أقلام

ضد الاستهلاك المفرط

أمير الصالح

قد تطرب أذن المتسوق لمصطلح أن السلعة الفلانية لها خاصية مناعة ضد شي ما، أي ضد الصدأ، ضد القشرة، ضد الانزلاق، ضد الاحتراق …و لذا نرى عند شراء الحذاء، نبحث عن حذاء “ضد الانزلاق/ ضد تسرب الماء” أو عند شراء أواني المطبخ، تفتش عن جملة ” ضد الصدأ” ، أو عند شراء أجهزة عبر الإنترنت، نشتريها عبر بطاقات تأمين بنكية لإحراز مفهوم ” المشتريات مؤمنة ضد السرقة”. ويزداد المشتري اطمئنانًا عندما يزوده البائع بشهادة ضمان مصنعي، كما في عملية شراء الديبلوكسات السكنية حيث يتجاوز الضمان للهيكل عشر السنوات أو أكثر مع جملة الأصباغ ضد التقشر والسباكة ضد التسريب والضمان لمدة عقد أو أكثر.

ويلجأ بعض التجار المخادعين إلى شفط أموال الزبائن بعد ما عجزوا من أخذها بالطرق التقليدية؛

فتكون إما بالحيل التسويقية أو الخداع البصري أو تسليط الأضواء على إحدى المميزات وإخفاء جميع العيوب الأخرى أو التسويق بالباطل أو تحفيز جوانب الغرائز الحيوانية عند الترويج للسلع، أو استيراده لسلع متهالكة وأدنى من المواصفات القياسية أو عمل حملات تخفيضات وهمية… أو… أو توظيف كلمة ” ضد”.

كأفراد مجتمع وأبناء وطن واحد أضحى من المطلوب على الجميع أخلاقيًا واجتماعيًا ووطنيًا أن نشارك معلومات ونتداولها بين بعضنا البعض ولو في نطاق الحي أو العائلة أو الزملاء بالتحذير من السلع المغشوشة تارة ومن التجار المدلسين والأشخاص المحتالين تارة ثانية ومن أصحاب الأفكار التجارية الهدامة، ومن تجار الأفكار المنحطة تارة ثالثة … إلخ عبر تفعيل المشاركة في خاصية ” قيم ” Rate the service ؛ وتارة أخرى ناخذ المبادرة في التواصل مع الجهات المختصة في الإبلاغ عن المخالفات والغش والتدليس والتزييف والتستر والاحتكار والاحتيال، فكن يا عزيزي القارئ واعيًا وفطنًا ، وحذِّر أعزاءك ممن يريد أن يستغفلك أو يدغدغ مشاعرك أو يهيج غرائزك الحيوانية ويهدر وقتك لشفط أموالك أو إلغاء دور عقلك أو تغييب ضوابطك الأخلاقية؛ واجعل عقلك أرجح من عاطفتك عند إجراء أي نوع من أنواع المعاملات التجارية والمعنوية. لا بل حتى عند التسامر أو التصادق أو المصاحبة أو التسوق أو السفر أو الحديث أو العمل أو إبرام الشراكة أو التجارة مع الآخرين أو الاستثمار. فقد لوحظ في الآونة الأخيرة ازدياد عدد ضحايا الشفط المالي عبر النت والتطبيقات والمتاجر الإلكترونية، والتروبج التسويقي و توظيف حيل نظرية the game theory.

حيل بنماذج رياضية مبتكرة

قد يكون القليل من الناس مطلعًا على نظرية the game theory وفي الواقع أن صاحب النظرية john Nash حصل على جائزة نوبل العالمية بسببها وهي مادة رئيسة مدرجة في التحصيل الأكاديمي لبعض كبرى الجامعات الغربية لمرحلة شهادة الدكتوراة. وتثير النظرية مفاهيم مثل:

تكلفة التعادل equilibrium،

sunk cost fallacy مغالطة التكلفة الغارقة، وهم ” العرض المجاني” .

مثال ذلك، ورد أن ٩٠٪؜ من أرباح شركة spotify ناتج من اشتراكات premium مع أن الغالبية تسجل في التطبيق بهدف الحصول على منصة صوتية تبث بودكاسته بالمجان! وكذلك قيل إن شركات اخرى مثل يوتيوب تسجل أرباحها بتفعيل اشتراك خاصية إلغاء الإعلانات المزعجة preimun في المادة الإعلامية المعروضة المراد مشاهدتها Demand Through Inconvenience

وكل تلكم الأدوات وغيرها أجادت كبرى الشركات استخدامها للسيطرة على قرار المستهلك العادي والتحكم إيماءً أو إيحاءً أو خنقًا بقراره. المضحك المبكي، يُقال بأن صاحب النظربة اكتشف بأنه غرق في شعور التكلفة بعد أن أمضى ٤ سنوات في دراسته لبرنامج الدكتوراة في الاقتصاد واستنزف اقتصاديًا، وإنه لا ملجأ له بعد ذلك سوء الاستمرار في دراسته حتى التخرج !!

وليس بعيدًا عن الموضوع، استمرأ البعض في شراء سلع استهلاكية بالتقسيط وأضحى الأمر واقعًا ملموسًا، وعند البعض مشكلة مستفحلة. ويُقال أن أوامر التنفيذ المالي في المحاكم في تصاعد ملفت ويدق جرس الخطر اجتماعيًا وقد يزيد معدل التشاحن بين أطراف اجتماعية مختلفة كالمؤجر والمستأجر في ميدان العقار. ولعل مجموع من الناس لا يستهان بعددهم بلغ حد مشترياتهم الاستهلاكية الشهرية بالتقسيط يفوق حد مواردهم و إمكاناتهم المالية!

ختامًا، أشجع أبناء المجتمع بتوجيه أي شخص مبتلى بظاهرة عدم الرشد في الإنفاق بالالتحاق بدورات تثقيق ضبط الإنفاق (ريالي) وزيادة منسوب الوعي الاقتصادي وقراءة المزيد من مقالات إثراء الوعي في جوانب الاقتصاد، والتنبيه من أساليب الإغواء والإغراء والاستدراج التسويقي. قال إمام أهل الحكمة، علي (ع): (ما أكثر العبر، وما أقل المعتبرين !). وقيل: خير المعتبرين من أخذ العبرة من دروس الضحايا، فاحرص ألا تكن أحد الضحايا وكن من رواد أهل العظة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى