أقلام

قواعد كتابة التاريخ

أمير بوخمسين

تساعد كتابة التاريخ في الحفاظ على التراث الثقافي والتاريخي للأمم والمجتمعات. والمؤرخون هم وليس غيرهم من يملكون ملكة التأثير على ماضي وحاضر ومستقبل المجتمعات بكل أشكالها. وبيدهم صياغة القرارات السياسية والاجتماعية، من خلال إشاعة فهم السياق التاريخي للأحداث والتأثير على صناع القرار. تأثيرات ضخمة وقوية في مجالات عدة ومهمة في الحياة حدثت وما تزال تحدث بسبب التلاعب المتعمد بالحقائق التاريخية، سواء كان ذلك من خلال تحريف الأحداث أو إخفاء معلومات هامة أو اختلاق روايات غير صحيحة. ولعل التلاعب بالتاريخ ساهم في إضعاف الثقة به كعلم يعتّد به وتقام عبره الحجج والبراهين. حيث مرّت العديد من الدول والكيانات والمجتمعات بمنعطفات تاريخية خطيرة كادت أن تعصف بها وتغيّر ملامحها وتشّوه مستقبل وجودها. فعلى مرّ التاريخ تم طمس العديد من المعالم والحقائق التاريخية لأسباب مختلفة، وتبقى أمثلة التزوير في التاريخ عبر الأزمنة شاهدًا على حقيقة أن التاريخ لا يرحم. فكم مدوّن للتاريخ ومفكر كتبوا تاريخ الأحداث عندهم وفق تقاطعات ودوائر تحدّ من حركة أقلامهم وتحليلاتهم. حيث كتب التاريخ بلسان القوي. وفي العصر الحديث سيطرت على كتابته الآلات الإعلامية والمنابر السياسية. واختلف الناس حول حقيقة الشواهد التاريخية المتواترة، والتي بنيت عليها العديد من الدراسات المهمة والقرارات المصيرية الكبرى. وسعى الباحثون عن الحقيقة لملاحقة المصادر، وانكب آخرون لتحليل ودراسة علم الإنسان باعتباره المرجعية التاريخية الوحيدة الموثوقة لكتابة التاريخ. فالشعراء والأدباء والخطباء والكتاب هؤلاء بوابات ونوافذ من خلالها يمكن أن نقرأ التاريخ. والتاريخ الذي بني على الماضي يستند عليه في بناء المستقبل وبناء الإستراتيجيات والبرامج للمجتمعات وللأفراد، لذلك المصداقية والتحقق من الأحداث يعد أمرًا ضروريًّا ومهمًا من أجل تفادي الآثار المترتبة نتيجة المغالطات والتزوير في الأحداث. فمن منطلق المسؤولية المجتمعية على الكتاب والأدباء والمؤلفين تحري الدقة والموضوعية والاعتماد على مصادر متنوعة ومتعددة للحصول على صورة شاملة للأحداث التاريخية. وعلى المؤرخ أن يبذل جهده في الابتعاد عن تأثير الضغوط الخارجية والتحيزات والآراء الشخصية على دقة المعلومات ونقل المشاهد. فكتابة التاريخ الموثوق تتطلب الالتزام بعدة قواعد لضمان الدقة والمصداقية، مثل المصادر الموثوقة وهي أنواع: المصادر الأولية.. مثل الوثائق الأصلية، الرسائل، اليوميات. المصادر الثانوية.. مثل الكتب والمقالات التي تحلل أو تلخص الأحداث. التحقق من المعلومات والتأكد من عدم الاعتماد على الشائعات والمعلومات غير المؤكدة. الحياد وتجنب التحيز الشخصي. التوثيق الكامل من خلال الكتب.. الاسم الكامل للمؤلف، عنوان الكتاب، دار النشر، سنة النشر. المقالات.. اسم المؤلف، عنوان المقال، اسم المجلة، رقم المجلد، الصفحات، سنة النشر.. المصادر الإلكترونية.. اسم المؤلف، عنوان المقال أو الصفحة، رابط URL، تاريخ الوصول. واستخدام نظام توثيق مناسب. التحليل والتسلسل الزمني لسرد الأحداث. اللغة والأسلوب باستخدام لغة واضحة ومباشرة. إن ارتباط التاريخ بالماضي لا ينفي صلته وسيطرته على المستقبل. حيث يبقى التاريخ أداة قوية لفهم الحاضر وبناء المستقبل.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى