أقلام

إظهارك ما تكنه في نفسك من مشاعر الاندهاش والإجلال تجاه إنجازات طفلك قد يجعل تربيتك له أكثر سعادة وأعمق شعورًا بأهداف التربية

المترجم : عدنان أحمد الحاجي

كتبت المقدمة الدكتورة ريما زهير الكردي، مدارس جامعة الملك عبد الله العلوم والتقنية، باحثة وكاتبة في أدب الطفل وناقدة ومدربة

مقدمة الدكتورة ريما زهير الكردي

في خضم الانشغالات اليومية وتسارع وتيرة الحياة، كثيرًا ما ينشغل الآباء والأمهات في أداء واجباتهم التربوية تجاه أبنائهم ودون قصد منهم، فتفوتهم تلك اللحظات الدقيقة والعميقة والتي قد تحدث فرقًا جوهريًا في تجربتهم الأسرية. لذا، فإن لحظات تأمل إنجازات الطفل، مهما بدت بسيطة وما يصاحبها من مشاعر فخر أو دهشة أو إعجاب، قد تكون أكثر من مجرد انفعالات عاطفية عابرة، بل تعكس ارتباطًا وجدانيًا عميقًا بين الوالدين وطفلهما، وتكشف عن وعي متجدد بقيمة هذه العلاقة الإنسانية والتربوية.

وقد بدأ الباحثون في السنوات الأخيرة في الالتفات إلى هذه الأبعاد الانفعالية في التربية، متسائلين عن دورها في تعزيز الرفاه النفسي والمعنوي للوالدين، وفي خلق بيئة أسرية أكثر دفئًا وترابطًا. وبينما ظل الفخر لسنوات طويلة من المشاعر السائدة التي يعبر بها الأهل عن تقديرهم لإنجازات أبنائهم، بدأت دراسات جديدة تسلط الضوء على أثر مشاعر أخرى أكثر عمقًا، مثل الدهشة والإجلال، والتي قد تحمل آثارًا نفسية وتربوية بعيدة المدى على الطفل وعلى أهله أيضًا.

الدرلسة

تفيد دراسة جديدة من جامعة روتشستر إلى أن شعور الأم أو الأب بالفخر وبإظهار ما تكنه النفس من اندهاش وإجلال (awe) تجاه الطفل بسبب إنجازاته وما حققه يمكن أن يعزز الهناء النفسي بشكل معتبر. وجدت الدراسة، التي نشرت في مجلة العلوم الاجتماعية والعلوم الشخصية (1)، أن هذه المشاعر الإيجابية تساهم في الرضا عن الحياة (2) كما تساهم في خلق رابطة أقوى بين الأم والطفل (3) و/ أو بين الأب والطفل (4).

أجرى فريق البحث، بقيادة برينستون تشي Princeton Chee، سلسلة من الدراسات على ما يقرب من 900 من أولياء الأمور (الآباء والأمهات) لدراسة كيف يؤثر الشعور بالفخر وبإظهار ما تكنه النفس من اندهاش وإجلال في الجوانب المختلفة للهناء النفسي.

“شعور أحد الوالدين بالفخر وبإظهار ما تكنه النفس من اندهاش وإجلال تجاه ما وصل إليه وحققه الطفل من انجازات ممارستان شائعتان ومفيدتان للآباء مع أطفالهم،” كما أوضح تشي.

“قد يشعر الآباء بالفخر عندما ينجز الطفل شيئًا عمل عليه بجهد وجد. وقد يظهرون ما تكنه أنفسهم من اندهاش وإجلال تجاه أنجازات الطفل المذهلة أو غير المتوقعة مما يجعلهم يقولون له كلمات، مثل، ” واو / نجاح باهر.

بالرغم من أن كلا الانفعالين (الفخر وإظهار ما تكنه النفس من اندهاش وإجلال) قد ثبت إنهما مفيدان، أثبتت الدراسة أن إظهار ما تكنه النفس من اندهاش وإجلال كان له تأثيرات أكثر عمقًا في الهناء النفسي العام. “وجدنا أن إظهار هذا الشعور بالاندهاش والإجلال يمكن أن يعزز هناء الوالدين النفسي بشكل شمولي، مقارنة بالفخر، مما يجعل الآباء يشعرون بحياة سعيدة وذات معنىً أكثر وغنية بتجارب ودروس وتحديات الحياة،” كما لاحظ تشي.

وجدت الدراسة أن اظهار ما تكنه النفس من اندهاش وإجلال تجاه الطفل يربط الوالدين بشيء مثل، علاقتهما بطفلهما أو بمفهوم التربية نفسها، أكبر من ارتباطهما بنفسيهما. بينما ينحو الفخر إلى التركيز أكثر على الأنا والإنجازات الشخصية. يساعد هذا التمييز في توضيح لماذا إظهار ما تكنه النفس من اندهاش وإجلال يرتبط بشكل أقوى بأهداف التربية (كالحماية والمشاعر الطيبة والحب والتوجيه والتعليم والتهذيب والأخلاق والعادات والتقاليد والقيم الاجتماعية والتحمل وتحدي الصعوبات، وما إلى ذلك]، والهناء النفسي في حياة الوالدين بسبب تنوع الخبرات والتجارب وعمقها.

“وجدت دراستنا أن إحدى الطرق التي يمكن أن تكون بها التربية نافعة، وغير ضارة، هي من خلال الشعور بالفخر وخاصة إظهار ما تكنه النفس من اندهاش وإجلال تجاه إنجازات الطفل.”

بعكس الاعتقاد الشائع، فإن إظهار الوالدين ما تكنه النفس من اندهاش وإجلال تجاه إنجازات طفلهما لا يتطلب ظروفًا نادرة أو استثنائية. “فرص إظهار هذا الاندهاش والإجلال والإستفادة منه متوافر أكثر مما يُعتقد،” كما قال تشي.

“الفرص المتميزة والمشحونة عاطفيًا وذات المعنى العميق التي تدفع بإظهار شعور الأبوين بالاندهاش وبالإجلال كثيرة جدًا ونافعة. ولكن يمكن أيضًا تعزيز هذا الشعور، إلى جانب منافعه العديدة، من خلال أشياء بسيطة مثل القيام بنزهات خلال عطلة نهاية الأسبوع وخلال الأوقات الجيدة التي يقضيها بصحبة الطفل.”

يؤكد الباحثون على أن تبني هذه التجارب الانفعالية (العاطفية) الإيجابية لا يقلل من تحديات وصعوبات التربية. لكن النتائج تفيد بأن تعزيز الاستمتاع بلحظات الفخر وإظهار من تكنه المشاعر من اندهاش وإجلال تجاه الطفل يمكن أن تساعد أولياء الأمور في إيجاد المزيد من المتعة والمعنى في تجربتهم التربوية لأطفالهما.

مصادر من داخل وخارج النص

1- https://journals.sagepub.com/doi/10.1177/19485506251332690

2- https://ar.wikipedia.org/wiki/الرضا_عن_الحياة

3- https://ar.wikipedia.org/wiki/رابطة_الأمومة

4- https://ar.wikipedia.org/wiki/رابطة_الأبوة

المصدر الرئيس

https://medicalxpress.com/news/2025-04-awe-child-parenting-joyful-fulfilling.html

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى