أقلام

المشاريع الوهمية حلمٌ كاذب ووجعٌ صادق

زكي الشعلة

كنت أتحدث مع نفسي يومًا ما مستغربًا من وقوع بعض الأشخاص في مشاريع وهمية وتكبد الخسارات وعناء الطريق، وكنت معارضًا لفكرة الجري وراء الثراء السريع، ولم أخطط يومًا لأن أكون غارقًا مثلهم في الديون، ولم أتوقّع أن تأتيني من حيث كنت أظن الخير والرزق. ولكنني مثل الكثيرين الذين وقعوا في فخ المشاريع الوهمية والكفالات الثقيلة، بدافع النية الطيبة والطموح الكبير، فكانت التجربة مؤلمة تحولت إلى دروس في الحياة لا تُنسى.

نعم كانت البداية مجرد خطوة وفكرة مشروع وفرصة استثمارية تبدو مغرية، وكفالة بسيطة ومشروع مضمون وبهذا الكلمات التي تتكرر في أذني كلما أسترجع تلك اللحظات واعتقدت بأني في دائرة المضمون والنجاح المؤكد. كنت أظن أنني أمضي في طريق النجاح، وأسعى لتوسيع رزقي، وأفتح بابًا جديدًا للخير، ولكنني لم أكن أعلم أنني أفتح بابًا على نفسي من الوجع والألم واختناق الدين، وأن ما وقعته بيدي سيُنهكني لسنوات قادمة.

لم يكن الأمر رفاهية، ولم أكن أبحث عن الثراء السريع بقدر ما كنت أفتح بابًا أوسع للرزق يفتح لي آفاقًا جديدة، كنت أظن أن الدخول في المشاريع هو طوق النجاة، وأن المساهمات المغرية هي اختصار النجاح، ولم أكن أعلم أن بعض الطرق المفروشة بالوعود تنتهي بي لحلقة بلاء من الديون والالتزامات والملاحقات القانونية.

الديون لم تكن أرقامًا بل كانت أنفاسًا تختنق كل صباح، وهمًا يسكن في القلب كل ليلة، والكفالات كانت في نظري ثقةً ومساعدةً وكرمًا ومروءة، ولكن الحقيقة أنني حمّلت ظهري ما لا يُطيق، وأصبحتُ في زاوية ضيقة دون ذنب مباشر والسبب هو أنني (وثقت في تدبيرهم ووافقت لأمرهم بسهولة دون تفكير ولا دراية وقلت لهم نعم).

كم مرة وقفت أمام القاضي في المحكمة مقيد اليدين والرجلين ولم أكن مجرمًا، بل إنسانًا طيبًا أثقل قلبه قبل جيبه، وكم مرة تعرضت للتوقيف والتحذير والغرامة، وكم مرة نظرت إلى أطفالي وأنا أحاول أن أبتسم لهم وقلبي من الداخل مكسور يحاول أن يصمد ويتحمل مرارة الألم. أكتب هذا ليس لفضفضة حزينة، بل لأداء أمانة ولنقل رسالة إلى أبنائي وبناتي من هذا الجيل الطموح. وتعلمت بأن الطيبة وحدها دون العقل لا تكفي، وأن النية لا تغني عن الحذر، وأن كل فرصة غير مدروسة قد تكون فخًا.

• لا تثق في المشاريع قبل أن تفهمها بدقّة، لا تدع العاطفة تقود قرارك.

• لا توقع على كفالة مهما كانت إن لم تكن قادرًا على تحملها حتى النهاية.

• استشر وافحص واطلب رأي أهل الخبرة، ولا تخجل أن تقول: (لا).

• احذر من بريق الأرباح السريعة، فغالبًا ما يخفي تحتها وجعًا بطيئًا ومؤلمًا.

• وازن بين الطموح والعقل، وبين الأمل والواقع.

• لا تجعل الحياة تُعلّمك بالطريقة الأصعب، تعلّم ووفر على نفسك سنوات من الندم.

• الحياة ليست سباقًا نحو المال، بل هي رحلة توازن.

• لا تخجل من البداية البسيطة، ولكن اخجل أن تكرر الخطأ مرتين وأكثر.

• اعلم بأن من يركض وراء سراب لن يرى الحقيقة يومًا.

الحياة تعطينا دروسًا قاسية ومؤلمة، وتمنحنا فرصة للتصحيح وتحقيق الأمل، فلنتعلم من دروسها ونعتبر بها حتى نصل للتوازن في حياتنا. وتبقى التجارب مؤلمة ولكنها مُعلِّم عظيم.

دمتم بخير ومنصورين في الحياة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى