أقلام

تتبع آراء أهل الخبرة

أمير بوخمسين

من تتبع آراء أهل الخبرة في أية قضية، وتدبّرها على حقيقتها استطاع أن يميز الرأي الأصوب والأرجح عن غيره، ويختاره. واختيار رأي أهل آراء الخبرة يعد رأيًا مختّصًا وواقعيًّا. ولذلك في الكثير من الأحيان يؤخذ به. ولعل العبارة التي قالها الإمام علي عليه السلام “من استقبل وجوه الآراء عرف مواقع الخطأ” تعني أن الشخص الذي يفتح عقله لاستقبال آراء متعددة ومختلفة يمكنه أن يميّز بين الحق والباطل، وبين الصواب والخطأ. بمعنى آخر، التفاعل مع وجهات نظر مختلفة يساعد على توسيع الأفق الفكري، مما يمكّن الفرد من تقييم الأفكار بشكل أفضل واكتشاف الأخطاء المحتملة فيها. هذه الحكمة تشجع على الحوار والنقاش البناء كوسيلة للتعلم والنمو.

لذلك نرى بأن قبول وجهات النظر المختلفة من قبل أهل الخبرة في اتخاذ القرارات له أهمية كبيرة، منها:

• تنوع الأفكار: يتيح الاستماع لآراء متعددة الحصول على أفكار جديدة ومبتكرة، مما يسهم في تحسين جودة القرار.

• تجنب الانحياز: يساعد على تقليل التحيز الشخصي، حيث يُمكن أن يؤدي الانفتاح على آراء مختلفة إلى تقييم أكثر موضوعية.

• تحليل شامل: يُمكن من استكشاف جميع جوانب القضية، مما يعزز الفهم الشامل للموقف.

• تعزيز التعاون: يشجع على العمل الجماعي وبناء العلاقات، حيث يشعر الأفراد بأن آرائهم تُحترم.

• تخفيف المخاطر وزيادة القبول: يساعد في تحديد الأخطاء المحتملة قبل اتخاذ القرار، مما يقلل من المخاطر. واحتمال أكبر لقبول القرار النهائي من قبل جميع الأطراف المعنية.

فنصف الرأي عند أخيك لو استقبلته بفكر صائب ونظر للعواقب، لتجنبت المهالك والأخطاء. الإمام علي (ع) في وصيته لأبنه الإمام الحسن (ع) قال ” فبادرتك بالأدب قبل أن يقسو قلبك ويشتغل لبك لتستقبل بجد رأيك من الأمر ما قد كفاك أهل التجارب بغيته وتجربته فتكون قد كفيت مئونة الطلب وعوفيت من علاج التجربة “. فلا قرب للحقيقة في أي قضية إلا بمشاركة الآراء حولها وقراءة البحوث عنها. إذ أن الحكمة تكمن خلف التفكر والتدبر في المشاهد التي تصادفنا. ومن اجل الرغبة في العلم والتعلم علينا ألا ندخر جهدا في سبيل الوصول للحقيقة، يقول الامام علي (ع) ” من استبد برأيه هلك، ومن شاور الرجال شاركها في عقولها”. أما كيفية تطبيق قبول وجهات النظر المختلفة في بيئة عمل جماعية والخطوات المطلوبة لتحقيق النتائج المطلوبة هي كالتالي:

• تشجيع الحوار المفتوح: خلق بيئة حيث يشعر الجميع بالراحة للتعبير عن آرائهم وأفكارهم دون خوف من الانتقاد.

• تنظيم جلسات عصف ذهني: عقد اجتماعات دورية لتبادل الأفكار، حيث يمكن لكل عضو تقديم رؤيته ومقترحاته.

• تطبيق الاستطلاعات: استخدام استبيانات لجمع آراء الموظفين حول مواضيع معينة، مما يساعد على فهم وجهات نظرهم.

• توزيع الأدوار: التأكد من أن كل فرد في الفريق لديه فرصة للمشاركة من خلال توزيع الأدوار وضمان أن كل صوت مسموع.

• تقديم التدريب ومراجعة القرارات بشكل جماعي: تنظيم ورش عمل لتعليم مهارات الاستماع الفعّال والتواصل الفعّال بين الأعضاء. كذلك المشاركة في تقييم القرارات بشكل جماعي لضمان أن جميع الآراء مأخوذة بعين الاعتبار.

• تشجيع النقد البناء وتقدير التنوع: تعليم الأعضاء كيفية تقديم ملاحظات بناءة تساهم في تحسين الأفكار بدلاً من الانتقاد الشخصي. والاعتراف بأهمية التنوع في الآراء والخلفيات باعتبارها وسيلة لتعزيز الابتكار وتحقيق نتائج أفضل.

بتطبيق هذه الخطوات، يمكن تعزيز التفكير النقدي والقدرة على تقييم المعلومات بشكل موضوعي، وقبول وجهات النظر المختلفة في بيئة العمل، مما يسهم في تحسين الأداء الجماعي ونجاح الفريق، وبناء آراء مدروسة ومستندة إلى أدلة ومعلومات دقيقة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى