أقلام

الاجتماعات والرهبة

صادق العليو
من المعروف مسبقاً بأن المواجهة الشخصية فيما بين الموظفين ومسئوليهم تعتبر احد ركائز وأهم وسائل الاتصال المباشر بين الفئات العاملة إذا ما تمت ضمن أجواء يسودها التفاهم وحرية التعبير عن الرأي والمناقشة بينهم، ولذلك لا نكاد نرى أو نسمع عن أيا من القطاعات الناجحة والمتميزة إلا وكانت الاجتماعات الدورية ضمن برامجها التي تؤكد على تطبيقها وبشكل أساسي للارتقاء بمستوى الإنتاج والخدمات وتطويره ولتفادي السلبيات ومواجهتها. وفيما تتفق غالبية القطاعات على أهمية عقد الاجتماعات بشكل مجدول، معلن وتحديد أجندة مسبقة لمواضيعها، إلا أنها تختلف حول كيفية عقدها! حتى أنها قد تختلف ضمن القطاع الواحد أو أقسامه، والشاهد هنا ليس الاختلاف بذاته لأنه من الطبيعي وجود الاختلاف لارتباطه بنوعية نشاط القطاع أو القسم أو حتى المجموعة المجتمعة نفسها وهي جميعها مؤثرات، إلا أن تسائلنا حول شكوك بعض المسئولين على ضرورة أو أهمية عقد الاجتماعات نفسها ! وهل يأتي عقدها بثمار ايجابيه للقطاع أو القسم المعني ؟ وللرد على ذلك نسرد بعضا من الأمثلة العملية من واقع الحياة اليومية لغالبية القطاعات على أمل تقريب الصورة للقاريء بشكل أوضح ونقول أولا بأن وضع خطة عملا ما ( أيا كانت ) تحتاج لطرفان أو أكثر لتحديد أبعادها وطريقة تنفيذها والمؤثرات المصاحبة لها، ومن الطبيعي اجتماع الأطراف لمناقشة ذلك والاتفاق عليه، ثم لا بد من تحديد جدول زمني لتقييم تنفيذ الخطة ومناقشة السلبيات والايجابيات (أن وجدت) والاتفاق على تعديل الخطة وفق النتائج! وهذا لا يحصل طبعا بدون اجتماعات متابعه لحين تنفيذ وإنجاز كل برنامج الخطة. وعلى نفس المنوال فأن كل قطاع عمل نظامي لديه ما يسمى بالميزانية التي يفترض إقرارها واعتمادها قبل البدء بالعام المالي الجديد وعادتا ما يكون هناك سلسلة من الاجتماعات لمناقشة المقترحات ولتوضيح وتحديد تفاصيل وإبعاد هذه الموازنة مع كل قسم قبل إقرار الميزانية والعمل بها، ثم يفترض من خلال العام الجديد عقد اجتماعات متابعة (ربما شهرية أو ربع سنوية) للتأكد من تنفيذ الخطة حسب إبعادها والإطلاع على النتائج وتصحيح الأوضاع الشاذة أن وجدت بإصدار قرارات وصلاحيات جديدة. والمثال الثاني هو فريق المبيعات والذي يتألف من عدة مندوبين لتغطي أكبر منطقة جغرافية ممكنة يضع خطة دقيقة توكل من خلالها المهمات حسب المناطق ونوعية العملاء والمنتجات فيما بين عناصرها ثم يبدأ بعقد اجتماعات متابعة ( قد تكون أسبوعية أو شهرية ) للتأكد من تحقيق أهدافه واتخاذ اللازم لمواجهة أية أزمات. والمثال الثالث هو فريق العمليات والتي قد ينطبق أيضا على أي قطاع عمل أو قسم ولأي نشاط كان فأننا نلاحظ الحاجة الهامة لطرح وتبادل الآراء والأفكار بين المجتمعين ولاكتسابهم مفاهيم عمل جديدة ولتفادي سلبيات أو معرفة ايجابيات موجودة لديهم من خلال الاجتماع. أن الاجتماعات تساعدنا على صهر الآراء وتقرب بين وجهات النظر وتزيل الارتياب والتردد ونقوم بتوضيح المفاهيم بين المجتمعين وهي أيضا فرصة غنية لهم لإفراز مقترحاتهم واعتراضاتهم وبالتالي فآيا كانت نتائج الاجتماعات فهي حتما أفضل من عدمها. وبعد ذلك نستغرب أخيرا إهمال بعض المسئولين في قطاعات العمل عقد أي اجتماع بواسطتهم وتفادي ذلك كثيرا وقد تمر على بعضهم سنوات لا يرتب خلالها لأي اجتماع، ربما لوجود سليبات سابقا أثرت عليهم أو خوفهم من فقدان السيطرة على المجتمعين عند قيام المجتمعين بطرح مطالب شخصية لا تمت للاجتماع أو حتى ضعفهم في إدارة الاجتماع نفسه، ونراهم يقضوا أعمالهم بعقد اجتماعات فرديه قصيرة و متكررة بدلا عن ذلك (مبدأ فرق تسد)، وتبقى طبعا المفاهيم والآراء الحسنة والخبرات والتجارب الجيدة مختزله لدى موظفيهم ولا مجال طبعا لطرحها وصهرها واقتسام خبرتها بين الجميع للاستفادة منها بسبب عدم وجود اجتماعات، ونقول لهؤلاء المسئولين أعيدوا النظر وصححوا مفاهيمكم وقناعتكم في الاجتماعات ولا ترتابوا منها أبدا ولا تنسوا قوله تعالى ( وشاورهم في الأمر ) وأيضا ( وأمرهم شورى بينهم ) وهذه طبعا من الايجابيات التي لا تتحقق إلا بالاجتماعات! . عساني وفيت، طيعوني و ما راح تندمون.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى