الهوية الوطنية والذاكرة التراثية في شعر شباب عكاظ: دراسة تحليلية لنصوص الشعراء الفائزين (الجزء الأول)

محمود المؤمن
مدخل الدراسة:
يشكل الشعر المعاصر نافذة حيوية لفهم الهوية الوطنية والذاكرة التراثية في المجتمع العربي، ويمثل شعراء شباب عكاظ حالة نموذجية لهذا التفاعل بين الفرد والوطن، حيث الحنين إلى الجذور والانتماء للأرض. تأتي هذه الدراسة لتسبر أغوار نصوص سبعة من أبرز شعراء الشباب، مستكشفة كيف تتحول الكلمات إلى وسيلة لإحياء التراث، والتعبير عن الانتماء، ومقاومة الغربة، وتعزيز شعور الانتماء الجماعي.
أسئلة الدراسة:
كيف يعكس شعر شباب عكاظ الهوية الوطنية والذاكرة التراثية في نصوصهم؟
وما الأساليب الفنية والرمزية التي يستخدمونها لاستدعاء الانتماء وإحياء التراث الشعري؟
أهداف الدراسة:
تهدف الدراسة إلى تحليل نصوص الشعراء السبعة لفهم تمثلات الهوية الوطنية، واستدعاء الذاكرة التراثية، مع التركيز على دور الشعر في التعبير عن الحب المتجذر للأرض، والغربة والانتماء، والتواصل بين الذاكرة الفردية والجمعية.
سبب اختيار النماذج:
تم اختيار الشعراء بناءً على فوزهم بجائزة شاعر شباب عكاظ خلال الفترة 2009–2016، مما يعكس تنوع التجربة الشعرية واتساع نطاق الهوية الثقافية في المملكة العربية السعودية:
• أحمد القيسي: “وتسألني” (2009)
• ناجي حرابة: “عناقيد من خابية الوطن” (2010)
• إياد الحكمي: “عتبات وبوابة مشرعة” (2012)
• حيدر جواد العبدالله: “رملة تغسل الماء” (2013)
• علي الدندن: “حناء من سراب” (2014)
• حسن طواشي: “وحي من سدة الغيم (خبر الأمس)” (2015)
• خليف غالب الشمري: “حزن صعلوك متأخر! رسالة إلى الشنفرى” (2016)
النتائج المتوقعة:
من المتوقع أن تكشف الدراسة عن أنماط متكررة في تمثلات الهوية الوطنية، وتبرز دور الشعر كملاذ لمقاومة الغربة، وتعميق الانتماء للأرض، واستحضار التراث الثقافي.
كما ستوضح كيف يتحول الشعر إلى مساحة تلتقي فيها الذاكرة الفردية والجمعية، ويُجسّد فيها التفاعل بين الماضي والحاضر، ليصبح مرآة للوعي الوطني والأصالة الثقافية
تمهيد :-
تشكّل جائزة شاعر شباب عكاظ فضاءً شعريًا يجمع الأصوات الجديدة في المملكة العربية السعودية، لتكون نصوصهم مرآة للواقع والهوية، وجسرًا بين الماضي والحاضر. ومن خلال هذا الملتقى الثقافي، تتبدّى أهمية البحث في نصوص هؤلاء الشعراء، للكشف عن حضور الهوية الوطنية والذاكرة التراثية، ورصد كيفية تحوّل الشعر إلى خطاب يزاوج بين التجربة الفردية والذاكرة الجمعية.
مقدمة الدراسة:-
تسعى هذه الدراسة إلى تحليل نصوص سبعة من الفائزين بجائزة شاعر شباب عكاظ (2009–2016) بوصفها نماذج شعرية تعبّر عن تلاقي الوطن والتراث في سياق معاصر. فقد عبّر الشعراء عن حبهم المتجذر للأرض، وعن ارتباطهم بالتاريخ والذاكرة الجماعية، واستدعوا شخصيات وأماكن ورموزًا تراثية لصياغة صورة شعرية تتسع لتشمل الفرد والمجتمع معًا.
محاور الدراسة:
سوف تتناول هذه الدراسة محورين أساسيين:
1. الهوية الوطنية
ويتفرع إلى ركيزتين:
• الغربة والانتماء
• الحب المتجذر للأرض
2. الثراء التراثي
ويتفرع إلى ثلاث ركائز:
• الشخصيات
• الأماكن
• سوق عكاظ المحور الأول: الهوية الوطنية
مقدمة المحور الأول:-
يتجلّى محور الهوية الوطنية في شعر شباب عكاظ عبر تلازم عنصرَي الغربة والانتماء مع الحب المتجذر للأرض. فالشعراء يواجهون شعور الفقد والاغتراب داخل الواقع أو داخل الذات، فيلجأون إلى الشعر ملاذًا لاستعادة الانتماء، ويستحضرون الذاكرة الفردية والجمعية لتأكيد روابطهم بالأرض وبالمجتمع. بهذا يكتسب النص الشعري بعدًا وجدانيًا وجماعيًا يعكس الصراع والتوازن بين الحنين للوطن والتمسك بالهوية الوطنية.
ويندرج تحت هذا المحور ركيزتان:
1. بين الغربة والانتماء
2. الحب المتجذر للأرض
⸻
الركيزة الأولى : الهوية الوطنية بين الغربة والانتماء
مدخل :
يُعَدّ مفهوم الهوية الوطنية أحد أبرز المحاور التي تنعكس في تجربة شعراء شباب عكاظ، حيث تتداخل ثنائية الغربة والانتماء في نصوصهم لتكشف عن صراع داخلي بين الفقد والبحث عن مأوى، وبين الحنين إلى الوطن والتمسك به كجذر أصيل في الذاكرة الفردية والجمعية. وتتعدد تمثلات هذا البُعد من خلال ثلاثة مستويات رئيسية: الغربة الداخلية والانتماء الوطني، ثم الشعر كملاذ لاستعادة الانتماء، وصولًا إلى مقاومة الغربة وتأكيد الهوية.
العناوين الفرعية:
1- الغربة الداخلية والانتماء الوطني:
يطرح أحمد القيسي، فكرة أن الإنسان بلا حبٍ حقيقي لأرضه أو جذوره يعيش كأنه في منفى، وكأن غياب الانتماء يحول الحياة إلى فوضى وتشوش داخلي، فتصبح المسارات مقطوعة والمتاهات بلا جدوى.
فحينما سألته معذبته وكأن الإنسان بلا حب يعيش في منفى:
وتــســــألــــنــي :
حيــــاتُكَ كُلُّهَا فوضـى
سِمَاتُـــــكَ كُلُّهَا فوضى
دروبُكَ نِصْفُهَا مَقْطُوعْ
وأخرَى فِي متاهاتٍ بلا جَدْوَى
وتـــســألــــــنـــــــي :
لمـاذا فـي ديـاري عـشـتُ مَنفِيًّا ؟
وكيف تكونُ أوطاني لِيَ المنفى ؟
وَكَيْف أَعِيش كُلّ الْعُمْر مغـتربًا
بِلَا زمنٍ ولا وَطَنٍ
وَلَا عنوانَ يَحمِلُنِي
في هذه الأبيات، يُظهر القيسي أن الغربة الداخلية ليست مجرد بعد جغرافي، بل هي فقدان للانتماء الحقيقي؛ فالهوية الوطنية وجذور الإنسان تشكل أساسًا لسلامه النفسي وإحساسه بالانتماء. الغربة هنا تطرح السؤال عن معنى الوطن، وتكشف أن الحياة بلا انتماء تصبح ضائعة وفوضوية، مما يبرز ضرورة الولاء والارتباط العميق بالأرض والجذور
ثم يأتي خليف الشمري ليؤكد على التمسك بالماضي والتاريخ الوطني رغم الألم والغربة:
«ضاقتْ دوربٌ من الأحلام نعرفها
وأسفرَ الموتُ في هزلى مطايانا
«قد كان ما كان إن صدقًا وإن كذِبًا»
لن يتعبَ القلبُ في تفسير ما كانا!
مُشرّدونَ على الماضي، بطولتُنا:
أحزانُـنَـا..
وبقايانـا: بقايـانا!»
من خلال هذا الوعي بالتاريخ والبطولات السابقة، نجد أن الولاء الوطني ليس مجرد شعور عابر، بل هو صلة حية بين الماضي والحاضر والمستقبل. الغربة المؤلمة تتحول إلى دافع للحفاظ على الهوية والانتماء، ويصبح الماضي مرجعًا يزود الحاضر بالقوة والإصرار على البقاء والوفاء للوطن
⸻
2- الشعر كملاذ واستعادة للانتماء :
يلجأ الشعراء إلى الكلمة الشعرية كبديلٍ عن الوطن المفقود، ومجالٍ لتعويض غياب الانتماء الواقعي.
فقد جعل القيسي الشعر وطنًا آخر يحمله في ذاته:
«فإن الشعر لي وطنٌ / وإن الشعر لي نجوى»
وقد استعمل ناجي حرابة الشعر أداةً لمقاومة القحط الروحي والغياب، فجعل منه قوة حياة تُروي وتُشبع:
«هُنَا الشِّعْرُ إِنْ جَاعَتْ صَحَارى وَأُظْمئتْ / تَهَادَى فَأَرْوَى ثُمَّ جَادَ فَأَشْبَعَا»
وربط حيدر جواد العبدالله بين الإبداع الفني والهوية الوطنية، مُبرزًا دور الفن في إحياء الانتماء والرسالة:
«ها هُوَ الرملُ يُرينَا أنَّ فِي / عبثِ الكُثبانِ فنٌّ وَرِسالَة»
⸻
3- مقاومة الغربة والتأكيد على الهوية:
لم يكتف الشعراء باستدعاء الشعر كملاذ، بل حوّلوه إلى سلاحٍ لمواجهة الغربة والفراغ.
فقد جعل القيسي من الشعر خريطةً بديلة تعيد إليه المأوى:
«أصوغُ الحلمَ قافيةً / تشقُ سمايَ لا تخشى / فأبني منه خارطتي / إلى طرقٍ بها المأوى»
وصوّر حرابة نفسه مقاوماً للنشاز الذي يحاول إبعاده عن وطنه، مؤكدًا إخلاصه لسماع الوطن وحده:
«يُسَاوِمُنِيْ فِيْكَ (النَّشَازُ) وَإِنَّنِيْ / بِغَيْرِكَ لَمْ أَطْرَبْ وَمَا خُنْتُ مَسْمَعَا»
وعبّر حسن طواشي عن التحدي الوطني في مواجهة الإخفاقات، مستندًا إلى قوة الحلم الذي يسمو فوق الفشل:
«فكيْفَ نُخْضِعُ للأيامِ خَيلَ نُهَىً / والحُلْمُ أجمَلُ مِنْ أضْغَاثِ مَنْ فَشِلوا»
وأخيرًا، قدّم الشمري الشعرَ بوصفه عصيانًا وتمردًا على واقع الاغتراب، ليبقى وسيلةً لصون الهوية:
«يا سيّدَ الأزْد.. شِعري لا يطاوعني / أفِق! نريدُ لهذا الشِـعر عِصياناً..»
⸻
خلاصة الركيزة الأولى:
ثنائية الغربة والانتماء شكّلت مركزًا حيويًا في هوية النص الشعري لدى هؤلاء الشعراء. فهي غربة لم تستسلم لليأس، بل تحولت إلى دافعٍ لإعادة بناء هوية وطنية متجددة، جعلت من الشعر مأوىً، ومن الحلم سلاحًا، ومن التمرد طريقًا للحفاظ على الانتماء.
