أقلام

تأثير الحلبة على الرضاعة الطبيعية

د. حجي الزويد

الحلبة من أشهر الأعشاب التي تُستخدم تقليديًا لزيادة إدرار الحليب عند الأمهات المرضعات، ولكن دورها ما يزال يصنَّف ضمن العلاجات الشعبية المدعومة ببعض الأدلة العلمية المحدودة.

إضاءة لغوية:

الحلبةFenugreek، أصلها من اللغة اللاتينية:

• Foenum graecum = تعني “العشب/التبن الإغريقي” أو “اليابس الإغريقي”.

• Foenum = عشب جاف / تبن.

• Graecum = يوناني / إغريقي.

• سُمّيت هكذا لأن الرومان القدماء كانوا يعرفون الحلبة كنبات استُورد من اليونان واستخدم في تغذية الحيوانات وأيضًا كعشب طبي وغذائي.

وفي اللغات الأخرى

• بالإنجليزية القديمة تحوّلت الكلمة إلى Fenugreek.

• بالفرنسية: fenugrec.

• بالعربية: الحلبة (محتمل تسميتها من “الحلب” أي استخراج السائل/الحليب، في إشارة لاستخدامها لإدرار الحليب).

الحلبة والرضاعة الطبيعية:

1. الحلبة منشطة لإدرار الحليب (Galactagogue)

• الحلبة تُعد من أكثر الأعشاب شيوعًا لزيادة إنتاج الحليب.

ميكانيكية عمل الحلبة:

• تحتوي على مركبات فيتوإستروجينية (phytoestrogens) تشبه عمل الهرمونات الأنثوية، ويُعتقد أنها تحفّز الغدد الثديية على إنتاج المزيد من الحليب.

•بعض الدراسات:

• أظهرت دراسات أن شاي الحلبة أو ماء الحلبة ساعد في زيادة إدرار الحليب عند الأمهات.

• أظهرت إحدى الدراسات، أن الأمهات اللاتي شربن شاي الحلبة ضاعفوا تقريبًا كمية الحليب المسحوب مقارنةً بالمجموعة التي لم تشرب.

• بعض الدراسات الصغيرة أظهرت أن الأمهات اللاتي تناولن كبسولات أو شاي الحلبة لاحظن زيادة في كمية الحليب خلال عدة أيام. ‎ • التأثير يختلف من أم إلى أخرى، فليست كل المرضعات يستفدن منها.

الدليل العلمي:

• النتائج مشجعة ولكنها ليست قاطعة.

• بعض الدراسات أثبتت فعالية الحلبة في زيادة الحليب، ولكن هناك دراسات أخرى لم تجد فرقًا كبيرًا.

• لذلك يُنصح باستخدامها مكملًا مساعدًا، وليس بديلًا عن أساسيات نجاح الرضاعة (التعلق الصحيح، عدد الرضعات، الدعم النفسي والغذائي)

2. متى تفيد الحلبة في تعزيز الرضاعة ؟

• تفيد الأمهات اللاتي يعانين من قلة في إدرار الحليب، بعد استبعاد الأسباب الطبية الأخرى (مثل ضعف التعلق بالرضاعة، قلة عدد الرضعات).

• لذلك، هي مكمل إضافي مع الأساليب الأساسية:

• الرضاعة المتكررة.

• شفط الحليب عند الحاجة.

• التغذية الجيدة وشرب السوائل.

طريقة الاستخدام المعتدلة

– استخدام شاي الحلبة أو نقع الحبوب (ملعقة صغيرة مرتين يوميًا).

– البدء بكمية قليلة لملاحظة التحمل.

– استشارة الطبيب أو أخصائية الرضاعة قبل الاستخدام المنتظم.

السلامة والآثار الجانبية: إضاءات حول بعض الاحتياطات

• تعد الحلبة غالبًا آمنة عند تناولها بكميات معتدلة، ولكنها قد تسبب انتفاخًا أو غازات أو إسهالًا لدى الأم، كما أن لها رائحة مميزة في العرق أو البول (رائحة تشبه شراب القيقب).

الأطفال الصغار جدًا (الرضّع):

• لا ينصح بإعطائهم الحلبة مباشرة بسبب احتمال حدوث مغص أو إسهال.

• يسبب تناول الأم كميات كبيرة من الحلبة أعراضًا عند الرضيع، مثل:

• إسهال خفيف.

• غازات أو مغص.

• أحيانًا تتغير رائحة بول الطفل أو العرق (يشبه رائحة شراب القيقب/السكر المحروق).

• هذه التأثيرات لا تظهر عند كل الأطفال، وغالبًا تكون مرتبطة بكثرة تناول الحلبة من قِبل الأم.

التوصيات :

• إذا رغبت الأم بتجربة الحلبة لزيادة الحليب:

• تبدأ بكمية صغيرة (كوب واحد يوميًا).

• مراقبة الطفل: إذا ظهر إسهال أو انزعاج: التوقف فورًا عن تناول الحلبة.

• إذا لم تظهر أعراض، يمكن الاستمرار في تناول الحلبة باعتدال.

الحمل (خصوصًا بجرعات كبيرة أو كمكملات):

• الحلبة قد تحفّز انقباضات الرحم، مما قد يسبب إجهاضًا أو ولادة مبكرة، ولذلك تُمنع على الحوامل إلا بكمية صغيرة جدًا في الأكل.

الحساسية :

• الأشخاص الذين لديهم حساسية من البقوليات (فول سوداني، حمص، عدس) قد يظهر لديهم رد فعل تحسسي للحلبة (طفح جلدي، حكة، صعوبة تنفس).

مرضى الضغط المنخفض:

• لأنها توسع الأوعية الدموية، قد تخفض الحلبة ضغط الدم قليلًا لدى  بعض الأشخاص الذين ضغط الدم لديهم في حده الطبيعي الأدنى.

. الأشخاص قبل العمليات الجراحية:

• الحلبة قد تزيد من سيولة الدم، ولذا يُفضّل التوقف عنها قبل العملية بأسبوعين لتقليل خطر النزف.

الحلبة ومرض السكري:

•الحلبة تحتوي على مركبات (مثل غالاكتومانان و 4-hydroxyisoleucine) تساعد على:

•زيادة حساسية الإنسولين.

• إبطاء امتصاص الكربوهيدرات من الأمعاء.

•لذلك قد تخفّض سكر الدم بشكل واضح.

لدى مرضى السكري:

• قد تسبب هبوطًا حادًا في السكر خصوصًا إذا كانت الجرعة كبيرة، أو كان المريض يتناول أدوية خافضة للسكر أو إنسولين.

•  من أعراض انخفاض السكر: دوخة، تعرّق، رجفة، خفقان، أو إغماء.

النصائح :

1. الحذر الشديد عند استخدام الحلبة لمرضى السكري.

2. إذا كان هناك رغبة باستعمالها:

• البدء بجرعات صغيرة جدًا.

• مراقبة مستوى السكر بالدم باستمرار.

• استشارة الطبيب لتعديل جرعات الدواء إذا لزم.

3. إذا ظهرت أعراض هبوط السكر، ينبغي التوقف عنها فورًا.

الحلبة و G6PD:

• الحلبة ليست مذكورة في القوائم الطبية العالمية الرسمية (مثل قوائم WHO أو UpToDate) كأحد الأغذية أو الأعشاب المحظورة على مرضى G6PD.

• لا يوجد دليل علمي قوي يثبت أنها تسبب تكسر الدم عندهم.

• ولكن بعض المصادر الشعبية أو التجارب الفردية تذكر أن الحلبة قد تزيد خطر الانحلال، ولكن هذا ليس مثبتًا علميًا

الخلاصة :

الحلبة تعد واحدة من أشهر المكملات الطبيعية لزيادة إدرار الحليب.

الحلبة قد تكون مكملًا مساعدًا لإدرار الحليب، ولكن لا تغني عن الرضاعة المتكررة، التغذية الجيدة، والراحة النفسية.

الحلبة مفيدة، ولكن يُمنع أو يُحذر استخدامها عند:

• الحوامل.

• مرضى السكري.

• مرضى الضغط المنخفض.

• مرضى مشاكل التجلط.

• الأطفال الرضّع.

• الأشخاص اللي عندهم حساسية من البقوليات.

• قبل العمليات الجراحية.

مصادر علمية أساسية:

1. UpToDate – Overview of galactagogues for lactation

2. National Center for Complementary and Integrative Health (NCCIH) – U.S. NIH

3. Cochrane Review (2016): “Galactagogues for mothers with insufficient milk supply”

4. Turkyılmaz C, et al. (2011). “The effect of galactagogue herbal tea on breast milk production and short-term catch-up of birth weight in the first week of life.”

– Journal of Alternative and Complementary Medicine.

5. Gabay MP. (2002). “Galactogogues: medications that induce lactation.”

– Journal of Human Lactation.

6. Encyclopedia Britannica – Fenugreek

7. The Cambridge World History of . Food (2000)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى