أقلام

مجالس العزاء إحترام لا حديث وإبتسام

حسين حسن الحاجي

مجالس العزاء لها مكانة رفيعة في وجدان المجتمع فهي لحظات تتجلى فيها مشاعر المواساة وتتعانق فيها القلوب قبل الأيادي حيث يجتمع الأقارب والأصدقاء ليقفوا إلى جانب أهل الفقيد يخففون عنهم وطأة الحزن ويحيطونهم بالدعاء والرحمة والمغفرة للمتوفي .

بفضل من رب العالمين لا تزال هذه المجالس في مجتمعنا عامرة بالقيم الأصيلة فنرى تلاوة القرآن وذكر أهل البيت عليهم السلام يملآن الأركان والدعاء الصادق يتردد همساً في القلوب وكلمات عزاء تبعث الطمأنينة وتُربت على القلوب المنكسرة ، إنها لحظات ناصعة تُظهر أجمل ما فينا من وفاء وإنسانية.

برغم كل هذا الجمال تطل علينا أحياناً في المجالس بعض السلوكيات التي تُضعف من أثر العزاء وتخدش بهاء الموقف وتترك في قلوب أهل المصاب وفي نفوس الحضور إنطباعاً مؤلماً غير لائق وغير مقبول ومنها :

( 1 ) إرتفاع الأصوات بالأحاديث الجانبية والتي قد تصل للأسف في بعض الأوقات إلى الضحك أو المزاح وهذا أسوء درجات التهاون .

( 2 ) التجمهر عند مداخل المجلس خصوصاً الشباب للتدخين وتبادل أحاديث لاتمت للموقف بصله وكأنهم في إستراحة لا في مقام رحيل ومشهد وداع .

لا شك أن هذه السلوكيات وإن بدت للبعض عفوية أو غير مقصودة تُربك المشهد العام وتوجع قلوب أهل المصاب وتحول المجلس من موطن سكينة إلى ساحة ضوضاء يفقد فيها العزاء معناه الحقيقي .

بكل تأكيد الحل بأيدينا :

فمن منطلق إيماننا بأن التغيير يبدأ من التفاصيل الصغيرة بوسعنا جميعاً أن نعيد للمجلس هيبته وللتعزية معناها من خلال خطوات بسيطة لكنها عميقة الأثر :

( 1 ) التمسك بالهدوء والسكينة داخل المجلس ، فصمت المعزي وقراءته للقرآن الكريم ودعاؤه الصادق وكلماته الهادئة أبلغ في المواساة من أي حديث آخر .

( 2 ) الإبتعاد عن الأحاديث الخارجة عن سياق العزاء فلكل مقام مقال والعزاء ليس وقتاً لتبادل الأخبار أو الخوض في الحديث العام بل لحظة تأمل وخشوع .

( 3 ) عدم الإصطفاف أو التجمع عند المدخل للتدخين أو الحديث فذلك يربك المُعزين و أهل العزاء ويشوه هيبة المكان ومن الجميل أن يؤدي المعزي واجبه بهدوء ثم يغادر بلطف .

( 4 ) القدوة الهادئة تصنع الفرق فحين يرى الآخرون من يجلس بسكينة ويقرأ القرآن ويغادر بصمت يتأثرون دون أن يُقال لهم شيء وتترسخ فيهم آداب العزاء .

ختاماً :

مجلس العزاء ليس مجرد واجب حضور بل فرصة إنسانية للتراحم وموقف تعليمي للأجيال نفهم من خلاله معنى الإحترام وعمق الشعور ورُقي السلوك ، فالمطلوب منا أن نحضر بقدر الحزن ونرحل بقدر الإحترام ونترك أثراً نقياً في قلوب من فقدوا أعز الناس فإن لم نستطع أن نزيد من سكينة المكان فلا نكن سبباً في إضطرابها .

بحسب البحث في ( النت ) وجدت هناك مايتماشى من روح المقال في الصحيفة السجادية وتحديداً في رسالة الحقوق حيث يقول الإمام زين العابدين عليه السلام :

وإعلم أن أدب العزاء الصمت والدعاء لا كثرة الكلام والإنشغال عن المصاب .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى