أقلام

الفروقات الفكرية بين التمييز والمناكفات – الجزء الثاني

أمير الصالح

٣-الفرق بين البيع والربا

البيع هي عقد يتم من خلال عملية مقايضة مال مقابل سلعة أو سلعة مقابل سلعة مغايرة بناء على تبادل منافع أو فرق في خدمة مضافة وتتم بين طرفي العقد أو أطراف مختلفة.

أما الربا فهو عقد يتم من خلال إجراء عملية تبادل سلع / مال مقابل نفس المادة مع ضمان الزيادة وقت الاستحقاق الزمني المتفق عليه بين طرفي العقد. قال رب العالمين في كتابه الحكيم، (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا ) سورة البقرة، آية 275، صفحة 47 وهذا التحريم في واقعه يخدم الناتج الاقتصادي المحلي لأي مجتمع، لأن تدوير المال في الصناعة والزراعة والخدمات يضيف قوة اقتصادية عبر خلق فرص عمل وفتح بيوت ونمو اقتصادي حقيقي؛ بينما تدوير المال بالمال عبر طباعة أوراق مالية (التسهيل الكمي) فإنه مع تقادم الايام يؤدي إلى ضمور الصناعة وتقلص سوق العمل وتضخم الأسعار وإغلاق البيوت وزيادة البطالة وانهيار الأسر وزيادة الجريمة وكثرة أهل الرشوة وفقدان القوة الشرائية للعملات.

لا يحق للعاقل تعيير وتصغير شأن العاقل الآخر لكون تحليله المالي يتعارض مع الآخر، لكونه يبني رؤيته على آية قرآنية، بل الحوار الهادف والسعي لإيجاد مساحة مشتركة هو الأولى لبناء مجتمع أقوى وأفضل.

٤- الفرق بين الإرهاب والمقاومة

تخيل أن مصطلح مثل إرهاب ومقاومة والفصل بينهما ما يزال شائكًا في أروقة محافل دولية بسبب تعارض المصالح وموازين القوى. لك أن تتخيل في بعض البقع يُنعت الذاب عن أرضه بأنه متصل بالإرهاب وأن المدافع عن ماله بأنه مسبب للإزعاج!! بينما الدساتير والشرائع والأعراف كلها تحث الإنسان على الدفاع عن نفسه وعرضه وأرضه وماله، وإن فاضت روحه في ذاك السبيل فإنها نالت وسامًا جدًا كبيرًا في موازين الله وموازين أهل القيم. الإعلام العالمي له ما له وحتمًا له مصطلحاته وصياغاته الفكرية،ولكن على الإنسان الواعي أن تكون مفاهيمه ورؤيته للحياة متجانسة مع ضميرة الإيماني وكونه مؤمنًا بالله والآخرة، والحساب والعقاب، فلا بد أن يتمحص كل مفرده قبل أن يكون صدى لأبواق مشبوهة. فأبناء الوطن الواحد من المفترض أن يكونوا أقرب لبعضهم البعض من أي مواطن آخر من وطن آخر،طالما أن هناك بصيرة وروح تفاهم.

٥- الفرق بين الوطني والطائفي

أضحى البعض ينعت الآخرين بأنهم طائفيون لأنهم يريدون توظيف أهل الكفاءة وليس أهل القرابة أو أهل القرية الواحدة. وفي المقابل هناك بعض ممن تسول له نفسه أخذ الرشوة وخيانة الأمانة والاستئثار بالمناصب والمراتب وفي الوقت نفسه يتمترس خلف اسم الوطنية! مع شديد الأسف أن أمراض سلوكية نخرت في بعض المناطق الى الحد الذي هد وصدع بناء مجتمعاتهم وهم في غفلة من ذاك. وعلى كل إنسان شريف محب لأهله ووطنه أن يكون قلبًا وقالبًا موضوعيًّا في إعطاء الفرص لأبناء وطنه لتستمر سفن بلدانهم مبحرة بسلام دون أية ثقوب، فالجميع في المركب نفسه.

٦- الفرق بين الكرم والرياء

وجود كاميرا بجهاز الجوال في يد الغالبية أتاح فرصة التسويق لذواتهم عبر توثيق ونشر صور أي عمل، والعمل الطيب سواء إكرام ضيف أو التبرع ليتيم أو طبابة مريض أو زيارة مسن أو إهداء مال لعامل نظافة أو إعداد طعام لصائمين ينشر على صفحات الانستجرام والتيك توك والله العالم بالنيات. إلا أن كثرة النشر والتكييد على جنبة أو جنبات محددة أثارت التساؤل عن المقاصد هل هي ظاهرة كرم أو رياء ومزايدة.

٧- التدخل بشؤون الأخرين والاهتمام بهم

السؤال العام عن أحوال الآخرين بهدف الاطمئنان عليهم أمر محمود ولكن السؤال عن تفاصيل أمورهم وشؤونهم ثم التدخل فيها بهدف الفضول والتطفل فإنه أمر منبوذ وقد يخلق تصادمًا وعداوة وتنافرًا . ولذا على المتحدث حسن اختيار الأسئلة التي تدل على الاهتمام وتفادي التدخل في شؤون الأخرين.

جمل اعتراضية:

جملة ١:

إن كنت تعتقد بأن الإعلام العالمي مهتم بأن يخبرك بالأحداث والمعلومات كما هي فانت مخطئ؛ الإعلام العالمي لا يعلمك الأمور كما هي عليه، وإنما يخبرك الخبر بطريقته وبما يريد هو أن يصيغ فكرك وقناعتك ليشكل وعيك. وعيك ودينك وتقواك وحفظك لثوابتك هي مسؤوليتك، فلا تجعل الضجيج الإعلامي العالمي ينسف موضوعيتك والنقد الفكري الأصيل لديك.

جملة ٢:

هناك من يردد بأن الخلاف جزء من الحوار، ولكنه يبدأ الحوار معك بإسقاطك وإسقاط قناعاتك ويفرض عليك قناعاته على أنها هي الأساس في الحوار!

جملة ٣:

الأوطان أمانة في أعناق أبنائه بكل أطيافهم، وعلى جميع الأطياف الانفتاح على بعضهم البعض وتفهمهم مفاهيم ومبان أفكار الأخرين بموضوعية هي علامة من علامات التقوى والموضوعية وحفظ لحقوق الإخرين. في منطقة الشرق الأوسط حيث المياه الساخنة، تلك الحقيقة الساطعة أعلنها بعض الإعلاميين بعدما أضاعوا وطنهم، وذلك بعد ما نشروا التحريض والكراهية ولغة الشتم والمناكفة في أماكن عدة في العالم.

جملة ٤:

الكلمة مسؤولية أمام الله وإن كان لا بد منها فلتكن بلسمًا في زمن الجراح ورحمة في زمن العنف وملهمة في زمن الضياع وتشجيعًا في زمن الخذلان.

جملة ٥:

عقد النكاح بكل ألوانه مسؤولية، وسوء استغلال بعض الرجال وبعض النساء للعقد أمر مشين ومعيب في حقهم وليس في حق التشريع. فعقد أي زواج بأي عنوان يترتب على الطرفين تحمل مسؤولية كاملة وليس العبث والاستغلال والمتاجرة والابتزاز والحيونة.

انتهت الجمل الاعتراضية وأستأنف المقال.

أخطر ما في الإنسان هو قدرته على التشكل في أماكن عديدة، قدرته على أن يقف في طابور الملائكة وأن يجلس في حانة الشيطان، وأن يتنقل بينهما كلما دارت به ذاته. فأهل الضمير الحي يعرفون الحق ويتبعون أهله وأهل الباطل يعرفون الباطل ويغالطون الآخرين في صرفهم عن الحق.

ختامًا، جميعنا نعلم بأن أبناء آدم في هذه المعمورة انشطروا في الأفكار والعقائد والطقوس والممارسات وأنماط الحياة والملابس والأطعمة والأذواق، ألا أنه يهمنا من كل ذلك السلوك، فالدين المعاملة. ومن الصحيح أن أي شخص بذل جهده في البحث المضني عن الحقيقة الناصعة أن نعامله بكل أدب واحترام وتواضع طبقًا لمبدأ أصالة البراءة سواء الشرعية أو العقلية. وعلى كل عاقل من أي انتماء أن لا يسمح للآخرين باللعب في عقله عبر المنطق المغلوط او المغالطات اللفظية أو التموية على حقائق المفاهيم أو اللعب بالعواطف.

العقل يُبنى بمفاهيم واضحة وإذا فسد العقل فسد المُعتقد وفسد السلوك. وقيل قديمًا ، “من يصلح الملح إذا الملح فسد؟!!!.” حين ينتهي كل شيء في هذه البسيطة (الأرض) ويحق الله الحق لن نتذكر أقوال أعداء الإنسانية، بل سنتذكر من خذل الحق ومن روج له أو ساعد على نشر الباطل، ولو بعنوان المناكفة والنكاية أو الإمعان في التشفي أو الفجور في الخصومة أو الكراهية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى