بشائر المعرفة

هل الطلاق معدٍ وهل يرثه الأبناء من آبائهم

بشائر: عدنان الغزال

هل الطلاق معدٍ وهل يرثه الأبناء من آبائهم
23:51 الخميس 18 سبتمبر 2025 – 26 ربيع الأول 1447 هـ

الدمام : عدنان الغزال

00:29 / 01:22

Copy video url
Play / Pause
Mute / Unmute
Report a problem
Language
Share
Vidverto Player
يبدو السؤال محيرا، وجدليا، لكن يمكن طرحه:

ـ هل الطلاق معدٍ؟.

ـ وهل يمكن أن يرثه الأبناء من آبائهم؟، وهل يؤثر المحيط الاجتماعي الذي تكررت فيه حالات الطلاق من أقارب وأصدقاء في زيادة احتمالية حدوث الطلاق لدى أفراده؟.

تساؤلات تراود بعض المقبلين والمقبلات على الزواج، وهي تثير مخاوفهم في بعض الأحيان، على الأخص في حال كان الطرف الآخر ينتمي إلى أسرة شاعت فيها حالات الطلاق.

العدوى الاجتماعية

يؤكد المشرف العام على مركز الطمأنينة للإرشاد الأسري أحمد بن إبراهيم الدريويش، أن هناك عددا من الدراسات العلمية التي تناولت هذه الظاهرة، وقد ذهبت في اتجاهين رئيسيين:

01 – انتقال الطلاق عبر الأجيال:

تُظهر دراسة منشورة في المجلة الأمريكية للطب النفسي، أن كلا العاملين (البيئة والجينات) يلعبان دورًا في رفع احتمالية طلاق الأبناء إذا كان والداهما قد مرا بتجربة الطلاق، وبشكل مشابه؛ توصلت دراسة في مجلة أخرى إلى أن أبناء المطلقين أو من نشؤوا في بيئة أسرية مليئة بالصراعات هم أكثر عرضة للطلاق.

02 – العدوى الاجتماعية للطلاق: نُشر بحث أجراه باحثون من (Brown University)، أكد أن احتمالية طلاق الفرد تزيد بشكل ملحوظ في وجود تجارب طلاق لأحد الأقارب المقربين، وامتدت لتشمل كذلك الأصدقاء المقربين، مع الإشارة إلى أن «العدوى الاجتماعية» مصطلح مجازي للتشبيه، ولا يقصد به المرض فعليًا.

أثر عكسي

يركز الدريويش أن جوهر المسألة يتركز في «الالتزام» مع أهميته لاستقرار الزواج، وقال «من تعاملنا مع حالات الخلافات الزوجية التي تردنا في مراكز الإرشاد الأسري، أرى أن جوهر ما ذُكر من أسباب في هذا السياق يكمن في ضعف قيمة «الالتزام» التي تعد أساس استقرار الزواج، فالفرد الذي شهد حالات طلاق متكررة حوله قد يصبح أكثر تقبلاً لخيار الانفصال كحل للمشكلات، مما قد يجعله أقل تمسكًا بعلاقته الزوجية، ومع ذلك، قد يكون لهذه التجارب أثر عكسي في بعض الحالات، حيث تدفع الفرد إلى تعزيز التزامه تجاه زواجه لتجنب نفس المصير، وبهذا نشير إلى أن ما ذُكر من نتائج في الدراسات التي تناولت هذه الظاهرة لا يعد حكمًا قطعيًا، بل احتمالات يمكن تقليلها بوسائل وقائية، كالتوعية والإرشاد والبرامج التأهيلية». حلول وقائية أضاف الدريويش أنه «على الرغم من أن هذه الدراسات أجريت في بيئات غربية، إلا أن العوامل النفسية والسلوكية التي تؤثر على العلاقات الإنسانية تكون متشابهة، إذا ما توافرت نفس الظروف، وإن فهم الأسباب الكامنة وراء هذه الظواهر والآثار المترتبة عليها لا يقتصر على ثقافة معينة، بل يمكن أن يفيد في تطوير حلول وقائية في مجتمعاتنا العربية».

وأضاف «هناك من يعارض تضخيم هذه الظاهرة، سواء بعض الدراسات أو المهتمين بالشأن الأسري، ويرون أن التركيز عليها قد يؤدي إلى وصم أبناء الأسر المطلقة، وتعقيد فرص زواجهم، ويطرح هؤلاء أن الحل ليس في التحفظ على الارتباط بهم، بل في إتاحة الفرص لهم مع توفير الدعم والتوعية».

التهويل أو التهوين

شدد الدريويش على «الجمع بين الرأيين هو الأنسب؛ إذ من المهم أخذ هذه المؤشرات في الاعتبار عند الاختيار، دون أن تتحول إلى أحكام مسبقة أو قيد اجتماعي دائم، فالقرار النهائي يجب أن يُبنى على الرضا المتبادل، كما إن إدراك هذه الظاهرة والوعي بها يسهم في نشوء أسر أكثر تماسكًا، ويمنح المقبلين على الزواج فرصة لاتخاذ قرارات رشيدة ومتوازنة، بعيدًا عن التهويل أو التهوين». تكرار التجربةمن جانبها، قالت الدكتورة معصومة العبدالرضا، مستشارة أسرية، إن «الطلاق لم يعد حدثًا فرديًا يخص أسرة بعينها، بل تحوّل إلى ظاهرة تتردد أصداؤها في المجتمع، وتترك آثارها في الوعي الجمعي والسلوك الأسري، وعلى الرغم من أن الطلاق لا يُورّث جينيًا مثل الأمراض، إلا أن أثره قد ينتقل عبر القدوة السلوكية والتجارب الحياتية، فالأبناء الذين يشاهدون تجربة انفصال والديهم يكبرون أحيانًا وهم يحملون تصورات سلبية عن الزواج أو مهارات ضعيفة في مواجهة الخلافات، الأمر الذي يزيد احتمالية تكرار التجربة في حياتهم الزوجية لاحقًا».

تطبيع الانفصال

أبانت الدكتورة معصومة أن «المجتمعات الصغيرة أو العائلية التي تتكرر فيها حالات الطلاق تُشكّل بيئة (تطبيع) مع الانفصال، بحيث يغدو قرار الطلاق خيارًا سريع الحضور عند أول أزمة، بدل أن يكون آخر الحلول، في المقابل، فإن البيئات التي تعزز قيمة الزواج وتدعم استمراره توفر حماية إضافية للعلاقات الأسرية، وتمنحها فرصًا أكبر للتماسك، وترى أن الطلاق ليس معديًا بالمعنى البيولوجي، لكنه معدٍ بالمعنى النفسي والاجتماعي، فالأبناء لا يرثون الطلاق وراثة جينية، لكنهم قد يرثون ضعف القدرة على الحوار أو العجز عن إدارة الأزمات، كما أن تكرار الطلاق في المحيط القريب يُنتج «عدوى سلوكية» تجعل الانفصال خيارًا مألوفًا وسهلًا، ومن هنا، تكمن أهمية التثقيف الأسري والبرامج الوقائية التي تُعيد الاعتبار لثقافة الحوار، وتُعزز مهارات التفاهم والمرونة قبل الوصول إلى قرار الانفصال، فالطلاق قد يكون حلًا في بعض الحالات، لكنه ليس قدرًا محتومًا ولا ينبغي أن يتحول إلى ظاهرة مُستنسخة بين الأجيال». دراسات تشير إلى أن عاملي البيئة والجينات يرفعان احتمالية طلاق الأبناء لآباء مطلقين.

– احتمالية طلاق الفرد تزيد بشكل ملحوظ في وجود تجارب طلاق لأحد الأقارب المقربين.

– دراسة تقول إن أبناء المطلقين أو من نشؤوا في بيئة أسرية مليئة بالصراعات هم أكثر عرضة للطلاق.

– أحيانا يكون لتجارب الطلاق لدى الآباء نتائج عكسية تدفع الأبناء للالتزام لتجنب نفس المصير.

– نتائج الدراسات ليست أحكاما قطعية بل احتمالات يمكن تقليلها بوسائل وقائية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى