أقلام

اليوم العالمي للنحل ٢٠٢٥

رباب حسين النمر

يصادف اليوم العشرين من شهر مايو اليوم الذي حددته الأمم المتحدة يومًا عالميًّا للنحل، لنشر الوعي بأهمية الملقحات ولإبراز مساهمتها في التنمية المستدامة والتهديدات التي تواجهها،

بهدف تعزيز التدابير الرامية إلى حماية النحل والملقحات الأخرى. مما سيسهم بشكل كبير في حل المشاكل المتعلقة بإمدادات الغذاء العالمية والقضاء على الجوع في البلدان النامية.

تمثل تربية النحل نشاطًا واسع الانتشار وعالميًا، إذ يعتمد ملايين مربّي النحل على النحل لكسب سبل عيشهم ورفاههم. ويؤدي النحل، إلى جانب الملقّحات البرية، دورًا رئيسًا في صيانة التنوع البيولوجي. وضمان بقاء النباتات وتكاثرها، ودعم تجديد الغابات، وتعزيز الاستدامة والتكيف مع تغير المناخ، وتحسين كمية الإنتاج الزراعي وجودته.

ولإننا جميعًا نعتمد على الملقحات، فمن الأهمية بمكان مراقبة تراجعها والعمل على وقف فقدان التنوع البيولوجي.

يتعرض النحل والملقحات الأخرى، مثل الفراشات والخفافيش وطيور الطنان، إلى تهديد متزايد بسبب أنشطة البشر. فالملقحات تساعد العديد من النباتات، ومنها المحاصيل الغذائية على التكاثر. ولا يقتصر دور الملقحات على المساهمة المباشرة في الأمن الغذائي وحسب، بل تعد عنصرًا رئيسًا في الحفاظ على التنوع الحيوي الذي يعد ركيزة من ركائز أهداف التنمية المستدامة.

والتلقيح عملية رئيسة لبقاء أنظمتنا البيئية. فما يقرب من 90% من أنواع النباتات المزهرة البرية في العالم تعتمد اعتمادا كليًا أو جزئيًا على التلقيح حيواني، فضلًا عن اعتماد أكثر من 75% من المحاصيل الغذائية في العالم و35% من الأراضي الزراعية العالمية عليه. وبالتالي فالملقحات تساهم بشكل مباشر في الأمن الغذائي، فضلًا عن أنها هي مفتاح الحفاظ على التنوع البيولوجي كذلك.

وستحتفل منظمة الأغذية والزراعة هذا العام باليوم العالمي للنحل من خلال حدث افتراضي تحت شعار “ملتزمون بحماية النحل: الاحتفاء بتنوّع النحل ونظم تربيته”

أهمية النحل في حياتنا

للنحل أهمية بالغة لتأثيره الجوهري على حياة الإنسان. ورُغم أن بعض الناس يتعاملون مع النحل باعتبارهِ من الحشرات المُزعِجة نظرًا لأنها قد تلدغ الإنسان بشكلٍ فتَّاك فضلًا عن أنها تُحدِث طنين في الأرجاء، غير أن هناك حقيقة مؤكدة مفادها أنه “إذا انقرض النحل، فلن يكون هناك بشر”. وفيما يلي أبرز إيجابيات تربية النحل:

تلقيح المزروعات: تشير الدراسات إلى أن مُعظم الطعام الذي يأكله الإنسان يكون بفضل النحل؛ إذ إن النحل هو المسؤول عن تلقيح ما يزيد عن 90% من مُختلف المحاصيل الزراعية.

إنتاج العسل وشمع العسل: يستأثر النحل بالقدرة على إنتاج العسل، ومن المعلوم أنّ العسل من الأغذية بالغة الأهمية للإنسان ومُتعدِّد الفوائد الطبية؛ فهو يُساعِد على الوقاية من السرطان وأمراض القلب واضطرابات الجهاز الهضمي ويقضي على البكتيريا. ويأتي عسل النحل مقرونًا بنوع من الشمع الذي يتميز بأنه من المواد القابلة للاشتعال فضلًا عن أنه صالح للأكل وغير سام مما يجعله قابلاً للإضافة إلى المواد الغذائية والاستخدام في ترطيب الجلد والتشحيم وصباغة الجلود والأقمشة وتطبيقات صناعية أخرى. كما يُنتِج النحل إفراز حليبي يُسمى “غذاء ملكات النحل” والذي يزخر بفوائد طبية وصحية أبرزها تعزيز جهاز المناعة ومكافحة علامات الشيخوخة، ومن خصائصه أنه مُشبَّع بالدهون ويحتوي على الأحماض الأمينية والسكريات والأملاح المعدنية والبروتينات والفيتامينات.

المساهمة في الاقتصاد: تُشير التقديرات إلى أن النحل يُسهِم في الاقتصاد العالمي بواقع أربعين مليار دولار سنويًا ويُعزز إنتاجية المحاصيل، وبالتالي فإن مهنة تربية النحل تعود بمردود جيد.

توفير فرص عمل: تُصنَّف مزارع النحل من المصادر الرئيسة للوظائف وتقليص البطالة، حيث يعمل كثير من الأشخاص في خدمات تعزى إلى تلقيح وزيادة أعداد النحل، بينما تتعامل منظمات أخرى مع منتجات النحل مباشرةً مثل شركات النسيج وإنتاج الشموع ومستحضرات التجميل.

لماذا يحتفل العالم باليوم العالمي للنحل في 20 مايو؟

وقع الاختيار على اليوم العشرين من شهر مايو للاحتفال باليوم العالمي للنحل لأنه يُصاِدف تاريخ ولادة السيد/ أنطوان جانيس، وهو أحد أبرز القائمين على تربية النحل في جمهورية سلوفينيا والخبراء في هذا المجال. ويتمثَّل الغرض من هذا اليوم في التعرُّف على الدور الذي يؤديه النحل في نظامنا البيئي. ويُستهدَف من هذا الاحتفال إذكاء وزيادة الوعي بأهمية النحل لكلٍ من الطبيعة والبشر والتشديد على وظيفته كملقّح طبيعي للأزهار والتذكير أيضًا بالدور الإيجابي للنحل في مجال التنمية المستدامة وتسليط الضوء على المخاطر المتزايدة التي يتعرَّض لها النحل بسبب الأنشطة البشرية. وقد أقرَّت منظمة الأمم المتحدة الاحتفال بهذه المناسبة ابتغاء تعزيز التدابير التي تصبو إلى حماية النحل والملقّحات الأخرى للمساهمة في معالجة مشكلات الإمدادات الغذائية العالمية والقضاء على الجوع في الدول النامية وتحسين صحة البيئة والتنوع البيولوجي.

مظاهر الاحتفال باليوم العالمي للنحل

تتجلى مظاهر الاحتفال باليوم العالمي للنحل في أنشطة وممارسات يتسنى لجميع المهتمين المشاركة فيها والتي تشمل:

عقد ندوات ومؤتمرات عالمية لإحياء هذا اليوم ومناقشة أهمية النحل ودوره في الحفاظ على التنوع البيولوجي واستحثاث الأفكار التي تساعد على حمايته.

زيارة مزارع النحل والتعرُّف بشكلٍ أعمق على النحل وكيفية تربيته.

المساهمة في توفير موائل صحية للنحل والملقحات الأخرى بأية طريقة متاحة.

العمل على الترويج لليوم العالمي للنحل وشراؤه من المربين المحليين لإعانتهم على الاستمرار في تربية النحل وتوسيع نشاطهم.

مساهمة الأفراد والحكومات في زيادة الأزهار والنباتات التي يتغذى عليها النحل عن طريق الاهتمام بزراعتها.

تقديم الدعم للجمعيات الخيرية المهتمة بتربية النحل والمحافظة على البيئة.

نشر الوعي بشأن أهمية النحل عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

النحل في توحيد المفضل:

تناول الإمام جعفر الصادق عليه السلام في توحيد المفضل أهمية النحل وصناعة العسل وهندسة الخلية، فقال: (انظر إلى النحل واحتشاده في صنعة العسل، وتهيئة البيوت المسدسة، وما ترى في ذلك اجتماعه من دقائق الفطنة. فإنك إذا تأملت العمل رأيته عجيبًا لطيفا، وإذا رأيت المعمول وجدته عظيمًا شريفًا موقعه من الناس، وإذا رجعت إلى الفاعل ألفيته غبيًا جاهلًا بنفسه فضلًا عما سوى ذلك، ففي هذا أوضح الدلالة على أن الصواب والحكمة في هذه الصنعة ليست للنحل بل هي للذي طبعه عليها وسخره فيها لمصلحة الناس).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى