مجلس الزهراء الثقافي ومحاضرة لماذا الأحساء خلاقة؟

زينب المطاوعة : الدمام
ضمن سلسله المحاضرات المجتمعية التي يقدمها مجلس الزهراء الثقافي شارك الفنان الاستاذ أحمد العبدالنبي بمحاضرة عنوانها لماذا الأحساء خلاقة؟ وذلك يوم الاثنين الماضي.
تضمنت المحاضرة المحاور التالية: من الذي اطلق على الاحساء سمة الخلاقة؟ منذ متى الاحساء خلاقة؟ المجالات التي بها استحقت اللقب، نماذج من الابداع الخلاق اللفظي، نماذج من الابداع الخلاق الفني، ما هي اهم المرتكزات الخلاقه للاحسائيين، ولم تخلو المحاضرة من وقت للمداخلات والرد على الاسئله.
في بداية البرنامج تطرق المحاضر إلى معنى كلمة خلاقة ووضح إن الاحساء تعتبر مدينة خُلِقت فيها المبادرات، وصنعت فيها البدائل، وتميزت بقدرة أهلها على التجدد رغم التحديات. فكلمة “خلاقة” هي صفة مبالغة مشتقة من “خلق”، ولكن عندما تُطلق على الإنسان، يكون من الأدق أن نقول “مُبدع”، لأنه يبتدع من العدم كما قالت السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام: (ابتدع الأشياء لا من شيء كان قبلها..)
وذكر المحاضر إن الدكتور أحمد محمد الرشيد كتب مقالًا بعنوان “كلنا في حب الأحساء”، في فترة كان فيها عميدًا ثم وزيرًا، عبّر فيه عن محبته لأهل الأحساء وارتباطه بهم.
ثم وضح من أطلق على الأحساء صفة “الخلاقة”؟ وهي هيئة الأمم المتحدةوذلك من خلال ورش عمل أقامتها في الأحساء، وبناءً على استقراء المجتمع وقدرته على التكيف والإبداع، حيث رأت أن هذه المدينة تستحق هذا اللقب فرغم جفاف العيون القديمة، بقيت النخلة شامخة بل وتزايد عددها، مما يدل على قدرة المجتمع على التكيّف والابتكار دون أن ينهار.
ونوه إن صفة “الخلاقة” للاحساء لم تولد من تصنيف أممي حديث بل هي امتداد لما عرف عن الأحساء عبر التاريخ. ومن قبل الإسلام، عُرفت الأحساء بموروثها الديني والروحي، وسُميت بأسماء متعددة مثل: لا خزايا ولا ندامى، وقيل سيظهر عليكم غدًا ركب هم خير أهل المشرق، وكذلك يتفق العلماء ان قوله تعالى (ولله يسجد من في السماوات والارض طوعا وكرها) على إنها نزلت بحق اهل هجر في ذلك الوقتوهذا يدل على عراقة إيمانية وعمق فكري، حتى في فترة ما قبل الإسلام حيث وُجد التوحيد، وكان من أهلها بحيرا الراهب وغيره من الموحدين.
ثم تحدث عن المجالات التي استحقت بها الاحساء هذه الصفة فذكر إن الأحساء ليست خلاقه في مجال واحد، بل في كل تفاصيل الحياة:كالزراعة والنخيل فهي أكبر واحة نخيل في العالم والنخلة رمز للقوة، والاقتصاد، والمجتمع المتكافل، ليست مجرد زراعة، بل منظومة حياة كاملة (اقتصاد، تسويق، تخزين، صناعة)، كذلك مجال اللغة واللفظ والبيان فالأحساء أبدعت ألفاظًا خاصة مثل: “تنبيت” بدل تلقيح أو تابير، كلمة “تمقل” مأخوذة من “مقلة العين” للدقة والتركيز، خاصة عند الصاغة، “المدّة” كمصطلح عمراني وله امتداد لغوي وقرآني (مدّ الظل، “شقردي” كمثال على التحول من الفعل للصورة المجازية في وصف الشجاعة، إضافة لذلك مجال الجانب الثقافي والديني حتى قيل: “إذا ضاق بكم الإيمان فاطلبوه في هجر” فقد عُرفوا أهل الاحساء بالبيان والفصاحة، “تكلّموا تُعرَفوا” وهذا ما يُقاس به وعي المجتمعات.
ونوه إلى تميز الاحساء في اللغة والمثل الشعبي فالأمثال الأحسائية ليست مجرد كلمات دارجة، بل هي اختزال لخبرة وفكر جماعي عبر أجيال مثل “العاجز بصير” فالعاجز قد لا يستطيع الفعل لكنه يُبدع في التبرير وهذا وعي اجتماعي عميق في فهم النفس البشرية، وايضاً “الاحساء يغزلون الهواء” ويدل على براعة الأحسائيين في تحويل اللاشيء إلى شيء ذي قيمة، وذكر بعض الكلمات الاحسائية والمقصد منها.
ثم انتقل للحديث عن كلمة “بشت” من حيث أصلها ومعناها ومعارضتها للادعاءات فقد أبدع الاحسائيين في استنطاق اللفظة، وثبت إنها ليست أعجمية كما يُشاع، بل مستمدة من الجذر العربي “بَشَّ”، الذي يعني الفرح والانشراح والبشت مرتبط بالأفراح والبهجة، ومن هنا ارتباطه بـ”البشاشة” واستشهد على كلامه ببيت شعري لـ إيليا ابو ماضي يقول فيه:
بشّت لك الدنيا فما لك واجبٌ؟ وتبسمت، في علامَ لا تتبسمُ؟
و”بَشَّتْ لك الدنيا” تعني أشرقت في وجهك السعادة.
وذكر بعد ذلك مطلحات لفظية تستخدم لزخارف البشت والمقصد اللغوي الصحيح منها والذي يعبر عن الابداع الفني الخلاق.
كما استمع لبعض أسئلة الحضور والتي رد عليها بكل وضوح واحترافية
وفي الختام قام مسؤلي مجلس الزهراء الثقافي بتقديم شهادة ودرع التميز للمحاضر الفنان الاستاذ احمد العبد النبي وذلك لمشاركته ضمن برامجها المجتمعية الثقافية شاكرين له هذا العطاء.