فورة الانفعالات في مرحلة الطفولة وعلاقتها باضطرابات الاكتئاب والقلق في مرحلة المراهقة

المترجم : عدنان أحمد الحاجي
كتبت المقدمة الأستاذة نادية بنت فهد السيف، مستشارة في الطفولة واكاديمية في جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن
مقدمة الأستاذة نادية بنت فهد السيف
تُعد الطفولة المبكرة المرحلة الذهبية والأهم في تكوين البنية النفسية والانفعالية للفرد، حيث تتشكل خلالها ملامح الشخصية، وتُزرع الأسس الأولى للتكيف النفسي والاجتماعي. ومن بين الجوانب الأكثر تأثيرًا في هذه المرحلة، تأتي القدرة على تنظيم الانفعالات والتحكم في المشاعر بوصفها مهارة نفسية-تربوية تُكتسب بالتدرج وتُعزز من خلال التنشئة الواعية والدعم الأسري والتربوي الفعّال.
وقد أظهرت الدراسة، أن فورة الانفعالات في الطفولة – كالتقلبات المزاجية والانفعال الزائد – قد تكون مؤشرًا مبكرًا على استعداد نفسي لاضطرابات أكثر تعقيدًا في مراحل لاحقة، لا سيما في فترة المراهقة التي تُعد بيئة خصبة لتفاقم مثل هذه الأعراض إذا لم تُعالج مبكرا.
و تناولت الدراسة العلاقة بين نمط الانفعال في الطفولة وإمكانية الإصابة باضطرابات القلق والاكتئاب في مرحلة المراهقة، بوصفها مؤشرًا أوليًا يمكن أن ينبئ عن مشكلات نفسية مستقبلية.
مستندًا على تحليل تربوي ونفسي لبيانات طولية و علمية واسعة النطاق، لفتت الانتباه لأهمية الوقاية المبكرة، و ضرورة تعزيز مهارات التنظيم الانفعالي لدى الأطفال، كجزء من مسؤولية الأسرة والمؤسسة التعليمية على حد سواء. كمدخل وقائي يسهم في تعزيز الصحة النفسية للمراهقين، و بناء مجتمعات أكثر وعيًا ودعمًا لنشأة صحية ومتوازنة.
الدراسة المترجمة
وجدت دراسة أن الأطفال الذين وجدوا صعوبة في التحكم بانفعالاتهم (1) (مشاعرهم) العارمة في سن السابعة كانوا أكثر احتمالًا لظهور أعراض اضطرابات صحة عقلية عليهم، مثل القلق والاكتئاب واليأس (فقدان الأمل) والحزن، في سن الحادية عشرة والرابعة عشرة والسابعة عشرة (مرحلة المراهقة).
دراسة جامعة إدنبرة، الممولة من مؤسسة الأبحاث الطبية، تُعد من أوائل الدراسات التي تبحث في العلاقة بين أنماط تنظيم الانفعالات (2) في مرحلة الطفولة والصحة العقلية (الاضطرابات العقلية) للمراهقين.
تفيد النتائج بأن مساعدة الأطفال على تطوير مهارات لتنظيم انفعالاتهم في مرحلة طفولتهم قد يُسهم في الحد من تعرضهم لمشكلات تتعلق بالصحة النفسية في مرحلة المراهقة، وفقًا للباحثين.
تنظيم الانفعالات
حلل الباحثون مجموعة بيانات ضخمة لمعرفة ما إذا كان الأطفال الذين لديهم مشكلات في تنظيم انفعالاتهم حينما كانوا في سن السابعة أكثر احتمالًا لظهور اضطرابات داخلية [أي بمعنى أن المصاب يحتفظ بانفعالاته لنفسه، وتتمثل بشكل رئيس في اضطرابات القلق والاكتئاب (3، 4)] – وتتضمن أعراضًا، مثل الحزن والقلق والخوف – في مرحلة المراهقة.
حلل الفريق بيانات من دراسة الألفية البريطانية الطولية (5، 6)، التي تتبعت حياة حوالي 19,000 شاب وُلدوا بين عامي 2000 و2002. حلل الباحثون استبيانات ومقابلات استطلعت آراء أولياء الأمور والمعلمين بخصوص المشكلات الانفعالية لدى المراهقين في سن 11 و14 و17 عامًا.
التحليل الإحصائي
استخدم الباحثون أساليب إحصائية لمقارنة الأطفال بمستويات مختلفة من مهارات تنظيم الانفعالات في سن السابعة وتأثيرها في صحتهم العقلية في مرحلة المراهقة، مع الأخذ في الاعتبار عوامل مثل صحتهم العقلية وسلوكياتهم في مرحلة الطفولة (عندما كانوا في سن السابعة).
أفادت النتائج أن ظهور أعراض على الصعوبات التي يجدها هؤلاء الأطفال في تنظيم انفعالاتهم، مثل تقلبات المزاج (7)، وسريع الانفعال (إلى درجة لا يستطيعون التحكم في انفعالاتهم أو التفكير بعقلانية لفترة معينة)، والشعور بالإحباط (8) بسهولة في سن السابعة، ارتبط ارتباطًا وثيقًا بسلوكيات الاضطرابات الداخلية (أنظر أعلاه للتعريف)، مثل أعراض اضطرابات القلق والاكتئاب، في سنوات المراهقة. واستمر هذا الارتباط الوثيق حتى مع الأخذ في الاعتبار عوامل أخرى، مثل مشكلات الصحة العقلية السابقة في سن السابعة. ويقول الباحثون إن هذا الارتباط الوثيق ظل قائمًا حتى سن السابعة عشرة، مما يفيد بتأثير مستمر للانفعالات العارمة من السنوات الأولى.
مصادر من داخل وخارج النص
1- https://altibbi.com/مصطلحات-طبية/علم-النفس/انفعال
2– “أربعة أنماط متميزة لتنظيم الانفعالات والتي تعتبر آليات تكيفية لضبط الانفعالات: أ) الذين لهم قدرة عالية على تنظيم انفعالاتهم والتعبير عنها بطريقة لائقة، ب) والذين لهم قدرة عالية على إعادة تأطير الحالة الانفعالية إيجابيًا وقدرة على كبت انفعالاتهم أحيانًا، ج) والذين لهم قدرة على تغيير استجابتهم للحالة الانفعالية وذلك بإعادة تفسيرها، د) والذين لا يملكون قدرة كافية على ضبط استجابتهم لانفعالاتهم.” ترجمناه من نص ورد على هذا العنوان:
https://pmc.ncbi.nlm.nih.gov/articles/PMC3234115/
3- https://psycnet.apa.org/record/2016-04916-003
4- https://en.wikipedia.org/wiki/Internalizing_disorder
5- “دراسة الألفية (MCS) هي دراسة استبانة طولية (طويلة الأمد) (6) أجراها مركز الدراسات الطولية (CLS) بجامعة لندن، وتتابع حياة عينة من حوالي 18,818 طفلًا وُلدوا في المملكة المتحدة بين عامي 2000 و2001.” ترجمناه من نص ورد على هذا العنوان:
https://en.wikipedia.org/wiki/Millennium_Cohort_Study
6- https://ar.wikipedia.org/wiki/دراسة_طولية
7- https://ar.wikipedia.org/wiki/تحول_المزاج
8- https://ar.wikipedia.org/wiki/إحباط_نفسي
المصدر الرئيس
https://www.ed.ac.uk/news/emotional-outbursts-in-children-linked-to-depression