أقلام

الجوع.. فوائده وسلبياته

صالح المرهون

الكل يتحدث عن فوائد الجوع أو بالاحرى عن الصيام على الجسم وعلى النفس، وأهل العرفان ركزوا على الجوع والصيام لكونه طريقًا لترفيه النفس وصحة الجسم، إلا أن كتاباتهم لم تكن شاملة ومجربة، بل هي غير دقيقة، وإذا رجعنا إلى روايات أهل بيت الرحمة فإنها اعتنت عناية كبيرة بمسألة الجوع أو الصيام هذه، إذ ركزوا على أن الجوع أو الصيام هو مفتاح للحكمة وأن التخمة تفسد الحكمة والبطنة تحجب الفطنة، وأن الجوع والصيام معين على العبادة، وفي التأثير على الصحة قالو: “لا يجتمع الجوع والمرض” وهكذا، وهذا يستدعي منا توضيح بعض المقاصد في هذا الصدد، فأقول:

الجوع نوعان: جوع مستمر. وجوع منقطع. مثل شهر رمضان، أما الجوع المستمر، أي حالة الفقر المدقع فـ تأثيراته لا شك سلبية، ولا فائدة منه على سلوك الإنسان أو جسمه ونفسيته، لأنه يقرض التكامل في نظام عمل الجسم البشري وما يترتب على ذلك من تأثير سلبي وتقويض أيضًا في نظام مافوق الجسد، أي النفس والروح بسبب الترابط، وهذا الخلل يؤدي إلى نتائج ظاهرة يعرفها الكل في الجسد، ونتائج سلبية على النفس من حدة الطباع بالدرجة الأساس والتطرف والإفراط في التفكير، إضافة إلى وضع فيما بعد يؤدي إلى كثرة النسيان. 

كان على أهل العرفان أن ينبهوا لها في كتاباتهم، إلا أن الظن أنهم لم يتوصلوا إلى هذا، أما الجوع القصير الأمد، أي الوقتي، مثل الجوع الذي في شهر الله الكريم، شهر رمضان، هذا يؤدي إلى تأثير سلبي قصير الأمد على الجسد، ولكنه يقوي المناعة، ويعيد ترتيب الجسد للخلايا بسرعات متزايدة، أي زيادة قدرة الجسد على المناورة في فعالياته الحياتية، والتطبيع والتطبع مع الظروف المختلفة التي يتعامل معها الجسد، أما على الصعيد النفسي فهنا توجد حالة عصبية المزاج، وهذا ناتج طبيعي، ولكن الناتج الآخر المهم قوة النفس وتعلم الصبر.

وهذا التعلم تلقينًا، بل هو تلقائي في اللاوعي، ولأن الفترة قصيرة فهو هنا كالتمرين الرياضي للجسم تمامًا، أما إذا زاد كما في الشطر الأول، أي جوع مستمر، فهو يشابه تمامًا ما يصطلح عليه بالإعياء، أي ضغط متواصل شديد يؤدي إلى نتائج سلبية كثيرة، فالوقتي كصوم شهر رمضان، فكما قلنا من تأثيره على النفس، أما على العقل والجسم له فائدة كبيرة، فالجوع يفتح المخيلة على احتمالات بعيدة وما إلى ذلك،

هذا أهم ما يمكن أن يقال حول الجوع، في تلك الحالتين، وقد استقينا معلوماته من الدين وأهل الدين، وهم بيت الرحمة والعصمة، هم محمد وآل محمد عليه وعليهم السلام، بالدرجة الأساس،
اللهم عنا على صيام وقيام شهرك الكريم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى