أقلام

خواطر أبوية (١).. الأم المجاهدة

الشيخ عباس الموسى

منذ أن وعيت على هذه الحياة وأنا أجد والدتي الرحيمة تتحرك بكلها من أجلنا.
الأم التي تكون في العادة في بيتها لتطبخ وتنظف، ولكن أمي لم تكتف بهذا فقط، بل كانت أيضا هي من تتحرك من أجل جلب الرزق لهذا البيت الكريم.

أمي كانت فلاحة مع أبي وكانت تجني الثمار وحصاد الزراعة في كل عام وخصوصا التمر، وفي صغرنا كنا نشاهد كيف كان أبي فوق النخلة وأمي تجمع التمر بيديها الكريمتين، وإلى حصاد العام الماضي أمي من تكفلت أن تجهز التمر الخاص بي للمصنع.

كانت تجمع حصاد النخل من أجل بيتها، كانت تقف مع زوجها -أبي- لتقول نحن جنبًا إلى جنب من أجل أولادنا.

أمي كانت حريصة على جمع سعف النخيل من أجل أن تصنع منه السجاد، والسفر، والزبيل والمحاصن، وغير ذلك، وكانت تبيعه من أجل استقرار الحياة المعيشية الأسرية.

أمي كانت تسافر إلى الأماكن المقدسة وتشتري بعض الأقمشة وغيرها لتتاجر ببيعها عند عودتها وكل ذلك في خزينة الأسرة.

أمي التي كانت تتحمل بيديها الحرارة من أجل أن تقدم لنا خبزا نتقوى به في صيامنا، وما زالت حتى آخر شهر رمضان صامته.

لقد جاهدت أمي من أجل لقمة عيش كريمة ولم تكتف بذلك، بل بذلت لكل أولادها.

لقد ساعدتنا بمالها صغارا وكبارا، لقد زوجتنا جميعا بمالها، وأنفقت علينا في كبرنا، وإذا ما مررنا بضائقة مالية بذلت، لتقول لكل أولادها أنا معكم في حلكم وترحالكم، في شدتكم ورخائكم.

لم تر الراحة يوما، سعيا من أجل جلب الراحة لهذه الأسرة.

أمٌ مجاهدة ومكافحة وباذلة، فما عسانا أن نفعل كي نرد جميل عطائها وجزيل إحسانها، وحنانها المتدفق حين تتألم عندما ترى أحد أولادها محتاجا ولا تقدم له المساعدة.
إنها الأم التي عبر عنها إمامنا السجاد بقوله: (وكان بطنها لك وعاء، وحجرها لك حواء، وثديها لك سقاء، ونفسها لك وقاء، تباشر حرّ الدنيا وبردها لك ودونك، فتشكرها على قدر ذلك، ولا تقدر عليه إلا بعون اللّه وتوفيقه)، فأعنا يا رب ووفقنا أن نرد شيئا من إحسانها وجميلها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى