أقلام

حتى لا يكون البناء كابوساً

د. علي القضيب

البنية التحتية تعد من الأساسات الضرورية، التي قد لا تكون ظاهرة للعيان على كل الأصعدة، فللمدن بنية تحتية توفر من خلالها الخدمات، مثل شبكات الكهرباء والمياه والتصريف والسفلتة، وكذلك للإنسان ذاته بنية تحتية وهي المعارف والعلوم والثقافات المتنوعة التي ورثها واكتسبها.

كما أن المخططات المعمارية هي الأخرى لها بنية تحتية، وهو «الكاروكي» في نظري الذي يخضع للدراسة والتمعن والتغير، سواء على مستوى السكني أم على مستوى الوظائف المناطة به.

قبل شهر واحد دعيت لرؤية منزل قريب وصديق لي في مرحلة الهيكل الإنشائي أو ما يسمى بـ«العظم» وطلب مني أن أبدي له مقترحاتي، فقلت له: أعتقد أن الوقت متأخر، ولكن دعوني أشرح لكم ما شاهدته، لقد كان البناء شاهقا والمساحات كبيرة، التي قد يستلطفها الشخص وهي على الورق أو حتى هيكليا في الموقع ولكن حتما سترهق صاحبها في المرحلة اللاحقة من التشطيب، ناهيك عن المرحلة اللاحقة من الصيانة والتشغيل.

ولما استجوبته: لماذا لم تستشر أحدا؟ أجاب: لا أعرف أحدا ولكني شخصيا أحب الفراغات الكبيرة، هذا الموقف دعاني لأن أتناول هذا الموضوع وهو نصيحتي للتريث وللاستشارة والتفكير بشمولية قبل أن تقع الفأس في الرأس، وفي هذا الصدد تحضرني اقتراحات عدة:

أولا، كما أن هناك مستشارا ماليا يحافظ وينمي أموالك، فأنت بحاجة -في نظري- إلى مستشار سكني ذي خبرة هندسية، يستطيع أن يقدم لك النصيحة وأن يترجم رغباتك في حدود أطر الميزانية المتوفرة، إلى بنود هندسية يسهل على المكتب الاستشاري تنفيذها، أو أن يكون المكتب الهندسي نفسه هو من يقدم هذه الخدمة كنوع من التمييز.

ثانيا، على المستوى الأكاديمي والبحثي في عالم التصاميم المعمارية أو إدارة التشييد، فيا حبذا لو تُعمل دراسة أو أطروحات على مستوى الماجستير تربط الماضي بالحاضر من خلال استبيان للجيل السابق، فيما لو أن عجلة الزمن ترجع بهم إلى الوراء، فما هو الشيء المختلف الذي كان قد سيعمله، كما أن هذه الدراسة يجب أن تأخذ بعين الاعتبار، طبعا، رغبات الجيل الحالي الذي بات يخضع لأنماط جديدة من الحياة في ضوء النقلة الاجتماعية الاقتصادية والثقافية الجديدة.

ثالثا، نتاج هذه الدراسات تدون على هيئة توصيات يتم توفيرها للمكاتب الهندسية الاستشارية كي تنعكس وتجسد في المخططات السكنية الجديدة.

رابعا، عقد الندوات التوعوية باستغلال المساحات الاستغلال الأمثل وتفعيل ما يسمى بأنظمة التصاميم الداخلية، هذا الفن الذي يحيل المساحات الصغيرة بيئة مريحة وجمالا.

أنا على يقين بأن الاستشارة المستفيضة في مرحلة الكاروكي ستعطي ثمارها اليانعة في المراحل التي تليها، وصولا ببناء سكني تكتنفه الراحة والسعادة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى