الإعلام والمسؤولية الاجتماعية

أمير بوخمسين
مفهوم المسؤولية الاجتماعية محدود ومقتصر على أعمال التكافل والتعاضد بين أفراد المجتمع الواحد، ويرفع مستوى الأفراد عبر أعمال الخير الفردية التي كانت من أهم جوانب المسؤولية الاجتماعية، حيث تنفذ عبر الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني والمؤسسات الخيرية.
ثم توسع مفهوم المسؤولية الاجتماعية ليشمل في معناه الحقيقي الالتزام الأخلاقي والاجتماعي للأفراد والمنظمات تجاه المجتمع والبيئة. يبقي هذا الالتزام الكبير وثيقة شرف وعهد يجب من الجميع الوفاء به، وحث المجتمعات على الالتزام بأخلاقيات وبقيم اجتماعية هامة في مجالات عديدة تشمل الحفاظ على البيئة وتقليل الأثر السلبي على الطبيعة، وتعزيز الاستدامة الاقتصادية والتنمية المستدامة مع ترسيخ قيم المساواة والعدالة الاجتماعية. عبر وسائل مجتمعية وانشطة حياتية قريبة من المجتمع والفرد.
إن تعزيز المسؤولية المجتمعية في المجتمع يتم من خلال التعليم والتوعية والمشاركة المجتمعية وتفعيل دور الشباب ومشاركتهم في الأنشطة المجتمعية.
لذلك يبقى دور الإعلام بأشكاله المختلفة والمتعددة المعوّل الأهم والأمثل لتعزيز المسؤولية المجتمعية ونشر مضامينها من خلال قوالب إعلامية تراعي أهمية دور الفرد من خلال نشر المعلومات حول المسؤولية الاجتماعية وأهميتها. وتوعية الجمهور حول القضايا الاجتماعية والبيئية معتمدًا في ذلك على أخلاقيات المهنة والعمل بجد على تعزيز الشفافية.
إن تفعيل القوالب الإعلامية التي تعزز المسؤولية الاجتماعية لدى المسؤولين والشركات تساعد في تعزيز الثقافة المجتمعية الشعور بالهوية المجتمعية.
هذا الدور العظيم الذي يجب أن يلعبه الإعلام يستمد عظمته من ارتباطه بحياة الناس ويعد دورًا رئيسًا في بناء الوعي وركنًا أساسيًّا للتواصل اليومي واستقبال المعلومات بالنسبة لكثير من الأشخاص في العالم. ولأن الإعلام المنوط به لعب دورًا عظيمًا باستطاعته أن يكون أداة هدم مجتمعي كبيرة من خلال بث الرسائل السلبية، فهو سلاح ذو حدين، إما أن يسهم في تعزيز وترسيخ القيم والعادات السليمة، وإما أن يكون معوّل هدم لها، فعليه يبقي من الضروري أن يتجاوز الإعلام التحديات التي تواجهه.
ومن منطلق تعزيز المسؤولية الاجتماعية أن يتغلب على تحديات الرقابة والتحيز، ويجب الاستفادة من التقدم التقني والتكنولوجيا، التي هي بدورها اصبحت منصة رئيسة في بناء الوعي، عبر البحث عن أساليب حديثة للتواصل والتفاعل مع الجمهور. تُعرف نظرية المسؤولية الاجتماعية في مجال الإعلام بأنها: “مجموعة الوظائف التي يجب أن يلتزم الإعلام بتأديتها أمام المجتمع في مختلف مجالاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بحيث يتوفر في معالجاتها وموادها القيم المهنية كالدقة والموضوعية والتوازن والشمول. هذا المفهوم يضع الإعلام امام تحدٍّ كبير وحقيقي وحتمي لأداء رسالته كما ينبغي، من أجل مجتمع أكثر وعيًا بأهمية القضايا الاجتماعية بكافة أشكالها. لذلك كله فإن موضوع الالتزام الإعلامي بالمسؤولية المجتمعية لتحقيق أهداف محددة ينبغي النظر إليها بمزيد من الاهتمام والحرص على لعب الدور كاملًا غير منقوص ولا مشروط، والتأكيد على أن هذه المسؤولية تنبع من ارتباطها بهموم وقضايا الشعوب ومن قدرتها الذاتية على محاسبة الخارجين على أصول المهنة وآدابها.
ولتحقيق هذه الرؤية وتنفيذ أهدافها هناك دور مهم للمجتمعات لا بد أن تقوم به، حيث لا يمكن لوسائل الإعلام ان تكون في معزل عن المجتمع. فالرسالة الإعلامية تبدأ منه وتنتهي إليه.