أقلام

كورونا.. وحرب الخليج (الحلقة الأولى)

رباب حسين النمر

راديو مونتي كارلوا بموسيقاه المميزة التي تنبيء ببث نشرة الأخبار يصدح في الغرفة الصغيرة، والدي يمسك الراديو بين يديه، ونحن من حوله متحلقون، منصتون بهدوء، قلوبنا ترتجف، وأرواحنا تنتفض، والذعر يبتلعنا ونحن نتابع بهلع أخبار احتلال الكويت، ورجفة الخوف تبتلع الفؤاد، خيالي يرسم طريقًا ممتدًا من الكويت مزدحمًا بالدبابات والجيوش المرعبة لصدام وهي تتقدم إلى الدمام، فتترك الجثث صرعى تحت صهيل الدبابات، ونزق جنود صدام وهم يقتحمون البيوت، يسرقونها، ويسوقون الفتيات، ويقتلون الرجال، أستحضر كل ما شاهدته عن جرائم التعذيب التي يمارسها الجيش العراقي فيزداد جسدي الناحل ارتجافًا، أشعر بأن العالم بحر متلاطم، وسمكة قرش مفترسة تفتح فكها الواسع لابتلاع الحياة، ولا يعيدني من خيالاتي سوى موسيقى أخبار مونتي كارلو مرة أخرى.

في لحظة مخيفة وقع كالصاعقة على رؤوسنا خبر احتلال الجيش الصدامي مدينة الكويت، وخروج الأسرة الحاكمة من المدينة، وآلاف الكويتيين..

جمعنا ما خف حمله وغلا ثمنه، وعلى وجه السرعة انطلقنا إلى مكان أكثر أمنًا من المنطقة الشرقية، حيث الاحتمال وارد وكبير أن يتقدم صدام بجيوشه المرعبة إلى عقر دارنا، تركنا (البيت الجديد) الذي لم يمض على سكناه أكثر من شهر، غادرناه تحت جنح الظلام، نهبت السيارة مسافات الشوارع، كنا نتطلع إلى السماء ونتوقع حدوث كارثة في أية لحظة.

ولم نكد نلتقط أنفاسنا حتى خيم الظلام تمامًا إلا من أضواء السيارات المتتالية المنبعثة في الليل وسط طريق الدمام-الرياض السريع.

يتبع ….

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى