أنتَ الحُلمُ إذ لاحَ الهوى

عماد آل عبيدان
يفيضُ القلبُ بما لا تُطيقه الحروف،
وتتعثرُ اللغةُ أمام ملامحٍ لا تُروى،
فتنسلّ القصيدةُ من نَفَسٍ دافئ،
ومن رعشةِ شوقٍ تشبهُ الضوء
حين يُولد من خفقةِ قلب.
هي وشمُ حنينٍ على ذاكرةٍ خَفَتَ فيها الصوت وبَقِيَ الصدى،
نداءُ روحٍ لم تَعد تقرأ الملامح بل تُبصرها في الحُلم…
حين يُطلّ الهوى فلا يُرى، بل يُحَسّ،
وحين لا نكتبُ الحبيب، بل نكتبه،
لأننا لا نحتمله في الغياب إلا بالشِّعر.
أأنتَ البدرُ أم فجرُ التمنّي؟
وفي عينيكَ ترتحلُ الرُؤاهُ؟
وتمشّي النورَ في صدري، وقلبي
إذا ناداكَ من وجدي صداهُ
تجيءُ، ومن خُطا الأرواحِ طيفٌ
يُبدّدُ في دُجى روحي جفاهُ
كأنّكَ حين تقتربُ اختيالًا،
تُضيءُ الوجدَ، في سُهدٍ ضناهُ
رأيتُكَ لا كطيفٍ لاحَ وهْمًا،
ولكنّي عرفتُكَ من نداهُ
تمرُّ، فتنحني الأشجارُ شوقًا،
وتُبكي في ضلوعِ الصمتِ آهُ
كأنّكَ في اقترابِكَ بعضُ وجدٍ،
وفي أنفاسِكَ اغتسلتْ نداهُ
فلا تدنو، وإنْ عطشَتْ جراحي،
ففيكَ الحُسنُ، والوجعُ اصطِفاهُ
وما طيفي أنا، إلا حنيني
إلى مَن ذابَ في قلبي هواهُ
خلقتُك من ضياءِ الحرفِ سِرًّا،
وكم سُجِدَ الحنينُ على نداهُ
أنا المشتاقُ من زمنٍ نحيلٍ،
سَقاني من غيابِكَ ما كفاهُ
فأنتَ الحُلمُ، إن لاحَ اغترابي،
وأنتَ الوصلُ، إن أدمى رجاهُ
وأنتَ النورُ، لا يُخفى سناهُ،
وإن عانقْتَ، قد خافَتْ رؤاهُ
فدعني، مثلما الأحلامُ تمضي،
أُجمِّلُ فيكَ ما خافتْ رباهُ
وأحفظُ بينَ أهدابي سُهادًا
يُناديني إذا نامتْ خُطاهُ
فأنتَ الآنَ، في صمتي بيانٌ،
وفي وجدي، يفيض الحُبُّ فاهُ
ما بين الشوق والوجع،
ينعقدُ الحنين على ضوءٍ لا يُرى إلا بالقلب.
هذه ليست نهاية…
بل بداية لحُبٍّ يُقال في كلِّ صمت،
ويُسمعُ في كلِّ غياب.
فليكن في الحبّ ما يشبهُ الحُلم،
وفي الحُلم ما يشبهُكَ.