500 ريال لكشف الاستشاري.. ارتفاع مبالغ فيه أم مبرر

بشائر: نجلاء الحربي
يشهد قطاع الخدمات الطبية الخاصة جدلًا متزايدًا حول ارتفاع أسعار كشوفات الأطباء الاستشاريين، والتي تتراوح حاليًا ما بين 300 إلى 500 ريال للزيارة الواحدة.
هذا الارتفاع يثير تساؤلات شريحة واسعة من المرضى وذويهم حول مبررات تلك الأسعار ومدى انعكاسها على جودة الخدمة الطبية.
عبء كبير
يوضح عادل الغامدي، أن ارتفاع تكلفة الاستشاريين في المستشفيات الخاصة بات يشكل عبئًا ماديًا إضافيًا، خصوصًا على الأسر محدودة ومتوسطة الدخل، حيث قد يضطر المريض إلى مراجعة الاستشاري أكثر من مرة ضمن رحلة العلاج.
وبيّن أنه احتاج إلى زيارة استشاري أكثر من مرة، وفي كل منها كان عليه أن يدفع 300 ريال للكشف، وهو أمر أرهقه ماديًا، وقال «لا يملك جميع المرضى القدرة على دفع مثل هذا المبلغ على نحو متكرر».
ويرى خالد السبيعي، وهو موظف قطاع خاص، أن مبلغ كشف الاستشاري مبالغ فيه جدا، خصوصا أن زمن الزيارة لا يستغرق في بعض الأحيان إلا نحو 10 دقائق فقط، وقال «مع ذلك اضطر إلى سداد 400 ريال قيمة الكشف».
وأضاف «نحن لا نعترض على حق الطبيب في تقاضي قيمة الكشف، لكن يجب أن تكون هناك أسعار عادلة».
توازن الرعاية والأسعار
من جانبها، تشير أسماء الحارثي إلى ضرورة وجود توازن يضمن حقوق الطرفين، بحيث يحصل المريض على رعاية صحية عالية الجودة بأسعار عادلة، وفي الوقت نفسه تتم المحافظة على استدامة عمل العيادات الخاصة واستقطابها الكفاءات الطبية المتميزة.
في المقابل، يطالب مرضى بأن يكون هناك حل عملي، مثل تفعيل برامج التأمين الطبي بشكل أوسع، أو وضع سقف سعري يراعي العدالة وجودة الخدمة معا.
استشاريون يبررون
على صعيد آخر، يبرر استشاري الأنف والأذن والحنجرة الدكتور طارق عبدالجواد، أن رسم الكشف الذي يسدده المريض ليس فقط مقابل وقت الزيارة للطبيب الاستشاري الذي يصل إلى مرحلة أن يكون طبيبا استشاريا بعد سنوات طويلة من التعلم والتدريب، بل تشمل التكلفة أيضًا تشغيل العيادة، الأجهزة الطبية، الكادر المساعد، وحتى التزامات الضرائب والتأمين.
أما الأخصائية الاجتماعية ندى المطيري، فترى أن الحل يكمن في التوازن، وتقول «ينبغي أن تضع الجهات المختصة آلية واضحة تحدد سقفًا معينًا لأسعار الكشف، وفي الوقت نفسه يتم دعم الأطباء لضمان استمرار جودة الخدمة».
الوقت وتراكم الخبرات
بدوره، يؤكد استشاري أمراض القلب الدكتور عبدالله العتيبي، أن وصول الطبيب إلى درجة الاستشاري يتطلب أكثر من 15 سنة من الدراسة والتدريب المستمرين، إضافة إلى دورات متقدمة غالبا ما تكون في الخارج.
وأضاف «الرسوم لا تعكس فقط وقت المقابلة، وإنما تراكم الخبرة والقدرة على التشخيص الدقيق».
البنية التحتية
يضيف استشاري جراحة العظام الدكتور عبدالرزاق صادق إلى ما ذكره الاستشاريان عبدالجواد والعتيبي أن «جزءًا كبيرًا من تكاليف الكشف تعود كذلك إلى البنية التحتية الطبية من الأجهزة الحديثة، والفحوصات المساندة، ورواتب الطواقم الطبية المساعدة، حيث تدخل كلها ضمن التكلفة التشغيلية للعيادات. في كثير من الأحيان لا يذهب الجزء الأكبر من الرسوم إلى جيب الطبيب كما يعتقد البعض».
حل نهائي
أما استشارية النساء والولادة، الدكتورة هناء القحطاني، فتشير إلى جانب آخر، وتقول «يراجع المرضى الاستشاري بعد رحلة طويلة من الفحوصات، ودورنا أن نقدّم لهم حلًا نهائيًا وخطة علاج دقيقة. القيمة تعكس أيضًا المسؤولية الكبيرة التي يتحملها الاستشاري في قرارات قد تغيّر حياة المريض»
توسيع نطاق التأمين
بينما يقر الاستشاريون بأهمية مراعاة أوضاع المرضى، إلا أنهم يرون أن الحل لا يكمن في خفض رسوم الكشف فقط، بل في توسيع نطاق التأمين الصحي وتفعيل برامج الدعم الحكومي التي تضمن وصول الخدمة الطبية للجميع دون إضرار بجودة الممارسة الطبية.
رفع الفاتورة
يجزم مسؤول استقبال في أحد المستشفيات الخاصة أن «أجر الاستشاري يشمل رسومًا تشغيلية مرتبطة بالمكان نفسه، من أجهزة وتشغيل وخدمات مميزة ما يجعل المريض يدفع في النهاية فاتورة أعلى».
وأضاف «على الرغم من ارتفاع الأسعار، يظل دور الاستشاري حاسمًا في تقديم تشخيص دقيق وخطة علاجية فعالة، بل وفي كثير من الأحيان إنقاذ حياة. ما يجعل الكثير من المرضى يتقبلون الدفع مقابل الاطمئنان على صحتهم بأيدٍ خبيرة».