أقلام

الخباز يوازن الطفولة بين السلوك الانفعالي والتربية الانفعالية

رباب حسين النمر

في الليلة التاسعة من محرم ١٤٤٧ للهجرة بمسجد الرسول الأعظم، سيهات خطب السيد مجاهد الخباز مستهلًا بالآية الكريمة: (المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابًا وخير أملًا) وكان خطابه بعنوان: الطفولة بين السلوك الانفعالي والتربية الانفعالية، عبر عدة وقفات

التعريف بمفهوم السلوك الانفعالي بشكل عام هو عبارة عن سلوك عفوي نتيجة موقف أو ظرف حصل للإنسان دون تفكير، أو دون تفكير في العواقب. وهو نوعان:

السلوك الانفعالي الإيجابي ، مثلًا عند غياب عزيز فترة لم تره، وفجأة رأيته تصرخ: فلان، أو تضمه. هذا سلوك عفوي انفعالي ولم تفكر فيه بالعواقب. مثال آخر: الأم تنتظر نجاح ولدها وبالكاد نجح فتقفز أمه فرحًا.

والسلوك الانفعالي السلبي، مثال: فلان شتمني فتغضب أو يصدر منك ألفاظ غير مناسبة. والسلوك الانفعالي للطفل هو بكاء أو صراخ أو سواه، وهو طريقة تعبيرية للتواصل بها مع الوالدين لإبراز المشاعر والحاجة بذلك الانفعال. وتكون إيجابية مثل الإمساك ثوب والده عند شعوره بالخوف، أو محتاج حنان فيحضن قدمي أمه. أما السلبي فيكون ردة فعل مبالغ فيه، عندما يبكي مثلًا حين يريد البقاء في بيت جده.

مدة الانفعال : المشاعر عادة ما تكون ثابتة مثل الحب والكره، أما الانفعالات فمؤقتة. قد تستغرق بعض الانفعالات ١٠ ثوان وبعضها دقيقة أو دقيقتين عند الكبار (مثل الغضب). وعند الطفل يكون طويلًا وقد يمتد لنصف ساعة.

السلوك الانفعالي عند الطفل

هو سلوك تصاعدي عكس البالغ يبدأ انفعاله عاليًا ثم يهدأ، أما عند الطفل فهو تصاعدي وانتقالي، يبدأ بصراخ ثم يتحول لبكاء ثم يرم بنفسه على الأرض.

مراحل السلوك الانفعالي لدى الطفل يبدأ من أيامه الأولى حتى السنة الخامسة، وإذا لم تعالجها تتحول إلى سمة من سماته الانفعالية.

المرحلة الأولى الطبيعية من الولادة حتى سنتين. فالبكاء رسالة يوصل بها الطفل ما يريد إيصاله للوالدين بالبكاء. والابتسامة، وحالة الوجه والملامح. المرحلة الثانية الإلحاح فيمارس الطفل هذا الأسلوب بالسلوك الانفعالي، وإذا لم تعالجه يزداد. المرحلة الثالثة: تعلم السلوك الانفعالي كأسلوب عادي. المرحلة الرابعة مرحلة السلاح ويستخدم الطفل الانفعال كسلاح قوي يجعل الوالدين تحت إمرته.

أشكال السلاح الانفعالي لدى الطفل

الأول: بكاء مستمر لا يتوقف والبعض يصل لدرجة أنه لا يستطيع أن يتنفس، لماذا يستخدم الطفل هذا السلاح؟ لعدم قدرة الطفل على التواصل مع الوالدين إما لصغر سنه او بسبب الأجهزة، ويستخدم البكاء المستمر مع الأبوين اللذين يسكتانه، ولجذب الانتباه عندما يهمله أبواه، والتعود على طلب الحاجة فبه يخضع الأم والأب ويجعلهما يرضخان. على سبيل المثال استخدام البكاء المستمر عند إيقاظه للروضة. الثاني: إذا أراد الطفل الحصول على شيء. رمي الطفل نفسه على الأرض، ويستخدمه الأطفال خارج البيت من سنة ونصف حتى سنتين. والسبب الاعتراض على الأوامر، ويطبق مبدأ السبب والأثر. ويستخدمه لإحراج الأبوين فيحرج أبويه أو يقهرهما للاعتراض أو الامتناع عن تنفيذ الأوامر. ولذا يجب أن تضع للطفل قانونًا للحصول مثلًا على الألعاب حتى لا يزعجك. الثالث: الغضب الشديد من السنة حتى الخامسة، ويكون تكراره أقل كلما اقترب من خمس سنوات. وتستمر نوبات الغضب من دقيقة إلى ٥ دقائق، وحين يكبر قد تمتد إلى ١٠ دقائق مصحوبة بالتخريب. وسبب نوبة الغضب إهمال الأبوين، ومعاناة الابوين من الانفصال العاطفي، أو أزمة منتصف العمر، وبسبب الإحباط، ونوبة الغضب الجسدي بسبب عدم تحقيق احتياجاته مثل النوم والطعام، ومن أجل كسر القوانين. إن جيل أطفالنا يبقى طول يومه عاكفًا على جهاز إلكتروني، والقانون يقول لك ساعتين فقط فيقوم الطفل بالصراخ ونوبة غضب. الرابع العدوانية تجاه الآخرين من ٣ سنوات حتى خمس سنوات مثل الركل للأشياء، والضرب ودفع الأشياء والعض والبصاق والهروب من البيت، ويصرخ حتى انحباس نفسه، أو الاختباء عن الأبوين لساعات. البعض يهدد أبويه بخروجه من المنزل والبحث عن أبوين، ويهدد بالانتحار. والسبب أنه يريد التعبير عن استقلاليته، أو تحقيق الأهداف الخاصة، والانتقام من الآخرين، أو الإهمال الكامل من الأبوين. إذا جلست الأم مع الطفل على مائدة وهو ممسك بالجوال، وطلبت منه ترك الجوال أو أخذته، فيسكب صحن الطعام، أو يأخذ جوال أمه ويريد الرد والانتقام للاستقلالية.

التربية الانفعالية: بعض الأسر تبدي التربية الانفعالية وهو نمط تربوي تسيطر فيه الانفعالات مقابل ذلك السلوك الانفعالي، وذلك بسبب عجز الأسرة عن السيطرة. فليجؤون للضرب والسباب والشتم والإهانة. وبسبب ضغوطات الحياة التي تجعل مزاج الإنسان محترقًا، وأزمة منتصف العمر، يقومون بالقمع، وبعض الأسر لا تعرف نتائج وأضرار التربية الانفعالية والقهر النفسي للطفل. فقد أصيب أحد الاطفال بالاضطراب الذهاني الذي لا يفصل فيه الإنسان بين الحقيقة والواقع وشكلت لديه إعاقة نفسية وذهنية بسبب دقيقة واحدة انفعالية من الأب.

أشكالها : أسلوب التهديد وأسلوب التجريح. وأسلوب القهر النفسي. أسلوب الضرب. مثل كسر أهم لعبة لدى الطفل. وختم الخباز بحثه بطرح معنى التربية الانضباطية التي تخرج من منطقة الضغط ولا تتعامل مع الطفل المنفعل بانفعال، (لا أدب مع غضب) كمت يقول علي عليه السلام. فكن هادئا لتكون قائدًا، لأن الانفعال يجعل الولد يقودك، ولما يراك هادئًا يعلم أن القيادة لديك. الطفل الذي يرمي نفسه على الأرض ابق معه هادئا، ولا تتركه أو تتجاهله، بل عليك أن تنخفض بجسدك لمستواه وتنظر له وتقول اسكت أنا أسمعك وكررها. ثم اتركه. وسوف يسكت. لا تستجب لمطالبه بعد سكوته وأعطه القانون والعواطف الحنونة، لا تعلم ولدك السلوك الانفعالي كشخصية ثم تريد ضبطه، فالطفل يكتسب السلوك الانفعالي من الوالدين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى