل التحديات- عمل عظيم وجهد لا يقدر بثمن، ولعله يقارب في الأهمية مرابطة المقاتلين الأبطال في الثغور دفاعاً عن البلد وأهله. ومن المؤكد أن الله تبارك وتعالى يقدر لهم جهودهم في الدنيا، ويثيبهم عليها في الآخرة، بل يرجى لمن ضحى بحياته منهم في هذا السبيل أن يثبت له أجر الشهيد ومكانته في يوم الحساب. وإننا إذ نقدم لهم جزيل الشكر وبالغ التقدير على عملهم الإنساني الجليل ندعو الله العلي القدير أن يحميهم ويحفظهم ويبعد عنهم كل سوء، إنه سميع مجيب”.

وبنفس هذا المضمون توجه المرجع آية الله السيد محمد سعيد الحكيم إلى جميع العاملين في القطاعات الصحية واصفا علمهم بأنه “مما يقربهم إلى الله تعالى ولهم به عظيم الأجر والثواب”.

وفي بيان آخر للعدد من المرجعيات منهم آية الله السيستاني (حفظه الله) يتضمن معالجة لما ستواجهه الأمة من نكسة اقتصادية ومعيشية، جراء هذه الجائحة، تحدث سماحته عن مسؤولية الجهات الحكومية المعنية بأن توفر الحاجات الأساسية للعوائل المتضررة من الأوضاع الراهنة، كما وجه خطابا إلى المتمكنين ماليا من أهل الخير بضرورة المساهمة بما يتيسر لهم في هذا المجال، ووصف هذا العمل بأنه من أفضل الخيرات والقربات.
مجيزا لهم احتساب ما ينفقونه من الحقوق الشرعية.

كما خاطب التجار بأن لايرفعوا من أسعار السلع، ودعا إلى ضرورة دعم السلع الأساسية.
أما الشريحة الثالثة المخاطابة فهي مجاميع الشباب الغيارى، حيث دعاهم سماحته إلى التطوع للتعرف على العوائل المتعففة، وإيصال المواد المخصصة لها.
وأشار سماحته إلى أصحاب المواكب الحسينية بمزاولة نشاطهم المعتاد، وتوجيهه نحو دعم وإسناد العوائل المتضررة في الوقت الراهن.

وحث آية الله الحكيم أصحاب الصيدليات وتجار المواد الغذائية على توفير الأدوية والمستلزمات الطبية، والمواد الغذائية الأساسية بالكامل، وعدم رفع الأسعار بما يضر الناس. كما أوصى المسؤولين برعاية من انقطع عن عمله، والحرص على بذل الصدقات للمحتاجين.

وفي مجموعة من الاستفتاءات التي وجهت إلى عدد من مرجعيات النجف الأشرف وقم المقدسة حول دور المجتمع الديني في هذا الظرف الاستثنائي؛ اتفقت المرجعيات على وجوب الالتزام بإرشادات وزارات الصحة ونصائحها حرفيا، للحفاظ على أرواح الناس، وتنفيذ توصيات الأطباء والكوادر الصحية.

وأكد آية الله الشيخ إسحاق الفياض على وجوب الالتزام بالإرشادات الحكومية والأجهزة الوطنية، منبها إلى أن مخالفة هذه الإرشادات يفاقم انتشار هذا الوباء.

كما شدد المرجع الحكيم على أهمية الإسراع بمراجعة المراكز الصحية لكل من يشتبه بإصابته بهذا الوباء، أو كان مخالطا لمصابين، والحرص على عزل النفس في فترة الاشتباه، فقال: “الإصابة بالفايروس ليس عيباً يتستر عليه، بل هو ابتلاء يثاب عليه المؤمن إن صبر”.

وفي ملف آخر حول تعمد نقل عدوى كورونا إلى الآخرين، قال الشيخ عبدالله المنيع عضو هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية: “تجوز معاقبة من يتعمد نقل العدوى للغير ومخالتطهم بـ (القتل تعزيرا). موضحا أن الخروج من المنزل وحضور التجمعات رغم تحذيرات الجهات المختصة بالدولة يعد جريمة وأذية وضررا على المسلمين.

وبحسب جريدة “عكاظ” السعودية قال المنيع: “في حال كان الشخص على علم بإصابته بكورونا وقصد أذية الآخرين وإصابتهم بالعدوى فإنه يجوز إيقاع عقوبة القتل تعزيرا بحقه، مشيرا إلى أنه في حال كان المتسبب مستهترا وغير مكترث ولا يعلم بإصابته من عدمها، فيعد عاصيا، ويستحق العقوبة المناسبة”.

وفي قم المقدسة أجاب آية الله الشيخ مكارم الشيرازي بشأن تساهل بعض المصابين بالأمراض المعدية، فقال: “في حال أدى هذا التساهل إلى إصابة شخص بمرض خطير فعلى المتسبب دفع تكاليف علاجه، ولو مات المصاب فعلى المتسبب دفع ديته”.

وعلى مستوى التفاعل الديني من شخصيات ومؤسسات دينية أصدر جمع من علماء الأحساء بياناً، وجهوا من خلاله نداءً إلى أصحاب العطاء، والقائمين على إدارة الأموال الشرعية والجمعيات الخيرية، بالنظر في أحوال ذوي الدخل المحدود والكسب اليومي، والمتضررين من توقيف الأعمال.

كما شكر البيان جهود الجهات الرسمية والكوادر الصحية، وحث على ضرورة الالتزام بالتعليمات الاحترازية.
ومما ورد في البيان:
“من المهم حفظ الواجب تجاه الأنظمة الاحترازية والاحتياطات الصحية، من الحجر المنزلي، وسائر أسباب المنعة والوقاية، التي أوصتنا بها الجهات الطبية والرسمية.
وإننا ومن منطلق الآية القرآنية الكريمة: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ..} نتحسس أحوال أحبتنا الذين كانوا يتكفلون لنا بالخدمات الأهلية واليومية من السائقين، وذوي الكسب اليومي والدخل المحدود، وكل المتضررين الذين اقتضت الضرورة توقف أعمالهم، وندعو ذوي الميسرة من المؤمنين سيما المتعاقدين مع المتضررين أن يراعوا أحوالهم بإتمام الوعود لهم ولو بنحو الصلح معهم، حيث ضاقت بهم السبل، وكذا ندعو ذوي اليد الشرعية أن يتحملوا جميعا المسؤولية، وأن يتعاونوا مع الجمعيات الخيرية في إيصال المساعدات اللازمة إلى مستحقيها، ليتجاوزوا هذه الأزمة. وأخيرا نناشد جميع المؤمنين بأن يستثمروا فترة الحجر المنزلي الاستثمار الأمثل، في مجال الارتقاء الروحي والفكري والأسري، ونسأل الله تعالى أن لا يخيب تلك الجهود، وأن يتقبل دعاءنا وتوبتنا، واستغفارنا، وتوسلنا إليه بكشف هذه الغمة عن هذه الأمة من أقصاها إلى أقصاها إنه المستعان وإليه المشتكى”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى