أمير المؤمنين عليه السلام ولي كل مؤمن

زاهر العبد الله
قال رسول الله صلى الله عليه وآله
( إن عليًّا مني وأنا منه، وهو ولي كل مؤمن بعدي)(1)
إن هذا الحديث يحمل دلالات إسلامية محورية، ويُعدّ من أهم الأدلة على الإمامة الإلهية لأهل البيت (عليهم السلام).
وإليك أبرز الدلالات التي تنبثق منه:
أولًا: الدلالة العقدية:
النص على الولاية من الله
● قوله تعالى:{ يا أيها الرسول بلّغ ما أُنزِل إليك من ربك، وإن لم تفعل فما بلغت رسالته} [المائدة: 67]
هذه الآية تشير إلى أن تبليغ هذا الأمر بمنزلة تبليغ جميع مناحي الرسالة كاملة.والتبليغ أمر إلهي وليس اجتهاديًّا، وهو جزء لا يتجزأ من الرسالة المحمدية.
ثانيًا: الدلالة النصّية من حديث الغدير، فقد تواتر حديث الغدير بين المسلمين لفظًا ومعنى ففي حديث النبي الأعظم (ص) أنه قال: (من كنت مولاه، فهذا عليٌّ مولاه. اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله…) (رواه أحمد بن حنبل، والترمذي، والنسائي، والحاكم)، فكلمة “مولى” تحمل جملة من المعاني. ومنها: السيد، القائد، الأولى بالتصرف، وليس المحبة فقط.
والدلالة من هذا الحديث أن النبي الأعظم محمدًا صلى الله عليه وآله أعلن القيادة الدينية والسياسية لمولانا أمير المؤمنين علي (ع) بعده.
ثالثًا: إكمال الدين وإتمام النعمة
بعد أن أمر النبي الأعظم محمد صلى الله عليه وآله بمبايعة سيد الموحدين علي عليه السلام نزل
قوله تعالى: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينًا} [المائدة: 3]
هذه الآية نزلت بعد إعلان الغدير، بحسب عدد كبير من الروايات بشهادة المحدثين من الفريقين.
دلالة: ولاية علي (ع) تمثل ختام الدين، وكمال المنظومة الإلهية.
رابعًا: (إمامة بعد نبوّة) النبي (ص)، فالولاية هي الامتداد الطبيعي للنبوة، وأوضح أن عليًّا (ع) هو الامتداد الطبيعي لوظيفة الهداية بعده، ولكنه ليس نبيًّا.
دلالة: فصل بين النبوة والإمامة، فالأولى انتهت، والثانية مستمرة.والدليل على ذلك
عن سلمان المحمدي (ر) قال: قلت لرسول الله: يا رسول الله إنه لم يكن نبي إلا وله وصي فمن وصيك؟
قال: (وصيي وخليفتي في أهلي وخير من أترك بعدي مؤدي ديني ومنجز عداتي علي بن أبي طالب).(2)
خامسًا: إعلان علني أمام عشرات الآلاف، فقد كان الحاضرون أكثر من 120,000 حاج.
زالنبي أمرهم بالشهادة وقال: “ألست أولى بكم من أنفسكم؟” قالوا: بلى. قال: ( فمن كنت مولاه، فهذا علي مولاه…)(3)
دلالة: الحدث لم يكن عابرًا أو خاصًّا بل إجماعًا شعبيًّا علنيًّا، لإغلاق باب الخلاف.
سادسًا: البيعة والمبايعة
أمر النبي الناس أن يبايعوا عليًا، ففعلوا، ومنهم عمر بن الخطاب الذي قال: “بخٍ بخٍ لك يا علي، أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة”
وقال حسان بن ثابت
يناديهم يوم الغدير نبيهم “بخم وأسمع بالرسول مناديا
وقال: فمن مولاكم ووليكم؟ “فقالوا ولم يبدوا هناك التعاديا
إلهك مولانا وأنت ولينا “ولن تجدن منا لك اليوم عاصيا
فقال له: قم يا علي فإنني “رضيتك من بعدي إماما وهاديا
فمن كنت مولاه فهذا وليه “فكونوا له أتباع صدق مواليا
هناك دعا اللهم وال وليه ” وكن للذي عادى عليا معاديا
فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: ( لا تزال يا حسان مؤيدًا بروح القدس ما نصرتنا بلسانك)(4).
دلالة: كان هناك طقس رسمي للبيعة بعد التبليغ، يؤكد معنى “المولى” كخليفة وولي.
سابعًا : تنمية البُعد الروحي والأخلاقي تتجلى في قيادة الإمام علي (ع)، وهو تجسيد للمبادئ التي يريدها الإسلام في القيادة مثل الزهد، والعدالة، والشجاعة، والعلم ، والحلم.
دلالة: الغدير ليس مجرد تعيين زعيم، بل إعلان عن أنموذج مثالي للحكم.
ثامنًا: مواقف أهل البيت (ع) اللاحقة تؤكد قضية الغدير، والإمام علي (ع) نفسه استشهد به في “الشورى” و”صفين”، وذكرت السيدة الزهراء (ع) الغدير في خطبتها.حينما قالت:
(..أرى أن قد أخلدتم إلى الخفض، وأبعدتم من هو أحق بالبسط والقبض، وخلوتم بالدعة، ونجوتم من الضيق بالسعة ، فمججتم ما وعيتم، ودسعتم الذي تسوغتم، ف [إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعًا فإن الله لغني حميد] ألا وقد قلت ما قلت على معرفة مني بالخذلة التي خامرتكم، ..)(5)
الأئمة من بعده كانوا يرجعون للغدير كمرجع شرعي وعقدي.
تاسعًا: بقاء الخط الرسالي المستمر حتى يومنا هذا، ولا تزال واقعة الغدير تُحيا سنويًا.
دلالة: ارتباط وجداني وروحي دائم بأصل القيادة.
المصادر
(1)بحار الأنوار – العلامة المجلسي – ج ٣١ – الصفحة ٦٥٥.
(2)بحار الأنوار – العلامة المجلسي – ج ٣٨ – الصفحة ١.
(3) بحار الأنوار – العلامة المجلسي – ج ٢٧ – الصفحة ٢٤٣.
(4) بحار الأنوار – العلامة المجلسي – ج ٢١ – الصفحة ٣٨٨.
(5) بحار الأنوار – العلامة المجلسي – ج ٢٩ – الصفحة ٢٢٩.