أقلام

طابور.. تأملات قلم ساخر

 

إيمان الموسى

في كل مكان بالعالم احترام طابور الانتظار من الأمور الحضارية، مهما كان عدد الواقفين حتى لو كان يمتد إلى خارج المبنى. أما طابور الانتظار هذا اليوم فله قصص وحكايات.

كنت انتظر دوري في العيادة ويسبقني ستة أشخاص جميعهم يشعرون بالملل. الأول كل دقيقتين يطرق باب العيادة متعجلا دوره، الثاني كان ينظر إلى الساعة كل دقيقة ويفرك يديه ثم يقف ويعود للجلوس.

الثالث يروي قصة مرضه، أما الرابع فهو كمن يعد بلاطات الأرض ذهابا وإيابا. الخامس ماط شفتيه (شبرا) وعينيه تراقبنا فردا فردا، أما السادس فلا يستطيع أن يسكت أبدا، ويتدخل بالموجودين في كل حركة صغيرة وكبيرة.

يا لهذا الطابور المشحون بذبذبات كهربائية مفرطة، حتى بدت صالة الانتظار كأنها مغبرة .

ذهبت ذاكرتي بعيدا إلى دول أخرى؛ كنا في أثناء السفر نقف طوابير من أجل حجز التذاكر، دخول الأماكن السياحية، المطاعم… تقريبا لكل شيء طابور، حتى المخبز له طابور طويل عريض.

مرة ذهبت لأشتري خبزا ساخنا، وتوقفت في طابور من 30 شخصا، حقيقة لم أسمع سوى قهقهات ضاحكة. وبعض الكلمات المنشرحة البسيطة وبكل أريحية. تعتليهم نظرات الرضا لهذا الانتظار الطويل لأجل (رغيف)، بينما تيبست رجلي وتملكني شعور بالملل واكتسحني عدم الرضا (والتهنقم)، وخرجت مني كلمات لا إرادية احتجاجا، فكما تعلمون لم نعتد على الانتظار.

شعر بي الشخص الذي أمامي، ونظر إلى وجهي وقال: تفضلي سيدتي وخذي مكاني. شعرت بالخجل ولكنه أصر وتقدمت بسرعة إلى الأمام فالدور بدأ يتنازل لي لأني سائحة وغريبة عن بلادهم، فالاحترام للسائحين شيء متعارف عندهم، ورصيد أخلاقهم (top).

فهي تدرس بالمدارس لجذب الناس إلى بلادهم، ولحسن تعاملهم مع بعضهم. ويالجمال تعابيرهم؛ فهي حضارية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى