أقلام

مجالس أهلنا الطيبين

أحمد الخرمدي 

في هذا العمر وبعد الستين، لابد لنا بين فترة وأخرى أن نتذكر الماضي الجميل ويظهر علينا الحنين، بيوتنا القديمة، بيوت الأباء والأجداد، بعضها يرجع لسنوات ماضية، يقدر عمر بنائها بمائة وخمسين سنة فأكثر، وما فيها من مجالس جميلة كنفوس أهلها.

الزمن الماضي -ولا تقليل من الحاضر- فيه من أصحاب الأنفس الطيبة والسماحة والقلوب النظيفة، فيه المجالس البسيطة والمريحة التي تجمع رب الأسرة الكريمة الواحدة، ويرتادها الشيخ والعالم والمعلم والفلاح والبحار وأصحاب الغوص والنواخدة، والبناي والحداد والتاجر والخباز وكل صاحب صنعة، كما تجمع الخطيب والأديب والشاعر والنهام وشيخ القبيلة والعمدة والمختار، وكل قاطني الحي ( الفريج ) كبيرًا وصغيرًا، غنيًا، فقيرًا دون استثناء ولا تكلف.

مجالس زمان كانت مدارس، لا يَشغل من بفناءها شيء غير الاستماع للكبار، يتعلم منها الأبناء تقاليد الأباء والأجداد، يتعلمون تمسكهم بدينهم وقيمهم، يتعلمون الصبر والسلوك الحسن، الوفاء والإخلاص في التعامل والعمل .

مجالسنا زمان ولا تختلف عن ما هو في مجالس دول الخليج، والتي تربطنا بأهاليها النسب والعادات الاجتماعية والتقاليد الجميلة، كانت مميزة رغم بساطتها، فيها الدروس والعبر، يتخرج منها أجيال وأجيال، مجالس نقية متمسكة بعاداتها وتقاليدها الأصيلة، فيها الكرم والحكمة والسكينة والوقار.

مجالس زمان، يتمتع أهلها بسعة الصدر والحكمة، وما أروع أن نتذكرها حيث ترتاح النفوس لذكراها، تجمع أفراد العائلة وكل الأهل والأصحاب وتقوي العلاقات الأسرية والاجتماعية وتعزز روح التعاون والإنسانية، وترسخ الثوابت العقلائية الصحيحة والسليمة، وتقوي الروح الوطنية والانتماء، حب الأرض والوطن والولاء، وهي في القلوب باقية، جيل بعد جيل.

مجالس زمان مسجلة ليومنا هذا، في التاريخ ومنقوشة بحروف من ذهب في النفوس والعقول، ويكفينا فخرًا أنها ذات موعظة حسنة ومنبع أمل وحب، و هي نبراس للأخوة الصادقة والوفية وبوابة لعمل الخير والصلاح والأمن والإطمئنان، مُباركة من الله تعالى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى