غادة الغريافي حكاية نحّالة من الشرقية

دلال الطريفي : الأحساء
في عالمٍ مليء بالتحديات والابتكارات، اختارت الشابة السعودية غادة الغريافي أن تخوض تجربة فريدة قد تبدو للبعض غير مألوفة، وهي تربية النحل وإنتاج منتجاته الطبيعية، لم يكن شغفها مجرد رغبة في خوض مهنة تقليدية، بل كان رحلة لتحدي الخوف، واكتشاف ذاتها، وصناعة قصة نجاح تحمل بصمة المرأة السعودية الطموح، بين خلايا النحل وأصوات أجنحته، وجدت غادة رسالتها، وبدأت رحلتها التي تحوّلت من مغامرة شخصية إلى مشروع وطني يُسهم في تعزيز ثقافة الاعتماد على المنتجات الطبيعية المحلية.
1. نود أن نعود معكِ للبداية.. كيف جاءت فكرة دخولك مجال تربية النحل وإنتاج منتجاته؟
بدأت رحلتي مع تربية النحل بدافعٍ مختلف، لم يكن مجرد حبٍ للزراعة أو المنتجات الطبيعية، بل كان تحديًا لكسر الخوف والاقتراب من عالمٍ طالما أثار في داخلي رهبة وإعجابًا.
لم أتوقع يومًا أن يكون النحل معلمي الأول في دروس الصبر والشجاعة، ولكنه فتح أمامي أبوابًا جديدة من الثقة والإبداع.
واجهت في البداية خوفًا طبيعيًا من الاقتراب من خلايا النحل، ولكن الفضول والرغبة في الاكتفاء الذاتي دفعاني لتجاوز هذه المخاوف.
حيث تحولت رهبة الاقتراب من أسراب النحل إلى لحظات فخر، عندما رأيت أول قطرة عسل من إنتاج يدي.
2. كثيرون يرون تربية النحل مهنة صعبة بالنسبة للمرأة، كيف كسرتِ هذه الفكرة وبدأتِ مشروعك ؟
رغم أن المجتمع ينظر إلى تربية النحل كمهنة صعبة بالنسبة للمرأة، إلا أنني واجهت هذه الفكرة بإصرار وشغف، حيث بدأت رحلتي بدافع كسر حاجز الخوف والرغبة في إثبات أن المرأة قادرة على دخول هذا المجال بإبداع ونجاح، واليوم أصبح مشروعي مصدر فخر وإلهام، ونافذة أقدم من خلالها عسلًا طبيعيًا يحمل بصمتي الخاصة.
3. هل كان لديكِ أنموذج أو قدوة ألهمك في هذا المجال، أم أن الأمر جاء بدافع شخصي بحت؟
كان لزوجي دور كبير في دخولي هذا المجال، فقد كان الداعم الأول والمشجع الأكبر لي، ألهمني بشغفه ومعرفته في تربية النحل، ووقف بجانبي خطوة بخطوة حتى بدأتُ مشروعي الخاص، صحيح أن لدي دافع شخصي، ولكن وجوده كقدوة ومصدر إلهام منحني الثقة والقوة لأخوض التجربة.
4. ما أبرز التحديات التي واجهتك كـامرأة في هذا المجال، سواء من المجتمع أو من طبيعة المهنة نفسها؟
واجهت عدة تحديات، أولها نظرة المجتمع التي ترى أن تربية النحل مهنة صعبة وخطرة على المرأة، كان عليَّ أن أثبت أن النجاح لا يرتبط بالجنس بل بالعزيمة والمعرفة، أما من ناحية المهنة نفسها، فالتعامل مع النحل يحتاج إلى صبر وتركيز، والتغلب على الخوف في البداية، ومع التدريب والخبرة تحولت هذه التحديات إلى دوافع منحتني قوة أكبر وإصرارًا على الاستمرار.
5. لم تلتحقي بدورات تدريبية، واعتمدتِ على البحث والقراءة.. كيف ساعدك شغفك بالاطلاع في بناء خبرتك ؟
في الواقع حصلت على دورة مبسطة في مجال تربية النحل في بداياتي وبعدها اعتمدت على شغفي بالقراءة والبحث، ومع كل معلومة جديدة كنت أطبقها عمليًا حتى وصلت لمرحلة إنتاج منتجاتي بنفسي، دون حاجة لدورات تدريبية.
6. هل تعرضتِ لمواقف صعبة مع النحل أو أثناء الإنتاج تتذكرينها حتى اليوم؟
في أحد المواقف الطريفة التي أذكرها في بداياتي جاءني اتصال من إحدى الأخوات الصحافيات لزيارة المنحل، وإجراء لقاء معي وأنا في المنحل، ونسيت أن أخبرها أن النحلة تشم وتشعر بالخوف، وأيضًا رائحة العطور. وماحدث أنه عندما اقتربنا من الخلية لفحصها توجه النحل للصحافية لأنها كانت تضع عطرًا وكانت شديدة الخوف من النحل عندها صرخت وحاولت الهرب مسرعة بعيدًا عن الخلية، أخبرتها أن تهدئ من روعها وأن لاتخاف والحمد لله لم تتعرض لأية لسعة نحل.
7. منتجاتك متنوعة بين العسل، الصابون، الكريمات وغيرها.. كيف تختارين ما تقدمينه للناس؟ برأيك، ما الذي يميز منتجاتك عن غيرها في السوق؟
أختار ما أقدمه للناس بناءً على أمرين رئيسين: أولًا احتياجاتهم وما يبحثون عنه من منتجات طبيعية وصحية، وثانيًا شغفي بما أصنعه وخبرتي في مكوناته، حيث لا أطرح منتجًا إلا بعد تجربة شخصية وتأكد من جودته وفائدته، فأنا أحرص أن يكون كل ما أقدمه مختلفًا وذا قيمة حقيقية ويعكس ثقة الناس في منتجاتي.
الذي يميز منتجاتي أنها طبيعية وصُنعت بعناية واهتمام بالتفاصيل، بدءًا من اختيار المكونات النقية وحتى طريقة التحضير، كما أحرص أن تكون منتجاتي صحية وآمنة وخالية من الإضافات الصناعية، إلى جانب لمسة شخصية تعكس خبرتي وشغفي في هذا المجال، والأهم أن كل منتج عندي يحمل قصة وجهد وتجربة، وهذا ما يجعل الناس يشعرون بالثقة والفرق عند استخدامه.
9. ما أكثر المنتجات طلبًا من عملائك، وهل هناك منتج مقرّب إلى قلبك أكثر من غيره؟
أكثر المنتجات طلبًا بعد العسل هو كريم “فلولس”، الذي صنعته خصيصًا ليساعد في علاج الإكزيما، وهو الأقرب إلى قلبي لأنه كان سببًا في شفاء ابني الصغير بدرجة كبيرة من الإكزيما حول العين، بعد معاناة طويلة مع كريمات طبية لم تكن تعطي سوى ترطيب مؤقت، كذلك من المنتجات التي لاقت إقبالًا كبيرًا مؤخرًا هو مرهم سم النحل، حيث أثبت فعاليته في تخفيف آلام المفاصل والعضلات وخشونة الركب، ونال إعجاب الكثير من العملاء الذين جربوه.
اضافة إلى مشروب المناعة الذي ينتظرة العملاء بفارغ الصبر في موسم الشتاء والذي اطلقت علية اسم شراب السلسبيل وهو مزيج من مكونات طبيعية محلى بعسل المانجروف
10. ما الذي يعنيه لكِ النحل بعيدًا عن كونه مصدر رزق؟
النحل بالنسبة لي ليس مجرد مصدر رزق، بل هو شريك حياة علّمني الصبر والتنظيم والتعاون، عندما أقترب من خلاياه أشعر بالسكينة وكأنني في عالم مختلف مليء بالنظام والبركة، هو مصدر إلهام وتجديد للطاقة، ويذكرني دائمًا بأن العطاء دون مقابل مثلما يفعل النحل.
11. كيف انعكس عملك مع النحل على شخصيتك وحياتك اليومية ؟
عمل النحل انعكس على حياتي بشكل كبير؛ علّمني الصبر والتنظيم والدقة، وزرع في داخلي حب العطاء والمسؤولية تجاه الطبيعة، كما منحني الهدوء النفسي والإلهام للإبداع في منتجاتي، وجعلني أكثر إصرارًا وقدرة على مواجهة التحديات في حياتي اليومية.
12. هل تجدين أن النحلة تحمل رسائل حياتية أو دروسًا للإنسان ؟
نعم بالتأكيد، فالنحلة تحمل الكثير من الرسائل العميقة للإنسان؛ فهي تذكّرنا بأهمية العمل بروح الفريق، وبأن الإنتاج الحقيقي يحتاج إلى صبر وجهد منظم، كما تعلّمنا أن العطاء دون مقابل يثمر بركة، وأن حتى المخلوق الصغير يمكن أن يكون له أثر عظيم في الحياة والبيئة.
13. هل تفكرين في نقل خبرتك للنساء الأخريات عبر دورات أو ورش عمل مستقبلًا ؟
أسعى في المستقبل القريب أن أقدّم ورش ودورات عملية للنساء، لأشاركهن شغفي بعالم النحل وصناعة منتجاته الطبيعية، أريد أن أساعد كل امرأة على اكتشاف إمكانياتها، وتجربة الإنتاج والإبداع بثقة وحب لما تصنعه بيدها.
15. كلمة أخيرة توجهينها للمرأة السعودية الطموحة، وللجمهور الذي يثق بمنتجاتك.
إلى المرأة السعودية الطموحة: لا تترددي في متابعة شغفك وتحويله إلى نجاح يفخر به قلبك ومجتمعك.
وإلى أحبائنا من يثقون بمنتجاتنا: دعمكم هو مصدر إلهامنا لنقدّم دائمًا الأفضل طبيعيًا وبحب.
شكرًا لدعمكم، فأنتم جزء من رحلتنا نحو الجودة الطبيعية والإبداع السعودي الأصيل.
ختامًا ، قصة غادة الغريافي مع النحل ليست مجرد حكاية إنتاج عسل أو صناعة كريمات طبيعية، بل هي رسالة أمل وإلهام تؤكد أن الشغف قادر على كسر الحواجز وصناعة النجاح، من قلب الخلايا تعلمت دروس الصبر والعطاء، ومن دعم المجتمع والعمل الدؤوب صنعت هويةً خاصة لمشروعها، ومع طموحها في نقل خبرتها للنساء الأخريات، تفتح غادة أبوابًا جديدة للإبداع والاعتماد على الطبيعة، لتبقى تجربتها شاهدة على أن المرأة السعودية قادرة على صنع التميز أينما كانت.