أقلام

تتكلم العوائق وتصمت القلوب

رباب النمر

تبتسم الأمنيات في قلوبنا، فنمدّ أيدينا لنمسك بها، نتشبّث بالآمال، ونرسم في مخيّلاتنا حكايات ورديّة مشتهاة، نبنيها من خيوط الخيال، ونُشيّدها كقصورٍ معلّقة في الهواء. لكن ما إن نهبط من سماوات التخيّل إلى واقع الأرض، حتى نصطدم بالمفاجآت والعقبات، ونجد أن الطريق الذي حسبناه معبّدًا كان مليئًا بالالتواءات والأشواك.

وقد تذبل في منتصف الطريق، تموت واقفًا بصمت، لا يشعر بك أحد، بينما في داخلك تعصف أعاصير الأسئلة، متأرجحة بين الرجاء واليأس، بين الخوف والانتظار. عندها لا يبقى لك إلا أن تتدثّر بالصبر، صبرٌ على ما تحب وصبر على ما تكره، وتشقّ دروبك في البحث عن إجابات حقيقية تليق بعمقك.

وما أسرع ما تعود العوائق للظهور؛ شياطين صغيرة وكبيرة تخرج ألسنتها في وجهك، تعبث بك، وتجرّك إلى تيار الغرق! تشعر أنّك تستحق حياة أوسع وأجمل، لكن واقعك يصفعك مرارًا، مائة صفعة، كأنما يتحدّى صمودك. فتقاتل وحيدًا، عاريًا من السلاح، إلا من سلاح واحد: ثقتك المطلقة بتدبير ربك.

وحين تخذلك الأسباب وتخونك التغييرات، تتمنى يدًا تُمسك بيدك، وظهرًا يُسندك، فتلتفت فلا تجد إلا السماء. هناك تعلّق قلبك، وهناك تكتشف سرّ الأقدار؛ أن وراء خرق السفينة حكمة لا تُدركها عينك، حماية من ملك يأخذ كل سفينة غصبًا.

فتتذكّر يوسف عليه السلام في بئر العتمة، ثم في قصر العزيز عبدًا، ثم في السجن سجينًا، قبل أن يصير أمينًا على خزائن الأرض. وتتأمل مهد موسى عليه السلام وهو يتهادى على الموج، من يد إلى يد، في حفظ إلهي مطلق، حتى وصل إلى أرض الأمان.

وهنا، وهنا فقط، يشعّ وهج النور في قلبك، وتدرك أن الله يسمع ويرى، وأن في أقداره رحمةً تتكرّر ثلاثًا، رحمة ورحمة ورحمة، حتى لو أبصرتها عيناك أحجار عثرة، فإنها في باطنها مفاتيح نجاة، وطرائق إلى حياة أبهى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى