من الشرقية إلى العالمية: سما بوخمسين تتصدر “إبداع 2025” في الأنظمة المدمجة

دلال الطريفي : الأحساء
نستهل اليوم حوارًا صحافيًا مميزًا مع الشابة الواعدة سما أحمد بوخمسين الفائزة بالمركز الأول ضمن الجوائز الكبرى في مسار اقتصاديات المستقبل بمسابقة إبداع 2025، من إدارة تعليم الشرقية.
لقد أذهلتنا سما بمشروعها الرائد في مجال الأنظمة المدمجة، الذي تم تطويره بالتعاون مع جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية. يأتي هذا الإنجاز ليؤكد على الإمكانات غير المحدودة للعقول السعودية الشابة في دفع عجلة الابتكار نحو مستقبل اقتصادي مزدهر.
يسعدنا أن نرحب بسما لنتعرف منها على تفاصيل هذا الإنجاز الملهم، رحلتها في عالم الابتكار، وتطلعاتها المستقبلية.
– بدايةً الطالبة سما، نهنئكِ بحصولكِ على المركز الأول في مسار اقتصاديات المستقبل في إبداع 2025، كيف كان شعوركِ لحظة إعلان الفوز؟ وماذا يعني لكِ هذا الإنجاز على الصعيد الشخصي والمهني؟
لحظة إعلان الفوز كانت مليئة بالمشاعر، امتزج فيها الفخر والسعادة، شعرت بأن كل ما بذلته من جهد خلال السنة الماضية كانت له نتيجة ولله الحمد.
على الصعيد الشخصي، أعتبر هذا الإنجاز من أكبر الإنجازات في حياتي، فهو من أوائل المشاريع التي كرّست لها هذا القدر من الجهد والاهتمام، وعلى الصعيد المهني، منحني هذا الفوز دافعًا قويًا للاستمرار، ورسّخ في داخلي الشغف والطموح لبناء مساري المهني في المستقبل.
– نود أن نتعرف أكثر على شخصكِ، من هي سما أحمد بوخمسين؟ وما هي أبرز محطاتكِ الأكاديمية والبحثية التي قادتكِ إلى هذا الإنجاز؟
سما أحمد بوخمسين هي طالبة مجتهدة، ملتزمة وتملك شغفًا للتعلّم وصناعة الأثر، نشأت في بيئة زرعت في داخلي هذا الإحساس بالمسؤولية تجاه العالم من حولي، فوالدتي عالمة في شركة أرامكو السعودية، ووالدي رجل أعمال ناجح، وقد شكّل وجودهما في حياتي مصدر إلهام مستمر.
منذ صغري، كنت أشعر بأن عليّ أن أقدّم شيئًا له قيمة، أن أُحدث فرقًا بطريقة ما، ومن أبرز المحطات التي ساعدتني على الوصول إلى هذا الإنجاز كانت مشاركتي في برنامج SRSI البحثي في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، حيث خضت تجربة بحثية حقيقية مما ساهم في تحقيق هذا الإنجاز.
– ما الذي جذبكِ تحديدًا إلى مجال الأنظمة المدمجة؟ وما هي التحديات والفرص التي وجدتها في هذا المجال؟
ما جذبني إلى هذا المجال هو تكامله بين اختصاصات متعددة مثل الهندسة، الذكاء الاصطناعي، تعلم الآلة، والتقنية.
أرى في هذا التكامل مستقبلًا واعدًا، وقد شعرت أنه المجال الذي يمكنني من خلاله تحقيق أثر حقيقي.
من التحديات التي واجهتها كانت تعلم لغة برمجة جديدة لم أتعامل معها من قبل، ولكن بفضل المشرف والدعم المتوافر على الإنترنت استطعت تجاوزها.
– حدثينا عن مشروعكِ الفائز، ما فكرة المشروع؟ وما المشكلة التي يسعى إلى حلها أو الفرصة التي يستغلها في مجال اقتصاديات المستقبل؟
مشروعي هو تصميم مستشعر فائق الحساسية للكشف عن آثار البنزين باستخدام الليزر وتعليم الآلة، يسعى إلى رصد تسربات البنزين قبل أن تنتشر وتؤثر على العاملين والبيئة. وجود هذا النوع من التقنيات يساعد في تقليل مخاطر التلوث ويعزز السلامة، خاصة في مناطق مثل الشرقية حيث يكثر وجود مصانع بيتروكيماويات ومصفات تكرير النفط.
– ما أبرز الإبجابيات والسلبيات التي كانت في محصلة سما بعد خوضها هذه التجربة النادرة والقيّمة؟
أبرز إيجابية كانت الأشخاص الذين التقيت بهم حيث أنهم يشاركونني الشغف والطموح نفسه، هذه البيئة ألهمتني كثيرًا.
أما السلبية، فربما كانت صعوبة الموازنة بين الدراسة والمشروع والحياة الشخصية، ولكنها كانت فرصة علّمتني تنظيم وقتي بشكل أفضل.
– ما الجهة الرئيسة المستفيدة من هذا المشروع؟ وما الأثر المتوقع لمشروعكِ على قطاع اقتصاديات المستقبل والمجتمع بشكل عام؟
الجهات المستفيدة الرئيسة هي المصانع، مصافي النفط، ومحطات الوقود، وأية جهة تتعامل مع مواد كيميائية خطرة مثل البنزين.
المستشعر يساعد في الكشف المبكر عن التسربات، مما يقلل من الأضرار البيئية ويزيد من سلامة العاملين، هذا النوع من التكنولوجيا يمكن أن يحدث فرقًا كبيرًا في تقليل الخسائر وتحسين الكفاءة الصناعية.
– ما الدور الذي لعبته جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست) في دعم مشروعكِ ونجاحه؟ وما المرافق والموارد التي استفدتِ منها؟
جامعة الملك عبدالله وفّرت بيئة بحثية متكاملة، من مختبرات إلى مشرفين وجميع المصادر التي احتجتها للعمل على بحثي.
استفدت كثيرًا من دعم المشرف، واستخدمت أجهزة مثل أنظمة الليزر والمرايا الدقيقة، إضافة إلى البرمجيات اللازمة لتطبيق تعليم الآلة.
–كيف تقيمين تجربتكِ في إبداع 2025؟ وما هي أهم الدروس أو الخبرات التي اكتسبتها من هذه المشاركة؟
تجربتي كانت غنية بكل المقاييس.
أهم ما خرجت به هو الثقة بقدرتي على تنفيذ فكرة من بدايتها إلى منتج فعلي، والتعامل مع التحديات بروح الباحث، كما أن التفاعل مع مشاريع أخرى ملهمة زاد من حماسي وشغفي.
– ما هي رؤيتكِ لأهمية مسابقات مثل إبداع في تحفيز الابتكار وريادة الأعمال لدى الشباب السعودي؟
هذه المسابقات تفتح آفاقًا جديدة للشباب، وتمنحهم الفرصة لتجربة البحث والتطوير في عمر مبكر.
إبداع تحديدًا لا يشجع فقط على التفكير النقدي، بل يعزز الثقة بالنفس ويمنح منصة لعرض الأفكار أمام جهات وطنية وعالمية.
– باعتباركِ فائزة في مسار اقتصاديات المستقبل، كيف ترين مستقبل هذا المجال في مملكتنا الحبيبة؟ وما الفرص والتحديات التي تنتظره؟
أرى أن المجال مزدهر وبقوة، خاصة مع رؤية 2030 التي تدعم التنويع الاقتصادي والاستثمار في التقنية.
الفرص كثيرة، من الذكاء الاصطناعي إلى التحول الرقمي في الصناعة.
– ما هي نصيحتكِ للطلاب والباحثين الطموحين الذين يسعون لتحقيق إنجازات مماثلة في المجالات العلمية والابتكارية؟
نصيحتي أن يسعوا بكل جدية تجاه أهدافهم، جميعنا بدأنا من نفس النقطة، مجرد حلم بالمشاركة في مسابقات دولية مثل إبداع وISEF، لكن الفرق كان في الشغف الذي حملناه والجهد الذي بذلناه، كونك طالب سعودي، لديك كل الوسائل والدعم الذي تحتاجه، فقط استغل هذه الفرص، وواجه التحديات بثقة، وستصل؛ فالطالب السعودي فعلًا يحلم ويحقق.
– ما هي خططكِ المستقبلية لتطوير هذا المشروع أو تحويله إلى مشروع ريادي؟ وهل هناك جهات تسعين للتعاون معها في هذا الصدد؟
أخطط للاستمرار في تطوير المشروع، وأطمح أن أصل إلى مرحلة يمكنني فيها نشر نتائجه كمادة علمية معتمدة، هذه ليست النهاية بل مجرد بداية، وأسعى مستقبلًا للتعاون مع جهات بحثية أو صناعية لدفع المشروع نحو التطبيق العملي.
– ما هي طموحاتكِ وأهدافكِ البحثية المستقبلية في مجال الأنظمة المدمجة أو المجالات ذات الصلة؟
أطمح للمساهمة في تطوير حلول ذكية ومؤثرة باستخدام الأنظمة المدمجة، خصوصًا في المجالات البيئية والصناعية. أؤمن بأن هذا المجال قادر على إحداث فرق حقيقي في جودة حياتنا وفي مستقبل اقتصادنا.
– كلمة أخيرة توجهينها لأسرتكِ، وزملائكِ، وكل من دعمكِ في هذه الرحلة؟
هذا الفوز ليس فوزي وحدي، بل فوز لكل من دعمني، عائلتي كانت السبب الأول في غرس حب الإنجاز داخلي، وبدون دعمهم المستمر ما كنت وصلت لهذه المرحلة، أما زملائي، فأود أن يروا في تجربتي مثالًا بسيطًا على أن الأحلام ممكنة، وأنهم قادرون على تحقيق ما هو أكبر.
وهكذا، نصل إلى ختام حوارنا الشائق مع سما بوخمسين، العقل المدبر وراء المشروع الفائز بالمركز الأول في الجوائز الكبرى بمسار اقتصاديات المستقبل ضمن مسابقة إبداع 2025
نتمنى لكِ المزيد من التوفيق والنجاح في مسيرتك العلمية والعملية، لتبقَ إنجازاتك منارات تضيء طريق الأجيال القادمة نحو الابتكار والتميز.