⸻
الركيزة الثانية: الهوية الوطنية للحب المتجذر في الأرض:
مدخل :
يتجلّى الحب المتجذر للأرض لدى شعراء شباب عكاظ من خلال بعدين متكاملين:
1. الذاكرة الفردية: تجربة الشاعر الشخصية مع الأرض
2. الذاكرة الجمعية: استحضار التاريخ والتراث والعلاقات الاجتماعية
⸻
أولاً: الذاكرة الفردية:
عبّر ناجي حرابة عن استجابة القلب للأرض والحنين إلى حضورها في ذاكرته:
«(أَنَا)كَ (أَنَا)ي المُسْتَهَامَةُ إِنَّهُ
إذا مَا دَعَاكَ القَلْبُ لَبَّيْتُ مَنْ دَعَا
أَرَاكَ إِذَا فَتَّحْتُ عَيْنِيْ مَعَالماً
مِن الحُسْنِ لَمْ يَبْرَح بِهَا الجِيْدُ مُتْلَعَا
و إِنْ أَنَا أَرْخَيْتُ الجُفُونَ تَزَاحَمَتْ
طُيُوفُكَ في عَيْنِيْ لِتَهْطِلَ مَدْمَعَا»
وقدّم إياد الحكمي تجربته الفردية عبر لغة الحروف والأبجدية، مستحضرًا الصحراء والأفق:
«فأبجديتُنا في أبجديتِهِ
يدٌ تحاولُ لكن هدَّها القِصَرُ
لم نبتكر في مدى صحرائه أَلِفًا
إلا وياءاتهُ في الغيمِ تُبتكَرُ»
وربط حيدر العبدالله بين الأرض والذاكرة العائلية كامتداد للهوية:
«بِعِيالِي وأبِي، هَذا الذي
مُنذُ أَنْ أصْبَحَ، أَصْبَحْنا عِيالَهْ
مَا انْتَحَلْنَاهُ، وهَلْ ينْتَحِلُ الـ
ـطّفْلُ أهْلِيهِ, لِكَيْ نرجُو انْتِحَالَهْ؟
نحنُ أحْرزنا لهُ (جِينَاتِنَا)،
حِينَ عَايَشْنَا رَخَاهُ وهُزَالَهْ»
ثم جسّد علي الدندن علاقة الأرض بالأبوة والارتباط بالجيل:
«أرى وطنًا، أعني أبًـا، لا أبوّةٌ
تليقُ بمجدِ الرملِ غيرُ أبوَّتِــهْ
أبٌ لجمالِ الوعدِ، كلُّ كريمةٍ
تعودُ إلى جذرٍ، تعودُ لنُطْفَتِهْ»
وأبرز حسن طواشي انتماءه الفردي للأرض بلغة رمزية:
«مُتْ يا أنايَ صَهيلًا دوْنَ قَافيةٍ
حتى تَرى الأرْضَ يَغفوْ فَوقَها الأمَلُ
وانْزَحْ بِرُوْحيْ إلى آفَاقِ قُبَّتِهَا
فدُوْنهَا شَمْعةُ التَأْريخِ تَشتعِلُ
كيْ أُقْنِعَ النَّجمَ أنّ السُّحْبَ ساجدةٌ
ليْ فيْ سَمائِي وأنَّيْ بعْضُ مَنْ غَزَلُوا»
⸻
ثانيًا: الذاكرة الجمعية:
أشار ناجي حرابة إلى الأجداد ودورهم في تشكيل التراث المقاوم:
«فَقَدْ صَنَعَ الأَجْدَادُ مِنْ أَضْلُعِ الهَوَى
مَزَامِيْرَهُمْ كَيْ يَقْرَؤُكَ مُوَقَّعَا
كَمَا سَلَّةِ السَّيْفِ الصَّقِيْلِ وَجَدْتُهُمْ
يُنَاجُوْنَ تُرْباً بالإبَاءِ مُمَنَّعَا»
وأبرز إياد الحكمي دور الأجيال في بناء الوطن ودور الذين بذلوا مهجهم في بناء الوطن، مستحضرًا التضحية والتاريخ الجماعي:
«نبوءةٌ في ضميرِ الشمسِ مذ صَدَعَتْ
بها السماءُ وألقى سمعَه السَّحرُ
هنا مشى ملأٌ أعلى أَمارَتُهُم
قالوا فلم يذروا ماتوا فما اندثروا
هم قد أحاطوا بكُنهِ الطينِ هم عرفوا
معنى جلالتِهِم إذ إنهم بشرُ»
وقد كرَّر الحكمي فكرة العودة إلى الجذور:
«عُدْ منك مصطحبًا إياك إنَّ لنا
مثلَ الغريبِ حنيناً ليس يُغتَفَرُ
عُدْ كي تعودَ لبحرِ الماءِ زُرقَتُهُ
إذن تعودَ إلى بحر الرُؤى الدُّررُ
عُدْ بالدماءِ إلى أوراقِ أفئدةٍ
كتابها مذ محوتَ اللحنَ يَحتضِرُ»
وجعل حيدر العبدالله الناس أنفسهم امتداداً للأرض:
«الأناسِيُّ هُمُ الأرضُ إذَنْ،
إِذْ هُمُ مَنْ يَمْنحُونَ الأرضَ هالَة
حيثُما ألْقَوْا ضُحاهُمْ، أوْقَدُوا
جَذوةَ المعنى، وفانُوسَ الدَّلالَة»
وأبرز الدندن تواصل الأجيال مع الإرث:
«بنو الحكمةِ الأولى بنوهُ، وحسبُهُمْ
من الأرضِ أَنْ كانوا حروفاً لكُـنْيَـتِـهْ
إذا أزمعوا السُّكنى على ظهرِ حقبةٍ
من الدهرِ.. عادَ الدهرُ يشقى بحَدْبَتِهْ»
ثم عزّز الدندن العلاقة الجماعية بين الأرض والوجود:
«وما خلعتنا الأرضُ عن نسجِ لحْمِها
فلا نَـهَـرٌ يقوى على خلعِ زُرْقـتِـهْ..
لنا فيهِ أن نُنمى لأُسرةِ حُبّـنا
وللشهدِ أن يُنمى لأُسرةِ نحْلَـتِـهْ»
واستحضر طواشي إرث الأجداد كقوة ملهمة:
«على رِيَاحِ الأمَانيْ يُبحِرُ الأمَلُ
في كَفِّهِ لِغدٍ من أمْسِهِ رُسُلُ
مِجدَافُهُ آيَةُ الأجدَادِ تَحمِلُهُ
فَجْرٌ تَراقَصَ في أحدَاقهِ الأزَلُ
أدِرْ بطرفِكَ تُبْصِرْ هالَتَيْ قمرٍ
وعَبقراً منْ مَرايَا الضَّوْءِ يُخْتَزَلُ
فاقْبِضْ مِنَ الرَّمْلِ أنْغَاماً وذَاكرةً
مِمَّنْ على الصَّخْرة الأبْهَى رؤىً نُسِلُوا»
وجسّد الشمري تجربة الصعلوكية في ارتباطها بالتاريخ والأرض:
«مُسافرون .. بلا بابٍ يودّعـنا..
نودُّ أن نجعل التاريخَ مأوانا
لا أرضَ في الأرضِ.. تسقينا وتحضُنـنَا
لا قلب لـلقلب.. كي تسمو خطايانا..
نمضي على العهـد علّ الموت ينـقذُنا
في صُحبة الليل.. نُذكي نار نجوانـا..
«نسـتفُّ تُربةَ أرضٍ» أنبتَـتْ وطناً
كي يُنبِـتَ الجسدُ الصعلوكُ: أوطانا»
خلاصة الركيزة الثانية :
يبرز شعراء شباب عكاظ حبّهم المتجذر للأرض عبر الذاكرة الفردية والجمعية، حيث يعكسون الحنين والانتماء الشخصي، ويستحضرون الجذور والأجيال والتاريخ الجماعي، فتتحول الأرض رمزًا للهوية والإبداع والشعور الوطني
⸻
خاتمة المحور الأول:-
يبيّن هذا المحور كيف أن تجربة شعراء شباب عكاظ تشكّل لوحة متكاملة لهويتهم الوطنية، حيث تتحول الغربة إلى دافع شعري، ويصبح الشعر وطنًا وملاذًا، وتتمازج الذاكرة الفردية بالذاكرة الجمعية لتعكس وحدة الإنسان بالأرض والمجتمع. فالهوية الوطنية عند هؤلاء الشعراء ليست مجرد فكرة نظرية، بل تجربة حية يعبّر عنها الشعر كقوة للإحساس والانتماء، وللمحافظة على الجذور وإحياء التراث والوعي الجماعي. كما يظهر الحب المتجذر للأرض كجذر وطني وروحي يُلهم الأجيال المتعاقبة ويؤسس لرؤية شعرية تُزاوج بين الماضي والحاضر والمستقبل.
وأبرز الدندن تواصل الأجيال مع الإرث:
«بنو الحكمةِ الأولى بنوهُ، وحسبُهُمْ
من الأرضِ أَنْ كانوا حروفاً لكُـنْيَـتِـهْ
إذا أزمعوا السُّكنى على ظهرِ حقبةٍ
من الدهرِ.. عادَ الدهرُ يشقى بحَدْبَتِهْ»
ثم عزّز الدندن العلاقة الجماعية بين الأرض والوجود:
«وما خلعتنا الأرضُ عن نسجِ لحْمِها
فلا نَـهَـرٌ يقوى على خلعِ زُرْقـتِـهْ..
لنا فيهِ أن نُنمى لأُسرةِ حُبّـنا
وللشهدِ أن يُنمى لأُسرةِ نحْلَـتِـهْ»
واستحضر طواشي إرث الأجداد كقوة ملهمة:
«على رِيَاحِ الأمَانيْ يُبحِرُ الأمَلُ
في كَفِّهِ لِغدٍ من أمْسِهِ رُسُلُ
مِجدَافُهُ آيَةُ الأجدَادِ تَحمِلُهُ
فَجْرٌ تَراقَصَ في أحدَاقهِ الأزَلُ
أدِرْ بطرفِكَ تُبْصِرْ هالَتَيْ قمرٍ
وعَبقراً منْ مَرايَا الضَّوْءِ يُخْتَزَلُ
فاقْبِضْ مِنَ الرَّمْلِ أنْغَاماً وذَاكرةً
مِمَّنْ على الصَّخْرة الأبْهَى رؤىً نُسِلُوا»
وجسّد الشمري تجربة الصعلوكية في ارتباطها بالتاريخ والأرض:
«مُسافرون .. بلا بابٍ يودّعـنا..
نودُّ أن نجعل التاريخَ مأوانا
لا أرضَ في الأرضِ.. تسقينا وتحضُنـنَا
لا قلب لـلقلب.. كي تسمو خطايانا..
نمضي على العهـد علّ الموت ينـقذُنا
في صُحبة الليل.. نُذكي نار نجوانـا..
«نسـتفُّ تُربةَ أرضٍ» أنبتَـتْ وطناً
كي يُنبِـتَ الجسدُ الصعلوكُ: أوطانا»
خلاصة الركيزة الثانية :
يبرز شعراء شباب عكاظ حبّهم المتجذر للأرض عبر الذاكرة الفردية والجمعية، حيث يعكسون الحنين والانتماء الشخصي، ويستحضرون الجذور والأجيال والتاريخ الجماعي، فتتحول الأرض رمزًا للهوية والإبداع والشعور الوطن.
خاتمة المحور الأول:-
يبيّن هذا المحور كيف أن تجربة شعراء شباب عكاظ تشكّل لوحة متكاملة لهويتهم الوطنية، حيث تتحول الغربة إلى دافع شعري، ويصبح الشعر وطنًا وملاذًا، وتتمازج الذاكرة الفردية بالذاكرة الجمعية لتعكس وحدة الإنسان بالأرض والمجتمع. فالهوية الوطنية عند هؤلاء الشعراء ليست مجرد فكرة نظرية، بل تجربة حية يعبّر عنها الشعر كقوة للإحساس والانتماء، وللمحافظة على الجذور وإحياء التراث والوعي الجماعي. كما يظهر الحب المتجذر للأرض كجذر وطني وروحي يُلهم الأجيال المتعاقبة ويؤسس لرؤية شعرية تُزاوج بين الماضي والحاضر والمستقبل.
_____ يتبع …