بشائر الوطن

شركات تمويل .. الضغط بإيقاف الخدمات للمطالبة بكامل العقد

بشائر: الدمام

تحوّلت إجراءات “إيقاف الخدمات” التي طُبقت في الأصل لحفظ الحقوق، وتنظيم العلاقة بين الدائن والمدين، إلى أداة ضغط قاسية تستخدمها بعض شركات التمويل، حيث تطالب المتعثرين بسداد كامل قيمة العقود دفعة واحدة، دون مراعاة لوضعهم المالي أو ظروفهم الطارئة التي يمكن أن تدهمهم.

وأبدى عدد من المواطنين استياءهم من أن شركات التمويل لا تقبل جدولة الديون، بل تلجأ سريعًا إلى “إيقاف الخدمات” للمطالبة بكامل المبلغ المتبقي لها، حتى لو لم يُخلّ العميل بالتزامه سوى بدفعة واحدة، أو تأخر تأخرا مؤقتا بشكل خارج عن الإرادة.

واقع مرير تحت الضغط

يقول هادي الحكمي، وهو موظف سابق، إنه اقترض مبلغًا من إحدى شركات التمويل لشراء سيارة، ودفع بانتظام لمدة عامين، لكنه تعثر بعد فقدان وظيفته.

ويوضح “تواصلت مع شركة التمويل لطلب مهلة، لكنني فوجئت بإيقاف الخدمات، والمطالبة بكامل المبالغ المتبقية في العقد، وكذلك بالرسوم الإدارية التي توجب علي سدادها كاملة دفعة واحدة، إضافة إلى أتعاب محامي لشركة البالغة 2500 ريال”.

ويضيف “كان التعثر في سداد قسط واحد فقط”، مطالبا بأن تتم إعادة النظر في سياسة شركات التمويل، وأن يفرض عليها أن تعامل العملاء معاملة البنوك، بأن يتم إحالة حالة التأخر لإيقاف الخدمات بعد تعثر 5 أشهر، وليس بمجرد تعثر لمدة واحدة عن شهر واحد”.

معاناة حقيقية

من جانبه، يبين المواطن منصور الحربي أنه تعثر في سداد مبلغ مالي لإحدى شركات التمويل، ففوجئ بإيقاف خدماته البنكية، علما أن تعثره كان في قسط واحد فقط.

وقال “تواصلت معي الشركة، وابلغتني أنها ستتخذ الإجراءات الرسمية معي، وإيقاف خدماتي، والمطالبة بسداد كامل مبلغ العقد”.

وتابع “لا بد من النظر إلى تصرفات وقرارات تلك الشركات، وإعادة النظر فيها، ومنعها من استغلال إيقاف الخدمات من أجل المطالبة بكامل العقد”.

غير عادل

يؤكد المستشار القانوني عصام نبيل أن ما تفعله بعض شركات التمويل من طلب إيقاف الخدمات والمطالبة بسداد كامل مبلغ العقد لمجرد التعثر في قسط، يُعد تضييقًا على المتعثرين أكثر من كونه وسيلة استرجاع للحقوق.

وقال “المفترض أن تلتزم الشركة ببنود العقد الذي ينص على التقسيط، ولا يحق لها المطالبة بكامل العقد دفعة واحدة، إلا إذا كان هناك شرط جزائي واضح وموقع عليه من الطرفين”.

وأشار إلى أن “اللجوء السريع لإيقاف الخدمات والمطالبة بكامل قيمة العقد، دون جدولة للعميل، ودون انتظار مدة 3 أشهر مثلا من التعثر بدل الشهر الواحد يفتح بابًا للممارسات غير الأخلاقية، ويزيد من الأعباء الاجتماعية والاقتصادية على الأفراد”.

وتابع “يبدو لي أن الحل يكمن في مراجعة العقود جيدًا قبل التوقيع، وتوثيق أي اتفاقات كتابية، مع تقديم اعتراض قانوني فوري في حال وقوع الضرر من إيقاف الخدمات”.

بين التمويل والإنسانية

من جهته، يرى المستشار الاقتصادي علي حسام أن “الجهات التمويلية باتت بحاجة إلى رقابة أشد من الجهات الرسمية، لضمان عدم تحول التمويل إلى فخ يلاحق المواطن، لا سيما في ظل غياب المرونة، والمغالاة في الفوائد، وتضييق الخناق عند أول تعثر”.

وطالب بوضع ضوابط ملزمة لجميع شركات التمويل تضمن حماية العملاء من الاستخدام المفرط لإيقاف الخدمات، خاصة في القروض الاستهلاكية التي تمس حياة الفرد اليومية.

إعادة النظر

يرى المستشار الاجتماعي شاكر عبد الجواد أنه “في ظل تصاعد شكاوى المتضررين، تبرز الحاجة إلى إعادة النظر في صلاحيات شركات التمويل وآليات تحصيلها، فليس من العدل أن يتحول إيقاف الخدمات من وسيلة قانونية إلى سلاح يُستخدم بلا رحمة، وبين أقساط لم تُستكمل، ووظائف فُقدت، وأسر تعيش القلق، يبقى المواطن هو الطرف الأضعف… فهل من حماية رادعة”.

وأضاف “تبرز هنا أهمية التوازن بين حفظ حقوق الشركات وعدم الإضرار بالعملاء، خصوصاً في ظل الظروف الاقتصادية المتقلبة”.

وختم “يبقى السؤال مطروحاً: من يحمي المواطن البسيط من الاستخدام المفرط لإيقاف الخدمات؟، وهل يمكن إعادة النظر في الآلية بما يضمن العدالة لجميع الأطراف”.

بين القانون والواقع

في المقابل، ترى بعض الشركات أن من حقها المطالبة بالمبلغ كاملاً في حال إخلال العميل بالتزامه، وتؤكد أن اللجوء إلى إيقاف الخدمات هو إجراء أخير بعد استنفاد كل السبل الودية.

لكن المختصين يرون أن الحل لا يكون بالتصعيد، وإنما بتفعيل لجان الوساطة والتحكيم قبل التوجه إلى المطالبات القانونية القاسية، خاصة في القضايا الخدمية أو العقارية التي تشهد تبايناً في التفسيرات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى