أقلام

أرواح في القرآن الكريم والروح المحمدية

زاهر العبدالله

ذُكرت الروح في عدة آيات بكتاب الله، منها:

قال تعالى:

{فَإِذا سَوَّيْتُهُ ونَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ} ٢٩: الحجر.

{إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا} 110: المائدة

{ يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَىٰ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ}٢: النحل

{تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ}٤: القدر

{نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ}١٩٣: الشعراء.

تُعد الأرواح والروح المحمدية من الأمور الغيبية التي وردت الإشارة إليها في النصوص الدينية، ولها تفسيرات خاصة عند كبار العلماء، مثل:

الشيخ المفيد، الشيخ الطوسي، العلامة المجلسي وغيرهم.

أنواع الأرواح

① أنواع الأرواح في النصوص الدينية:

ذكر العلماء أن الأرواح ليست من نوعٍ واحد، بل تختلف بحسب وظيفتها ومصدرها. ودليل ذلك الرواية التالية:

عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله (ع) قال:

“سألته عن علم الإمام بما في أقطار الأرض وهو في بيته مرخى عليه ستره، فقال:

يا مفضل، إن الله تبارك وتعالى جعل في النبي (ص) خمسة أرواح:

· روح الحياة: فبه دبّ ودرج

· روح القوة: فبه نهض وجاهد

· روح الشهوة: فبه أكل وشرب وأتى النساء من الحلال

· روح الإيمان: فبه آمن وعدل

· روح القدس: فبه حُمّلت النبوة، فإذا قُبض النبي (ص)، انتقل روح القدس إلى الإمام، وهو لا ينام ولا يغفل ولا يلهو، أما الأرواح الأربعة الأخرى فإنها تنام وتغفل وتزهو وتلهو.”

المصدر: الكافي – ج1 – ص272

② الروح القدسية (روح القدس)

هي قوة إلهية خاصة بالأنبياء، تساعدهم في العلم والحكمة.

عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله (ع) عن قوله تعالى: “وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا…”

قال: “خلقٌ من خلق الله عز وجل أعظم من جبرائيل وميكائيل، كان مع رسول الله (ص) يخبره ويسدّده”.

وقال أيضًا:

” وعن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام (يقول يسألونك عن الروح، قل الروح من أمر ربي.

قال: خلق أعظم من جبرائيل وميكائيل، لم يكن مع أحد ممن مضى غير محمد (صلى الله عليه وآله وسلم).

الكافي – ج1 – ص273

③ الروح الأمين (جبريل عليه السلام).قال العلامة الطباطبائي في تفسير قوله تعالى:

{نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين} المراد بالروح الأمين هو جبريل ملك الوحي بدليل قوله: ” من كان عدوًا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله ” البقرة: 97، وقد سماه في موضع آخر بروح القدس: {قل نزله روح القدس من ربك بالحق} النحل: 102 وقد وصف الروح بالأمين للدلالة على أنه مأمون في رسالته منه تعالى إلى نبيه صلى الله عليه وآله وسلم لا يغير شيئًا من كلامه تعالى بتبديل أو تحريف بعمد أو سهو أو نسيان

تفسير الميزان – ج15 – ص316.

④ الروح المحمدية في الرؤية الدينية:

عن العلامة تقي الدين السبكي في كتابه: التعظيم والمنّة في الحقيقة المحمدية (ص 95)، قال في ذيل الآية: “لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ”

وتعظيم قدره العلى ما لا يخفى، وفيه مع ذلك أنه على تقدير مجيئه في زمانهم يكون مرسلًا إليهم فتكون نبوته ورسالته عامة لجميع الخلق من زمن آدم إلى يوم القيامة، وتكون الأنبياء وأممهم كلهم من أمته. ويكون قوله (بعثت إلى الناس كافة) لا يختص به الناس من زمانه إلى يوم القيامة، بل يتناول من قبلهم أيضًا. ويتبين بذلك معنى قوله (صلى الله عليه وآله):(كنت نبيًّا وآدم بين الروح والجسد)

الإمام علي بن أبي طالب (ع) – أحمد الرحماني الهمداني – ص63

رواية أخرى:عن محمد بن سنان، عن المفضل، عن جابر بن يزيد قال:

قال لي أبو جعفر (ع) يا جابر، إن الله أول ما خلق محمدًا (ص) وعترته الهداة المهتدين، فكانوا أشباح نور بين يدي الله قلت: وما الأشباح؟ قال: ظل النور، أبدان نورانية بلا أرواح، وكان مؤيدًا بروح واحدة وهي روح القدس، فبه كان يعبد الله وعترته، ولذلك خلقهم حلماء علماء بررة أصفياء، يعبدون الله بالصلاة والصوم والسجود والتسبيح والتهليل، ويصلون الصلوات ويحجون ويصومون.

حلية الأبرار – ج1 – ص19 / علل الشرائع – ج1 – ص208

ويعتقد العلماء أن النبي الأعظم محمدًا (ص) وأهل بيته (ع) لهم مكانة خاصة في الخلق، وأن روح النبي (ص) هي أول ما خلق الله، وتُسمى “النور المحمدي” أو “الحقيقة المحمدية”.

⑤ الأرواح البشرية:

هي النفوس التي تُخلق مع الأجساد، ولكن لها مراتب متفاوتة في الكمال.

الشيخ المنتظري يسأله تلميذه رأي صدر المتألهين الشيرازي (رحمه الله) صاحب كتاب ” الحكمة المتعالية ” المعروف ب‍ ” الأسفار “: أن روح الإنسان ” جسمانية الحدوث وروحانية البقاء “، وبعبارة أخرى: أن النفس ثمرة الطبيعة، ونتاج المادة السامي، وقد بلغت مرتبة التجرد الناقص بفعل التكامل الجوهري للمادة، وتدرجت نحو المراتب العليا، وما دام الانسان حيا فإن النفس تحتفظ بارتباطها بالطبيعة والمادة وتستفيد منها، ثم تستقل بعد الموت، كالثمرة التي تنفصل عن الشجرة بعد نضجها أو قطفها.

من المبدأ إلى المعاد – الشيخ المنتظري – ص68

العلاقة بين الأرواح والروح المحمدية:

أن الروح المحمدية هي أصل الأرواح. عند بعض العلماء

أن الأئمة عليهم السلام يشاركون النبي الأعظم محمدًا (ص) في هذا النور ولكن دون رتبته.

في زيارة الجامعة الكبيرة نقرأ:

“بكم فتح الله، وبكم يختم، وبكم يُنزل الغيث، وبكم يُمسك السماء أن تقع على الأرض…”

الخلاصة:

1. الأرواح ليست واحدة، بل متعددة بحسب المنزلة:(قدسية، ملكية، بشرية)

2. الروح المحمدية هي أول خلق الله، ومنها تشعّبت الخلائق

3. الأئمة (ع) يشاركون النبي (ص) في هذا النور، ولكنهم دونه رتبةً

والله أعلم، وهو الهادي إلى سواء السبيل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى