المترجم : عدنان أحمد الحاجي
تُثبت دراسة جديدة أجراها باحثون في جامعة مانهايم في ألمانيا كيف تختلف نظرة الثقافات إلى الجناب، وتأثير هذه النظرة في العلاقات الاجتماعية والتواصل الفعال بين المجتمع أفرادًا وجماعات.
ما مدى تأثير الجمال في نجاحنا الاجتماعي؟ [النجاح الاجتماعي هو قدرة الأفراد أو المجموعات على التفاعل مع محيطهم الاجتماعي، وتكيفهم معه، وتأثيرهم فيه. ويشمل ذلك فهم الأعراف الاجتماعية، وبناء العلاقات، والتواصل الفعال داخل المجتمع (1)] وهل يُنظر إلى الجمال بنفس النظرة في جميع أنحاء العالم؟ لأول مرة، تُقدم دراسة جديدة نُشرت في مجلة “التقارير العلمية (2)” دراسة مُقارنة في دول مختلفة تتناول الاختلاف في النظرة إلى الجمال. باحث علم الاقتصاد السلوكي فلاديسلاف ميل Wladislaw Mill من جامعة مانهايم Mannheim الألمانية وزميله بنيامين كولر Benjamin Kohler من المعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا في زيورخ قاما بتحليل نماذج لغوية كبيرة (3) من 68 لغة ووضعوا مؤشرًا لهذه الدول. وبهذه الطريقة، تمكنوا من معرفة مدى اقتران مصطلحات مثل “وسيم” أو “جميل” بصفات إيجابية مثل “ناجح” – وكيف تختلف هذه الاقترانات باختلاف الثقافة. النتيجة الرئيسة للدراسة هي أن ما يُسمى بـ “ميزة الجمال beauty premium [ميزة الجمال تشير إلى الظاهرة التي مفادها أن الأشخاص الأحسن جمالًا يحصلون على منافع أو فوائد مادية أو معنوية معينة في حياتهم المهنية (4)]”، أو الميزة التي يتمتعون بها عند اختيارهم شريك حياة أو في بيئتهم الاجتماعية، منتشرة على نطاق واسع في جميع أنحاء العالم – ولكنها ليست بنفس القوة أو ليس لها نفس التعريف في كل بلد. يوضح البروفيسور الدكتور فلاديسلاف ميل، أستاذ الاقتصاد السلوكي المساعد ومؤلف الدراسة، قائلاً: “لأول مرة، تُمكّن طريقتنا من تسجيل الأنماط الثقافية في النظرة إلى الجمال بشكل تلقائي وبشكل مقارن.” ويضيف بنيامين كولر، خريج جامعة مانهايم: “وجدنا أن الجمال في كل مكان تقريبًا في العالم يقترن بأمور إيجابية لا سلبية، ولكن ليس في كل مكان.”
الدول الغربية: الجمال انعكاس للقوة والكفاءة (الكفاءة هنا فهم الوضع والتصرف السليم (5)).
في دول أوروبا الغربية، مثل فرنسا وإيطاليا وفنلندا، غالبًا ما يقترن الجمال بصفات إيجابية كالكفاءة (5) والذكاء والصدق في نماذج اللغة. يقول ميل: “في الكثير من الثقافات الغربية، يبدو أن الجمال الخارجي (جمال الجسم والمحيا) مقترن بالأداء والنجاح الاجتماعي”. وقد لاحظ الباحثون هذا التأثير أيضًا في دول مثل الصومال.
في أوروبا الشرقية وأجزاء من آسيا: اقترانات أخرى مهيمنة على النظرة إلى الجمال. يختلف الوضع في رومانيا، على سبيل المثال، أو في بعض الدول الآسيوية مثل فيتنام: فهنا، الجمال نادرًا ما يُقرن بمثل هذه السمات “المرتبطة بالمكانة الاجتماعية،” بل يبدو أن لدى الناس هناك آراء سلبية عن الجمال المقترن بعدم الكفاءة، وانعدام الثقة، وسوء الظن، والفشل.
ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح سبب اعتبار أن للجمال ميزة في بعض الثقافات أكثر من غيرها. يعتقد مؤلفو الدراسة في أن الجمال في هذه الثقافات قد يرتبط بمزايا تطورية، حيث تفيد الأبحاث السابقة إلى أن الجمال غالبًا ما يكون أمارة على الصحة، وبالتالي فإن الأكثر جمالًا يمتلكون فرصًا أفضل للبقاء والتكاثر.
التداعيات على الاقتصاد والمجتمع والمساواة (6)
تُثبت الدراسة أن معايير الجمال المتأثرة بالثقافة قد يُقلٓل من شأنها في سلم النفوذ الاجتماعي (7). فإذا اقترن الجمال بإشارات اجتماعية (لغة لفظية أو غير لفظية، كلغة الجسد) (8) متباينة في ثقافات مختلفة، فإن ذلك يؤثر بشكل مباشر في توزيع الفرص في المجتمع [وهي ما يعتبر عنصرًا رئيسًا في ترسيخ العدالة في المجتمع من حيث تكافؤ الفرص (9)]، سواء في المقابلات التي بجريها أرباب العمل من أجل التوظيف أو أثناء المفاوضات مع الموظف الذي المقبول للعمل لتعيين مقدار راتبه. لذا، تُقدم النتائج زخمًا جديدًا للدراسات في التفاوت الاقتصادي بين الدول (10).
مصادر من داخل وخارج النص
1- https://successquest.webflow.io/podcast-episodes/social-success-create-meaningful-intentional-relationships
2- https://www.nature.com/articles/s41598-025-02857-4
3- https://ar.wikipedia.org/wiki/نموذج_لغوي_كبير
4- https://www.nature.com/articles/s41598-025-02857-4
5- https://www.meemapps.com/term/competence
6- https://ar.wikipedia.org/wiki/تفاوت_اجتماعي
7- https://ar.wikipedia.org/wiki/نفوذ
8- https://ar.wikipedia.org/wiki/إشارة_اجتماعية
9- https://ar.wikipedia.org/wiki/مساواة_اجتماعية
10- https://ar.wikipedia.org/wiki/التفاوت_الاقتصادي
المصدر الرئيس
https://www.uni-mannheim.de/en/newsroom/media-relations/press-releases/2025/juni/beauty-is-an-advantage-but-not-everywhere/
