أقلام

الوسوسة الشيطانية العبادية

صالح المرهون

يمكن أن يبتلى الإنسان في بعض الأحيان بالشك في الأعمال التي يتقرب بها إلى الله عز وجل، فيشك في صحة وضوئه، أو صحة غسله، أو صلاته، وتزداد هذه الوسوسة وتصبح حالة نفسية مرضية عند الإنسان، وعلى الإنسان في مثل هذه الحالات أن يتحصن بالإرادة والتوكل على الله تعالى، وألا يهتم لهذا الأمر، فإن الخضوع للوسوسة حرام -كما يقول العلماء والفقهاء- ومطلوب من الإنسان الذي يكثر شكه أن يبني على الصحة دائمًا حتى لا تتركز عنده الحالة، فهي من الشيطان الرجيم، كما جاء عن الإمام الصادق(ع) (لا تعودوا الخبيث من أنفسكم بنقض الصلاة فتطعموه، فإن الشيطان خبيث يعتاد لما عود، فليمض أحدكم في الوهم، ولا يكثرن نقض الصلاة، فإنه إذا فعل ذلك مرات لم يعد إليه الشك)

قال زرارة ثم قال (إنما يريد الخبيث أن يطاع فإذا عصي لم يعد إلى أحدكم)

أحد العلماء جاءه شخص كثير الشك في الصلاة وشكا له ذلك، قال له: انوٍ أن تصلي هذه الصلاة التي تعتقد بطلانها قربة إلى الله تعالى وأكملها، فإن الله تعالى يتقبلها منك ولا يقبل منك الإعادة والوسوسة، لأن الوسوسة من الشيطان الغوي الرجيم، فتعوذ من الشيطان، وحصن نفسك حتى تتخلص من هذه الحالة، لأن الخضوع للوسوسة حرام، حيث يحول الدين إلى عقدة، والدين يسر وليس عسر، والصلة مجال لراحة النفس واطمئنانها بذكر الله (ألا بذكر الله تطمئن القلوب) رسول الله(صلى) يقول: ( يابلال، أرحنا بالصلاة) ولكن الشيطان يريد أن يحول هذه الراحة إلى حالة مزعجة مرضية في بعض الأحيان، بسبب أجواء

يعيشها الإنسان تصيبه هذه الحالة المرضية المزعجة، وقد لاحظت أن بعض من يؤدون الحج تصيبهم حالة الشك والوسوسة بعد عودتهم من أداء مناسكه، ويبدوا لي أن ذلك بسبب التشدد في طريقة التعليم لمسائل الصلاة والغسل والأعمال الواجبة، وإذا كان هذا التعليم غير واعِ أو غير مفهوم بالطريقة الصحيحة، فقد يكون سببًا لابتلاء المؤمن بهذه الحالة المرضية المزعجة، وهذا لا يجوز، لأن الدين يسر وليس عسرًا،.

ينقل أحد المفسرين رواية بمناسبة قوله تعالى: (وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم وقل لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جارٍ لكم فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إني بريئ منكم إني أرى ماترون إني أخاف الله والله شديد العقاب).

تفسير الرواية عن جابر الأنصاري يقول: إن إبليس تمثل يوم بدر في صورة سراقة بن مالك بن جشعم المدلجي فقال لقريش: (لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم) فهموا أن الشيطان جاء بصورة سراقة هذا، والحقيقة أن فهمهم غير صحيح، فالذي حدث هو العكس، لم يتمثل الشيطان بسراقة، وإنما تمثل هو الشيطان، وأنت أيها المؤمن صنف الرواية كيفما تريد، وانظر إليها كيفما تشاء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى