أقلام

في رحيل ملا حسين آل باقر

زكي الشعلة

ببالغ الحزن، وبقلوبٍ منكسرة، ننعى علمًا من أعلام المنبر الحسيني، وقامةً من قامات الخطابة المؤثرة، ذو الصوت الشجي الذي أبكى المجالس، وأحيا قلوب العاشقين لأهل البيت عليهم السلام.

ننعى الخطيب الحسيني الملا حسين بن الملا محمد آل باقر، الذي ارتقى إلى جوار ربه في الثامن من شهر ذي القعدة الحرام لعام 1446، تاركًا فينا جرحًا لا يندمل، ودموعًا لا تجف.

أناديك يا ملانا أبا علي: رحلت جسدًا، ولكنك باقٍ في أرواحنا، نراك في كل مأتم، نسمع نعيك على الحسين عليه السلام في ذاكرتنا، ونبكي كما كنا نبكي خلفك، لأنك لم تكن مجرد قارئ، بل كنت تحكي وجع كربلاء يتجسد في نبرة صوتك، وصرخة حنين في كل دمعة تُسكب على الحسين عليه السلام.

لقد كنت أبًا وأخًا وصديقًا ونصوحًا ومرشدًا وموجهًا لمن جاورك وعرفك وصاحبك، بل كنت تحتضنهم بكلمة، وترشدهم بابتسامة، وتوصيهم أن يكونوا خدامًا صادقين لأبي عبد الله الحسين عليه السلام بكل صدق وتواضع وبنيةٍ خالصة كما عرفناك.

من عرفك يا ملا حسين، عرف الهيبة في بساطتك، وعرف العلم في صمتك، وعرف التواضع بأخلاقك، وعرف الحسين عليه السلام في الصوت الذي كان يخرج منك بحرارة حزنك الذي يشعر به من استمع لك ناعيًا على مصائب كربلاء.

كم من مجلس أبكيت فيه الصغار قبل الكبار؟ كم من قلب علقته بكربلاء ومصائب أهل البيت عليهم السلام، حتى صار كل من يستمع إليك يشعر وكأن الدم يسيل من قلوب الأطهار، وكأن الرضيع يُذبح الآن، وكأن زينب عليها السلام تنادي كفيلها أبا الفضل العباس الآن وذلك من قلبك الطاهر على المنبر الحسيني.

كان صبرك عنوانًا، وتواضعك درسًا، وأخلاقك مرآةً لمن يريد أن يتعلّم كيف يكون الخطيب خادمًا ومخلصًا قبل أن يكون متحدثًا.

ويا لفقدك الجلل…

نحن نحزن، ونبكي، ونتألم، ولكننا نحتسبك عند من أحببته، عند من أنعيت دمه وسبي نسائه… نحتسبك عند الحسين المظلوم عليه السلام الذي نعيته طيلة عمرك الشريف، ولم تتخلّف عن مأتمه، حتى لبّيت النداء.

نحزن ونبكي على فراقك وسنفتقد حضورك المستمر في حسينية السيد صالح الشعله الذي اعتبرتها مجلسك وأنسك برفقة والدي العزيز.

تعازينا الحارة إلى أسرة الفقيد العزيز، أبناءه وأحفاده ومرافقيه ومحبيه.

عظم الله لكم الأجر، وربط على قلوبكم بالصبر، وجعل هذا المصاب الجلل في ميزان أعماله، ورفع مقامه في عليين مع محمد وآل محمد الطاهرين.

لن ننساك، ولن تغيب عن مجالسنا، ولا عن قلوبنا.

إنا لله وإنا إليه راجعون

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى