أقلام

كرامتك لا تتخلى عنها

أمير الصالح

ركب المدرس إدوارد (اسم افتراضي) الموجة الحالية وأصبح صانع محتوى بالعالم الرقمي؛ ومع الوقت وجد نفسه، كلما زاد عدد متابعيه كلما زاد رصيده البنكي وزاد عدد المتملقين من حوله وأعده البعض أنه مؤثر اجتماعي influencer وزاد عدد المصورين له في الأماكن العامة والمحتفين به في المجالس، إلا أنه مع مرور الوقت وقلة رصيده الفكري والعلمي، أفلس في طرحه وتدنى مستوى جودة مضمون محتواه، فتحول تدريجيَّا إلى نشر صور ومقاطع ولقاءات بها إيحاءات الرذيلة واستضافة المهرجين وبعض المبتذلات. وأخذ يردد في ختام كل مقطع ينشره جملة ” كبسوا ياشباب، شيروا يا بنات”!.

ذات يوم، زاره والده/ أخوه/صديقه الوفي بالتناوب وقالوا له ” أستاذ إدوارد، احفظ كرامتك أو ما بقي منها، فقد كنت مدرسًا مميزًا وفجأة تركت كل ذلك ودخلت في زواريب مظلمة ومحتوى هابط. لا تنسى أن حب البروز والشهرة والأضواء والمال قد ينسف كل بصماتك الماضية الجيدة، كما أنك ترى أن التيار العاصف في العالم الرقمي حول العالم جرف الكثير من الشباب والفتيات في مستنقع الرذيلة والتفاهة والضياع والفردانية والاكتئاب. فإن بعض الشباب والفتيات بدؤوا طريقهم في العالم الرقمي بالفضول ثم بالترنح والميلان على أنغام المعازف وحضور مجالس البطالين وانتهى المطاف بهم/ بهن أن أصبحوا من الفسقة/ من ذوات علم/ عباد للمال والشهرة/ نسفوا كل القيم. وقد تحول بعضهم بسبب ذاك وهذا إلى أداة في أيدي أعداء الوطن والمجتمع والدين والفضيلة. بل إن البعض منهم أخذوا يروجون لأفكار هدامة للأسر ولا يتورعون من إغواء الشباب والفتيات واستدراجهم لما يدمر المجتمع والأوطان والكفر بالله والتحفيز على الفجور والإلحاد والفسوق والرقص على جراحات الطيبين والتهكم على الفقراء والمساكين.

انكشفت النوايا

لعل من جملة ما تم اكتشافه وتلمسه بعد انتشار تطبيقات السوشل ميديا بأيدي عامة الناس:

١-كشف الأقنعة للبعض من البشر

٢- التمحيص للصادقين من المنافقين

٣- الفرز والتمييز للبعض بناء على إسهاماته ومشاركاته واهتماماته وآثاره ومشاركاته وكتاباته

٤- الاطلاع على أدوات وأجندات الفسق والمكر والتضليل والشبهات التي يروج/ تروج لها بعض القروبات والمجموعات والأفراد

٥- توثيق تغير حال وأحوال البعض من الناس سواء بالإيجاب أو السلب

٦- معرفة أحوال البعض من البشر وطبيعة علاقاتهم واصطفافاتهم

إغواء أهل الانحراف

يجيد البعض من محبي الشهرة والنجومية في الأوساط الاجتماعية تمرير بعض شبهاته وأفكاره وترويج بعض مناكفاته وتكوين جمهور من حوله عبر وسائل قديمة جديدة كإقامة الولائم شبه اليومية سواء تحت غطاء مناسبة أو دون مناسبة وفتح مجلسه للمستهدفين من الفتيان والشباب واستقطاب الحضور لديه عبر جلب الشخصيات المشهورة وتمرير أفكار معينة/ استفزازية للمجتمع المحافظ، أو عبر تقديم الهدايا للأعوان والأبواق والترويج لشخصه عبر قنوات السوشل ميديا واستمالة قليلي العلم ومحبي الطعام ومبغضي القيم والمتفلتين منها،يسبغون على جلسائهم ألقابًا كبيرة طمعًا في استمالتهم. ومع شديد الاسف هناك من تنطلي عليه كل أو بعض تلكم الحيل ويعطي الاحترام لمن يقدم فتات مال وإن كان على حساب كرامته.

وعليه أنصح كل ذي عقل وبصيرة ان يُحلل الوضع من حوله في أي مجتمع/ قروب / شلة طغى أو تطغى فيه الأنانية والصراعات الاجتماعية والتجاذبات الطبقية وحب البروز قبل فوات الأوان أو الندم. وأنصح تدارس الأمور وفقًا للأمور التالية:

أ- مراجعة أية دعوة لأي وليمة بطرح أسئلة على النفس: من أين أتت الدعوة، ما هي المناسبة، ما هي الأهداف المحتملة من الحضور ، … إلخ ).

الواجب : من واقع تجربة، لا تقبل دعوة الأصناف البشرية التالية:

١- الذي يدعوك عن طريق شخص آخر و هو يمتلك رقم جوالك ويعرفك معرفة شخصية. فإن دعوته عن طريق شخص آخر فقط لرفع العتب وخلق الأعذار لنفسه أمام بعض الأفراد بأنه أوكل شخص آخر لدعوتك.

٢- الذي يدعوك آخر الوقت، فأنت لست في قائمة المدعويين الرئيسة بل دعوتهم لك لإكمال العدد وملء بعض المقاعد الشاغرة.

٣- ترفع عن استجابة الداعين الذين يسيئون إلى أهلك ومجتمعك ووظيفتك ودينك ويتلفظ في ذات الوقت بالفاظ سيئة ونابية وتهكم صربح ثم يدعوك لمجلسه أو موائده

٤- كثير المن والأذى

كقول بعضهم كلمة ” ابلع ” بدل تفضل. أو امتهان الأخرين عند تقديم الطعام أو اللمز والغمز كقول كل فإنك لا تستطيع أن تدفع ثمن هذه المائدة من جيبك، أو القول تعالوا تعالوا ترى الأكل بالمجان أو التصوير ونشر الصور لأكبر نطاق على السوشل ميديا بأهداف غير بريئة.

تذكر : الكرامة أهم من حفنة رز ولحم أو سفرة مجانية.

ب- الدعوة للمرافقة في المنتجعات والديوانيات المبهرة

ج- الاعتقاد بأن الداعي لديه بعض من العلاقات العامة وتمكنه من نسهيل بعض الأمور.

د- استجابة دعوة أحدهم للمرافقة في السفر لمحطات سياحية اشتهرت بامتهان السياح من ذوي القوميات الأخرى.

همسة عتاب: ترك جملة من النخبة والعلماء الناضجين والأكاديميين فراغ ثقافي كبير بالوسط الاجتماعي أملاه بعض أشباه المتعلمين وأشباه المتحدثين، فانعقدت مجالس وديوانيات متعددة بمدن عدة بعناوين مختلفة، والحصيلة المزيد من التفتت والتراشقات والعنتريات وازدراء الدين وكل يتزعم التحدث باسم المجتمع.

همسة اعتذار:

نلتمس الاعذار للبعض، ولكن نعرف بأن صاحب المبادئ الرصينة عندما نراه مجالسًا لفاجر أو منحرف أو مبتذل أو فاسق أو مشاكس سلوكيًّا فالمتأمل منه ان يحاوره بالحسنى وثنيه عن سلوكه المنحرف.

انتقاء الأصحاب

عزز أواصر الوصل بالأفراد ذوي السمات التالية:

١- من يحترم مبادءك وفضاءك وقيمك وحدودك ووقتك ومسؤولياتك الأخرى

٢- من يحفظ الأمانة في القول والعمل والنقل

٣- من يأخذ التزاماتك ومسؤولياتك الأخرى بعين الاعتبار

٤-من يشعرك بأنك ذو قيمة ولك اعتبار

٥- من يجلب لك السعادة في حياتك ويتفادى استخدامك كمكب نفايات لمشاكله

٦- من يجنبك متاعبه الشخصية بأقصى قدر

٧- من يردفك ويشجعك لتحقيق النجاح والنمو والثقة والاستقلال

٨-من يتجنب التحكم بك أو يتسلق عليك

٩- من لا يتهكم أو يكذب أو يسخر منك أو يضللك أو يتلاعب بمشاعرك

١٠-من لا يفرض أوامره عليك أو يسقط أحكامه نحوك بناءً على متغيرات ظروفه

١١-من يقيم وزنًا لجهودك وتعاونك ووقفاتك ونصائحك

١٢-من يحترم وجهة نظرك ومشاعرك وثقتك

١٣-من يعطي أكثر مما يأخذ؛ ويرجح العقل على العاطفة

١٤-من يحترم ويطبق مفهوم الولاء وروح الفريق وحفظ الهوية ومحل ثقة وكتم الأسرار.

١٥- من ينهض بك للأعلى ونحو النجاح ويكون مسرورًا لنجاحك ومتعاطفًا لما قد يحل بك من نكبات الدهر.

١٦- من يستعين بك في أعمال الخير ويبعد عنك مواطن الشر وأهل النفاق

١٧- من يتحمل تبعات قراراته ولا يرميها على الآخر.

ختامًا

” إذا كان آخر الزمان، ابتلى الناس بزمان لا يُعرف فيه المخلصون الا بتركهم ما يحبون … ويصبح الرجل مؤمنًا ويمسي كافرًا، ويمسي مؤمنًا ويصبح كافرًا، يبيع دينه بعرض من الدنيا ” مروي عن لسان الإمام الحسين (ع) – بحار الأنوار . وعن رسول الله محمد (ص): “بَادِرُوا بالأعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ المُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا، يَبِيعُ دِينَهُ بعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا “، صحيح مسلم. فليكن شعار الأوفياء ” الكرامة أمانة والأمانة من الدين، والدين وفاء (وكرمنا بني آدم) الآية. الرجولة والإنسانية ليست بادعاء الانتماء لدين أو طائفة أو جنسيه أو مركز وظيفي أو كثرة أرصدة مالية، بل بالتربية الحسنة والسلوك السوي وحسن إدارة المواقف والتواضع مع الاخرين ومساندة الناس. ( ياايها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة ) الممتحنة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى