أقلام

من أجل لقمة عيش كريمة، ماذا نريد أن نصنع للأبناء

أمير الصالح

بين أن نعرف أنفسنا أولًا، ونحدد خياراتنا في الحياة ثانيًا، ونساعد أبناءنا في استحصال حياة كريمة ثالثًا، وضمان حياة مستقرة بعد طول عناء وكدح رابعًا توجد خلجات وأفكار وشرود وضبابيات وهواجس كثيرة.

اعرف نفسك أولًا بجديد معالم قوتك وطاقتك، ومدى صبرك وطول نفسك، وميولك (تجاري، صناعي، زراعي، بحثي ،… إلخ) وإمكاناتك وحدود شغفك …
فإن عرفت نفسك جيدًا أولج برفق لمعرفة المزيد عن توجهاتك المالية والنفسية والروحية والعلمية والاجتماعية …الخ .
في جنبة التوجهات المالية، لا بد لك أن تحدد
توجهاتك المالية إن كانت مبنية على:
١- فاعلة ومثابرة Active
أو
٢- خاملة Passive

فالعادة المالية المبنية على أساس التدفق المالي على دخول إيرادات إيجارات عمائر وأرباح أسهم سنوية dividents هي تدفقات مالية يتم تحصيلها دون جهد أو عناء، إلا أنها تحتاج لراس مال كبير وحنكة في حسن انتقاء نوع الاستثمار. وهناك موارد مالية خاملة يتم حصدها عند البعض من خلال ميراث أو زواج مصلحة مالية. وفي المقابل، التوجهات الفاعلة لاستحصال المال تكون ناتجة عن حراك مستمر وهو إما صناعي أو تجاري أو زراعي أو إعلامي أو …الخ. وهو بطبيعته عالي المخاطر في بعض جوانبه لعدة متغيرات اجتماعية وقانونية وزمكانية.

من بعض الإفرازات السلوكية للمجتمعات التي تعتمد على موارد طبيعية ناضبة (البترول مثلًا) هو ولوج قطاع عريض من أبناء المجتمع في حياة الدعة والركون إلى الهش من جني الأموال (تجارة الفيز وتجارة الأبدان) والابتعاد عن الأعمال المتطلبة لجهود مضنية ومتابعات لصيقة ورقابة دائمة. رب عدد ليس بالقليل من أبناء الجيل الصاعد على خير أكتاف والده. وعاش بعض الشباب في بحبوحة يغبطه عليها أبناء الشرق والغرب. إلا أن لكل كتاب أجل.

في عالم اليوم حيث تمدد انتشار التجارة الألكترونية، نوعية الأعمال التجارية آخذه في الانسحاب للأعمال السحابية والألكترونية والعالم الافتراضي، وعليه فلا بد من ولوج هذا العالم لمن تعلق ميوله بالتجارة.

الصناعة في بلادنا محل دعم حكومي ضخم. وقديمًا قيل اتبع صاحب القرار. إلا أنه ليس كل من أمسك خشبًا أصبح نجارًا. فالمثل يقول: ” لو كل من أتى ونجر، لما بقي بالوادي شجر “. فالصناعة لها وعليها ومن ضمن ما عليها هو جلب العمالة الماهرة ودفع رسوم الإقامة واستيفاء متطلبات النطاقات، وتوفير أجور الطاقة والوقود والعمالة ومنافسة المنتج المستورد والاستحواذ على نسبة من السوق والنفس الطويل والتسويق المستمر والناجح. وشخصيًا أوصي الشباب بولوج عالم الصناعة.

ومهنة الزراعة كانت مصدر قوت آبائنا إلا أن انحسار المياه في بعض المناطق، وارتفاع أسعار الأسمدة وزهد الأبناء في هذا القطاع قض مضاجع الكثير من الناس.

في ظل التحاق معظم جيل الآباء بالشركات في زمن الطفرة الأولى والثانية وانتهاء خدمات معظمهم بالتقاعد أضحى هاجس تأمين لقمة عيش الأبناء بنفس المستوى الذي أحرزه لهم ، يحفز الآباء المتمتعين بروح المسؤولية بالتطلع لوضع أبنائهم على سلم الكرامة المالية. تارة بإحراز تعليم جامعي مميز وتارة بإلحاق الأبناء بعالم الصناعة، وتارة أخرى بفتح محل تجاري لهم من خاص جيبه. كل هذه المحاولات في إحراز مقام يليق به ويحفظ ماء وجه أبنائه عن أن يتأرجح بين قصص نجاح وقصص إخفاق وتعثر.
إلا أن الأمل يحذو أصحاب الهمة وروح المسؤولية من جيل الآباء لاستنطاق السبل وتلمس الطرق الفضلى لإيصال الأبناء للأجمل والأفضل، وشعور الآباء بأن الإخفاق للأبناء سيؤول بأن يكون شباب المجتمع إلى مخزون بشري فقط ويعيش على هامش متطلبات سوق العمل للأيدي العاملة في منطقته والمناطق المجاورة.

نؤمن بأن أصحاب التجارب المثمرة والعقول الناضجة من الآباء المتقاعدين هم ثروة حقيقية للمجتمع إلى جانب الشباب المفعم بالحيوية ويجب أن يتم احتضانهم جميعًا ومساعدتهم في تلاقح الأفكار بالافعال وترجمة شغف الشباب مع خبرة الشياب من خلال الاستثمار الصناعي والتقني والصحي والعلمي الملبي لحاجة الأسواق المحلية والمجاورة. إخفاق أي مجتمع في تبني استنهاض الهمة سيجعل البضاعة المستوردة والمصدر الأجنبي للسلع هو سيد الموقف ولأمد طويل أو حتى نضوب الاعتمادات المالية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى