أقلام

المواطنة المسؤولة

أمير بوخمسين

الأعياد الوطنية ليست مجرد تواريخ في التقويم، وليست شعارات ترفع ثم تطوى بانتهاء الفعاليات. إنها محطات فارقة تذكرنا بمعنى الانتماء، وبالتضحيات التي بذلها الآباء والأجداد ليسلمونا أوطانًا عزيزة. ولكن هذه المناسبات لن يكون لها وزن حقيقي بعيدًا عن المواطنة المسؤولة.

الاحتفال بالعيد الوطني هو فعل رمزي عميق، يجدد العهد مع قيم الوحدة والاستقلال.

ويحي الذاكرة الوطنية ويكرم صناع هذه الامجاد.. فاليوم الوطني فرصة لمساءلة الذات والمجتمع عن مقدار الوفاء للوطن وما تحقق من أحلامه.

إن الاحتفال الحقيقي يبدأ حين نترجم هذه المعاني إلى التزام يومي، لا أن نكتفي بالشعارات والمواكب.

الوطن يبنى بالعقول والضمائر. والتربية الوطنية هي حجر الأساس في صناعة هذا الوعي.

من الأسرة مرورًا بالمدرسة ثم الإعلام والمجتمع عبر نشر قصص النجاح الوطنية، وإبراز الرموز الإيجابية، وتنمية الشعور بالمسؤولية الجماعية.

ولا جدوى من الكلام عن حب الوطن إذا كان الكبار يخرقون القانون أو يهدرون المال العام أمام الصغار.

بناء الأوطان عملية معقدة تتطلب تضافر جهود عديدة من مختلف الفئات، وتترجم من خلال الآليات التالية:

التعليم: يعد أساس التنمية. تعليم الأفراد يساهم في تطوير مهاراتهم وزيادة وعيهم الاجتماعي والثقافي والفكري. التربية الوطنية ليست مادة مدرسية معزولة، بل منظومة سلوكيات وقيم تمارس وتترسخ في الحياة اليومية. والتعليم يعد أداة التمكين وله دور كبير في المساهمة في تعزيز المواطنة عبر زيادة الوعي، وتطوير المهارات النقدية، وتحفيز النقاش، وتعليم المهارات النقدية، وتوفير الفرص، وتشجيع التطوع.

التنمية الاجتماعية: دعم الفئات المهمشة وتعزيز التماسك الاجتماعي يساهم في يناء مجتمع قوي ومترابط.

الثقافة: الحفاظ على الهوية الثقافية وتعزيز الفنون والآداب التي تساهم في تعزيز الانتماء الوطني.

العدالة: تطبيق القانون بشكل عادل يضمن حقوق الأفراد ويعزز الثقة في المؤسسات.

البيئة: عبر حمايتها واستدامتها لضمان مستقبل الأجيال القادمة.

هذه العناصر تتطلب عملًا جماعيًا وتعاوناً بين الدولة والمجتمع المدني والقطاع الخاص.

المواطنة ليست جواز سفر أو بطاقة شخصية، بل التزام ومسؤولية. وكل مواطن هو خلية في جسد الوطن، بصلاحه ينمو الوطن، وبفساده ينهار. ويزدهر باحترامه الأنظمة والتزامه بالقوانين، والمحافظة على الممتلكات العامة.

تبني الاوطان بالعمل والإنتاج، كل جهد صادق في الزراعة أو التعليم أو الصناعة هو لبنة في بناء الوطن. وبرفض الفساد وخطابات الكراهية، ما بين الأعياد الوطنية وحقيقة المواطنة خط رفيع يفرق بين الاحتفال الشكلي والالتزام العملي.

الوطن لا يقوم بالأغاني وحدها، بل بالعمل الصادق والتربية الراسخة والضمير الحي. وحين يفهم المواطن أن الوطن بيته الكبير ومسؤوليته اليومية، تتحول الأعياد الوطنية من مجرد ذكرى عابرة إلى وعد متجدد الوفاء، والعطاء والنهضة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى