أقلام

التغريدات ….منصات : تراشق أو تفاهم أو استنطاق للعِبر

أمير الصالح

أيها القارئ المحترم أضع بين يديك السيناريو التالي وأطلب منك بكل احترام ، قراءة رأيك بعد دراسة وترجيح واختيار واحد من التفاعلات المدرجة.

السيناريو: تدور أحداث وصراعات في بقاع متعددة من العالم بين أصحاب أيدلوجيات فقهية / دينية / مصالح مختلفة من أبناء ذات الدين أو العرق أو الأوطان، وغرد أحد المغردين عبر منصة موقع “X” بكلام فيه ازدراء وشتم وسباب وتخوين وتحريض وتهكم وقذف بأعراض نساء الآخرين. فما هو أول تفاعل تبديه؟

التفاعلات:

كيف يجب أن تكون ردود فعل الآخرين الذين هم بعيدون عن مكان الحدث وغير متأكدين من سردية الناقل / كاتب التغريدة ولا متمحصين لحقيقة وهوية وأجندات المغرد:

١- الانخراط في حفلة الشتائم والسباب والتحيز مع فريق يطابق أفكار تحملها ضد فريق آخر بناء على الإيدلوجيا أو المذهب أو العرق أو القومية أو الدين.

٢- تجنب الانسياق في أية صراعات مؤدلجة، والإعراض عن أي تراشق بذيئ ساقط يتعرض لأعراض الآخرين.

٣- الانحياز مع أهل المصالح حيث المال والنفوذ دون أي اعتبار لموازين الحق والعدل.

٤- اتباع موازين العدل والحق وتطبيق الآية الكريمة عمليًا ( وإن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا)

٥- ركوب الموجة الصاعدة للأحداث وانتهاز الفرص والتصفيق لمن غلب

٦-قراءة المشهد بموضوعية متجردة واستنطاق العبر والعظات وتقوية النفس والنسيج الاجتماعي الداخلي والوطني، وبذل الجهود لمنع انتشار التوتر والتلاسن والقلاقل للداخل.

حتمًا لكل شخص منا قيم وأفكار وقناعات وتفاعلات متباينة، إلا أن السلوكيات في التعامل مع الآخرين هي الترجمان الأصدق عن حقيقة هوية الشخص. لأن الشتم والقذف على أقل اختلاف يعكس أزمة أخلاقية في ذاك الوسط الاجتماعي. فإلزام النفس:

١- بتجنب حفلات الشتم وتجنب التطاول على أعراض الناس

٢- بحسن التعبير عن الأحداث والأفكار والتعبير الصادق والواضح لها.

تجعله من أهل الرشد.

في وجهة نظرك وإبراء لذمتك يوم القيامة وبموضوعية أي من الآراء السابقة تتبناه كرأي ويعكس واقع تصرفك وانفعالك وقناعاتك وأخلاقك وقيمك.

أزعجني كثيرًا ما أراه في منصات التواصل الاجتماعي من تعابير الغضب عند الاختلاف بالقذف والشتائم والسباب حتى وصل بعضهم ( ذكر للاعضاء الحساسة( ك.. ) ؛ وذاك اغتصاب لفظي للكرامة الانسانية يعاقب عليه قانونًا. أضحت ساحات الاختلاف في الرأي على الرياضة والسياسة والثقافة والأفكار مرتعًا خصبًا للتراشق في المنصات الرقمية بدل ان تكون ساحة خصبة لرؤية المشهد من أكثر من زاوية وإثراء المعرفة واستدراك المثالب. عند قراءة هكذا تغريدات وما تحمله من كمية ابتذالات، يتساءل الإنسان أحيانًا، هل تعيش بعض المجتمعات أزمة أخلاقية أم إن المنصات أضحت متنفسًا عن حجم الاحتقان فيه؟ أم أن المنصات الرقمية مرتع خصب لنمو الفطريات العفنة وتفشيها؟!!

فضاء الإعلام العام في معظم دول العالم كان إلى الأمس القريب نظيفًا من الألفاظ الوقحة، إلا أن المحتوى الهابط في الدراما والمسلسلات العالمية المترجمة تحوّل شيئًا فشيئًا إلى مصانع لتغذية مفردات الشتائم بامتياز. ومع مرور الوقت وفي بعض المجتمعات تم تطبيع مفردات الشتائم الجنسيّة وغير الجنسية، بل وترويجها كرمز للواقعيّة أو الجرأة أو التهكم أو الازدراء أو التخوين أو المفاكهة والطرافة. ففي بعض المجتمعات لم يعد هناك من يُستهجن سماع من يقول : F.. k you ) أو “يا ابن ال.. ” أو ( يا ع.. ) على لسان بطل مسلسل أو احد اللاعبين أو البائع المتجول !!! بل يُضحك له. كأنّنا أمام مشهد جديد حيث يتشكّل الوعي فيه من مادّة ولقيم يجوز فيه اغتيال العرض لفظيًّا، وفي أيّ وقت، ولأيّ سبب أو حتى دون سبب.

شخصيًّا عند قراءة خبر أو تغريدة أو تعليق أو معاينة مشهد لأي حدث أو حادث فان أول توظيف له هو السعي لفهم تفاصيل الأمور بموضوعية، وعبر قراءة السردية من أكثر من مصدر أو مغرد. وثانيًا استنطاق الدروس المستفادة lesson learned من الحدث لتجنب الوقوع في الهوة أو تبني قصص النجاح; وثالثًا، إن وجدت حالة عدم الالتزام بآداب الحوار أو انحياز المغرد لفكرة الشتم فإني التزم الصمت بعد التنبيه له بشكل خاص ومنفرد إن أمكن ذلك؛ وإن لم ينفع ذلك، أعرض عن كامل المساجلة في تلكم الحوارات. إن التشديد على المحافظة على نظافة القلب واللسان و العين والأذن هو مصداق للآية الكريمة بسورة الصافات، آية 24، صفحة 446 ( وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ) والآية من سورة الإسراء، آية 36، صفحة 285 .. (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى